عقل للإيجار!!
عصام داري:
حاصرتني المشكلات من كل حدب وصوب، مثلي مثل ملايين المواطنين السعداء، الأمر الذي جعلني أصاب بالصداع منذ أكثر من شهر.
هي مشاكل عادية نتعرض لها يومياً، لكن التفكير فيها يشعرنا بالإحباط وخيبات الأمل ووجع الرأس، لذا من الأفضل الابتعاد قدر الإمكان عن التفكير.
لذا قررت وضع عقلي على وضعية التشغيل الآلي، كما يحدث في قيادة الطائرات، وما عليه إلا أن يبحث عن أفضل الحلول لهذه المشكلات فقد تفيدني، وبالتالي سأنشر الفوائد المرتجاة فربما يستفيد منها الناس أصحاب المشكلات المشابهة فأنال الأجر والثواب.
بالفعل توصل عقلي لحلول الكثير من المشكلات اليومية، فقررت أن أذكر بعضها بغرض اطلاع الجماهير الكادحة عليها.
عن مشكلة الحصول على الخبز توصل عقلي وهو في وضع «التشغيل الآلي» إلى حل مذهل، فإما أن أتناول الكاتو بدلاً من الخبز، أو أعود نحو مئة سنة إلى الوراء، حيث يتم عجن الطحين في البيت وخبزه على فرن بدائي كما كانت تفعل الجدات، وهو خبز شهي وأفضل ألف مرة من الخبز الذي نشتريه من أفران مؤسسات الخبز والطحين والعجين!.
بالنسبة للغلاء الفاحش فالحل يأتينا من السيد السيسي الذي قال: إذا كانت السلعة غالية فلا نشتريها، ونِعمَ الحل يا سيدي الرئيس!.
وعن المشكلات المتعلقة بالسيارة من توفير البنزين والزيت والصيانة، فالحل هو أن نبيع سياراتنا ونستعيض عنها إما بالدراجات الهوائية أو تلك التي تعمل على البطارية، أو العودة إلى عصر الدواب والحمير، وهي وسيلة تنقل مضمونة.
نأتي إلى مشكلة كل شتاء، أي التدفئة، وبما أن الخمسين ليتراً التي توفرها لكم الحكومة لا تكفي سوى لأيام معدودات، فإن عقلي اقترح عليكم الحلول: فإما أن تعودوا إلى عصر الحطب والتحطيب ومدافئ الفونط القديمة، أو اللجوء إلى وسيلة مجربة وهي البطانيات والثياب الثقيلة، والطاقة الشمسية إن استطعتم إليها سبيلاً!.
لا شك أن مشكلة تأمين السكن من المشكلات العويصة، فالبيت يعني الوطن ومن لا يملك بيتاً لا وطن له، كما قال الراحل محمد الماغوط، وأسعار البيوت صارت بالمليارات وليس بالملايين، لذا فقد توصل عقلي إلى حل عبقري، وهو أن تجتمع عدة أسر وتستأجر بيتاً يؤويها من غوائل الدهر.
وهناك حل بديل هو أن يقوم الناس بشراء خيم (جمع خيمة) ونصبها في محيط المدن، وعندنا والحمد لله أراض كثيرة صالحة لإقامة مخيمات مؤقتة أو دائمة بانتظار إيجاد حل نهائي لأزمة السكن بعد عمر طويل جداً!.
لا تنسوا أن هذه الحلول المذهلة توصل إليها عقلي في ساعة من الزمن وهو في وضعية التشغيل الآلي، أي إنني لست مسؤولاً عن هذه النتائج الخنفشارية التي قد تعجب بعض الناس.
وبما أني غير قادر على التفكير في الحالة العادية، ولا في حالة تشغيل عقلي آلياً، فإنني أعرض عقلي للبيع، وأعد من يود أن يشتريه بأنني سأكون متهاوداً في السعر، مع ملبّسة!.
صحيفة الوطن – من دفتر الوطن – 12 تشرين الثاني 2024م