جديد 4E

مخاطر الاكتفاء بالأحلام..!

 

السلطة الرابعة- عبد الحليم سعود:

” اللي مالو حظ لا يتعب ولا يشقى” مثل شعبي أو  جملة تراثية يرددها الكثيرون بسبب مفارقات الحياة الكارثية وغير المفهومة التي تتحكم بحاضر ومستقبل أجيال بكاملها.. ورغم أن الجملة عبثية واعتباطية وتستحق الرفض لكونها تقلل من أهمية الجد والعمل والاجتهاد والطموح وتكرس حالة من السلبية والاتكالية في انفس المؤمنين بها، إلا أن واقع الحال يؤكد صحة هذه المقولة ولو على نطاق ضيق.. فثمة من يحصل على كل ما يريد دون أدنى جهد او تعب بل ويصله كل ما يريده وما لا يريده على البارد المستريح كما يقال.. وأقرب شبه لهذه الفئة من المجتمع هو ذكر النحل الذي يأكل بلا عمل ويمارس العقص والقرص واللسع دون أن ينتج عسلا او حتى بصلا.. فوجود مراهق او مراهقة خلف مقود سيارة فاخرة يزيد سعرها على المليارين …او وجود طفل بعمر الست سنوات يحمل جهاز موبايل يتجاوز سعره العشرة ملايين ليرة – وربما أكثر- يكرس كل ما يقال عن الحظ في بلادنا ويدعم مقولة – مخلوق وبتمو ملعقة من ذهب –  ولكن يقابل هذه المقولة مقولة أخرى- اللي مو تعبان بالشغلة ما بيقدر قيمتها- ولذلك ترى مثل هؤلاء الأشخاص يتبارون ويتنافسون بالاستعراض والهدر والفشخرة..!

منذ سنوات طويلة ونحن – كصحفيين- نطالب بطبيعة عمل تتناسب مع الجهد النفسي والعقلي الذي نبذله في تبني قضايا الوطن والناس والدفاع عن حقوقهم، ولكن الجهات المختصة تبدو وكأنها أذن من طين واخرى من عجين، وآخر تجليات هذه المقولة هي طبيعة العمل التي تم إقرارها منذ أيام والتي اقتصرت على ٨% من راتب لا يوازي في الحقيقة اكثر من ٨ % من الراتب الذي ينبغي أن نحصل عليه.. والاكثر سخفا من كل هذا أن هناك من يطبلون لهذا “العطاء” ويتحدثون  عن إنجاز..!

يبدو لي أن الحصول على حقوقنا كصحفيين هو أشبه بالحلم الذي لا يمكن ان يتحقق.. لأن العقلية التي تدار بها الامور في الكثير من مواقع المسؤولية تبدو وكأنها عقلية قاصرة وخارج الزمن وأصحابها من كوكب آخر *.

أقول لزملائي الصحفيين- على فكرة ماضل صحافة ولا من يتصحفون – لا تحلموا كثيرا ولا تتعبوا انفسكم بل ابحثوا عن حقوقكم وأمنوا احتياجاتكم خارج الكوكب. وكما يقول الشاعر ..لا يؤلم الجرح الا من به ألم.. ولذلك لا أحد يشعر بألمكم ولا احد يعنيه التخفيف من متاعبكم وآلامكم.. بل الجميع مشغول بخلاصه الفردي والشخصي ولو على حسابكم وحساب احلامكم..!

كوكبة من زملائنا الأعزاء قضوا بسبب أمراض القلب والضغط النفسي الذي يتعرضون له.. ولم يجدوا من يقدر لهم هذا الجهد والتعب ولو بوجبة افطار واحدة في رمضان او بسلة غذائية واحدة تخفف عنهم اعباء ارتفاع الأسعار.. وهناك من يدبج الخطابات الجوفاء في المناسبات المختلفة للحديث عن المكاسب والمزايا..!

*الكوكب الآخر: هو كوكب جديد اكتشفته مؤخرا بعد سماعي لبعض التصريحات الخاصة بالشأن المعيشي.