جديد 4E

تعمّقت فجوة الثقة بالحكومة لغياب موازنة المواطن.. د. أيهم أسد في العلوم الاقتصادية يقترحُ مازحاً منصة “دفعتُ رشوة” لمحاسبة المرتشي ..

 

جمعية العلوم الاقتصادية تطرق بجرأة موضوع شفافية إدارة المال العام .. د أيهم : كلما ارتفعت شفافية المال العام قل الفساد والهدر

سورية لم يدخل اقتصادها في إدارة المال العام إلى ميدان الشفافية التي مازالت بحدودها الدنيا

 

السلطة الرابعة – سوسن خليفة :

استوقفني  عنوان المحاضرة ( شفافية إدارة المال العام ) كون هذا الموضوع جديد في الطرح ويتعلق بأمور مالية غاية في الأهمية بمنعكساتها على الواقع الاقتصادي خاصة في وضع اقتصادنا اليوم وما نعانيه من أزمات. وهذا العنوان يُحسب لجمعية العلوم الاقتصادية الذي اختارته ليكون من المواضيع المثارة على الساحة الاقتصادية من خلال ندوة الثلاثاء الاقتصادي لشهر شباط.

وهذا ما أكده بالفعل ( الدكتور أيهم أسد ) في البداية حيث أشار إلى أن المحاضرة من المواضيع القليلة المطروحة في الاقتصاد السوري وهناك شيئاً معيناً يجب أن نسلط عليه الضوء أين هو موقعنا في دول الجوار في شفافية إدارة  المال العام .. وكذلك موقعنا الاقليمي..؟ وماذا نعرف عن الموازنة العامة للدولة وعن البيان المالي الحكومي والمال العام المهدور، والمخاطر في إدارة المال العام ..؟

وقال : محاضرتنا اليوم انطلاقاً من حقك أن تعرف عائدات الرسوم ، نفقات أي وزارة، قيمة الضرائب المدفوعة، إلخ…

بداية توجهنا بالسؤال إلى المحاضر قبيل بدء المحاضرة عن سبب اختياره لهذا الموضوع فقال : أحببتُ أن أخوض فيه كوني عملتُ عليه وأعطيه في المعهد الوطني للإدارة العامة منذ 4 سنوات، وكوننا في سورية بعيدين عنه ولم نقترب منه ، وهم لم يقتربوا منا.

قدم المحاضر لمحة عن السياسة العامة لإدارة المال العام وشفافية إدارته وخصائصه. موضحاً بأن السياسة العامة عبارة عن سلوك وأداء الحكومة وما تقوم به الحكومة وما لا تقوم به. وحالياً ما نشهده على أرض الواقع إما قرار لتغيير واقع، أو اقرار لتغييره، وكلما ارتفعت شفافية المال العام قل الفساد وهدر المال.

وإجابة على تساؤل المحاضر عن ماهية إدارة المال العام يقول د. أيهم تشمل كل النظم القانونية والاجراءات التي تمكن الوزارات والهيئات والمؤسسات من ممارسة نشاطها وذلك لضمان الاستخدام الأمثل للمال العام واحترام معايير الفعالية والشفافية والنزاهة.

وتتكون الشفافية من المصداقية التي تضم الافصاح للإعلان عن المعلومات والوضوح في عرض البيانات بطريقة سهلة إضافة إلى المشاركة في تعدد الجهات التي تشارك في اعداد البيانات.

وتطرق المحاضر إلى إدارة المال العام بالوصول إلى الموازنة المفتوحة حيث تنشر الحكومة الموازنة على المواقع الالكترونية مع بعض الاستثناءات، من باب أن الرأي العام والجمهور يجب أن يكونا على إطلاع. وهذا مطبق عربياً في مصر والأردن.

ثم انتقل المحاضر إلى الأهمية السياسية لإدارة المال العام حيث تعزز القدرة على مراقبة ومحاسبة الحكومة وتعزز الثقة السياسية والرقابة البرلمانية. أما الأهمية الاقتصادية فتضم الداخلية والدولية، حيث تسهم الأهمية الاقتصادية الداخلية بزيادة ثقة المستثمرين وتعزز الثقة بين دافعي الضرائب والحكومة ويتم من خلالها متابعة عدالة الانفاق. أما الأهمية الاقتصادية الدولية فتزيد ثقة المستثمرين الخارجيين وأيضا الثقة بمناخ الاستثمار وزيادة ثقة المنظمات الدولية. بينما تزيد الأهمية الاجتماعية لإدارة المال العام الثقة بالحكومة وتعزز التشاركية وتضفي الطابع الديمقراطي.

ولخص د. أيهم خصائص شفافية إدارة المال العام بالنقاط التالية:

  • وضوح الأدوار والمسؤوليات
  • علانية عمليات الموازنة
  • إتاحة المعلومات للاطلاع العام
  • ضمانات موضوعية تتعلق بالثقة والوضوح ودقة البيانات

مورداً أدوات شفافية إدارة المال العام عبر مشاركة الجمهور والأدلة المالية والموازنة المفتوحة وموازنة المواطن. إذ أن هناك موازنة المواطن تهدف إلى ردم فجوة الثقة بين الحكومة والمواطن وكثير من الدول تطبق موازنة المواطن.

الحالة السورية

وبالانتقال إلى الحالة السورية نجد أنه ما زالت مقومات شفافية إدارة المال العام في الاقتصاد السوري وفق تعاريف ومكونات الشفافية السابقة في حدودها الدنيا، فالكثير من البيانات المالية لا تنشرها الحكومة لعموم المواطنين، ولا تقدمها حتى للمختصين لمناقشتها علناً، أو لمعرفة آرائهم العلمية فيها،  فالحكومة مثلاً لا تنشر مشروع الموازنة العامة للدولة ولا حسابها الختامي، بالوقت الذي لا يوجد فيه تشريعات حكومية تحث الحكومة على ضرورة نشر بياناتها المالية بشكل دوري، فلا قانون يفرض على الحكومة ضرورة نشر بياناتها المالية وإتاحتها للجمهور في أي خطوة من خطوات إعداد الموازنة، وغالباً ما تعطي الحكومة الكثير من الخصوصية لبياناتها المالية وتقيد الحصول عليها.

موازنة المواطن في مصر

أما من ناحية شفافية التشريعات تقوم الحكومة بنشر مجموعة التشريعات المالية التي تصدر بشكل متقطع وتخص القضايا المالية الأساسية كنشر قانون اعتمادات الموازنة للدولة بشكل سنوي، وعلى مستوى نشر التشريعات المالية للحكومة المتعلقة بالضرائب والرسوم، فإن التشريعات المذكورة كافة مع التعديلات التي تطرأ عليها كلها منشورة بشكل أساسي ومتاحة لجمهور المختصين وجمهور العامة من خلال موقع الهيئة العامة للضرائب والرسوم.

لكن بالوقت نفسه فإن أياً من النتائج الاقتصادية أو المالية الناتجة عن هذه التشريعات المالية لا يُنشر من قبل الحكومة، فالحكومة لا تقدم على سبيل المثال أي معلومات لعموم الجمهور عن الحصيلة الفعلية لرسم الإنفاق الاستهلاكي أو ضريبة الدخل المفروضين بموجب التشريعات السابقة وتعديلاتها، أو كيف سيكون أثرهما المالي على الخزينة العامة، وعلى الفئات الاجتماعية المستهدفة، وبالتالي قد لا تصل النتيجة النهائية للجمهور من جراء فرض الحكومة لهذه التشريعات، فلا الحكومة أقنعت المواطنين بالأهمية المالية والاقتصادية لهذه التشريعات، ولا المواطن رأى منها أكثر من عبء مالي إضافي تحمله الحكومة إياه، وتبقى فجوة الشفافية المالية قائمة بين الحكومة والمواطن عند هذه النقطة تحديداً، وهذا ما ينطبق على الكثير من التشريعات المالية التي لا تقدم الحكومة على نشر “تحليل أثر” اقتصادي واجتماعي لمضمونها.

وبالعموم أكد المحاضر على أن الشفافية مثلما هي مطلوبة من طرف الحكومة أيضاً على الجانب الآخر من أفراد ومؤسسات عامة وخاصة أن تتمتع بالشفافية في تقديم بياناتها وأرباحها وإلخ…

أدار الندوة السيد محمد بكر مشيراً إلى أهمية الموضوع المطروق وترك المجال للمداخلات والمناقشات

المداخلات

  • د. نبيل سكر: كيف نقنع الحكومة بضرورة اعتماد الشفافية وحق المواطن بالمعرفة..؟

أجاب المحاضر:  كلامك صحيح واليوم المشكلة كيف نقنع بالنشر، هذا قرار سياسة عامة يفترض أن يقوم بهذا الدور مجلس الشعب.

  • وتساءل البعض لماذا تمتنع وزارة المالية عن نشر الموازنة والمفروض أن يكون النشر متاحاً لأنه يردم فجوة الثقة بين المواطن والحكومة..؟
  • السيدة وصال أحمد أشارت إلى وجود تداخل بالموازنة بين أكثر من وزارة في بعض الأمور. لافتة إلى أهمية موضوع الحوكمة. وأكد د. أيهم بأن الحوكمة تحتاج إلى محاضرة خاصة.
  • الزميل ميشيل خياط قال: كسر ظهر المعلومات بإيقاف الصحف الورقية.
  • د. عامر خربطلي أوضح أن مشروع الموازنة ينشر في الجريدة الرسمية لكن ما لا ينشر هو عجز الموازنة. والقضية ما الفائدة من النشر أو عدم النشر. والحاجة إلى مراكز دراسات لتحليل الأرقام. بدوره د. أيهم قال بأن هذا الكلام دقيق وصحيح.
  • وفي الختام قال المحاضر على سبيل المزاح ترسيخاً للشفافية لو يتم وضع منصه .. ” أنا دفعت رشوة ” لمحاسبة المرتشي