جديد 4E

صراعُ الارتفاع والانخفاض

علي محمود جديد

كم مللنا من هذه العبارة ( مستوى المعيشة ) التي نطرحها بشكل شبه يومي .. بلا جدوى، وكل المحاولات المُعلنة من أجل الوصول إلى نتيجة واقعية تتيح لنا تركيب جملة مفيدة من هذه العبارة بإدخال كلمة ( ارتفاع ) لنجعلها جملة مستقرّة بهذا المنحى، لها دلالاتها على الأرض وعلى حياتنا العامة .. باءت بالفشل، فالنتيجة التي نحاول دفعها بهذا الاتجاه، تصطدم بصخور وعقبات تمنعها من الوصول إلى هذا المكان من العبارة، الذي تحتله كلمة ( انخفاض ) لتبقى العبارة مُلازمة لهذه الكلمة بكل ما تعنيه من الحرمان وسوء حال الناس، ولا ندري لماذا تنجح كلمة ( انخفاض ) بشكلٍ مستمر، وتشوطُ كلمة ( ارتفاع ) بقوة لتبعدها عن مشهد العبارة المأمولة كلياً ..؟!

إنّ أهمّ الركائز التي تعتمدها الحكومة من أجل مساعدة المحرومين وسيئي الأحوال على إزاحة ( الانخفاض ) من مكانه، وتثبيت ( الارتفاع ) على أرض الواقع، هي ركيزة قوية وهامة جداً اسمها ( وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ) التي يصلها اليوم وزير جديد في أول يوم دوامٍ رسمي له فيها، ومع أمنياتنا له بالخير والتوفيق – الذي سيكون من خيرنا وتوفيقنا كمواطنين – نعتقد أنّه ليس للسيد ( طلال البرازي ) أن يفرح كثيراً بهذا المنصب، الذي يعني بالنهاية مسؤولية كبيرة تقع على عاتقه، ولكن بمقدار ما هي مسؤولية صعبة وعسيرة، فبالإمكان أن تكون سهلة وميسرّة .. ولكن كيف ..؟!

عند أداء الوزير البرازي اليمين الدستورية أمام السيد رئيس الجمهورية يوم الخميس الفائت، أوجز الرئيس الأسد بعبارة قليلة وبليغة فعلاً، كل ما هو مطلوب لضمان نجاح الوزير البرازي بمهمته الجديدة، فقد أكد له السيد الرئيس على (ضرورة اضطلاع وزارة التجارة الداخلية بمسؤولياتها وخاصة فيما يتعلق بضبط الأسواق ومراقبة الأسعار ومنع التلاعب بها واحتكار المواد ) فما هي مسؤوليات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ..؟

في الحقيقة هذه المسؤوليات مقرّرة بالقانون / 37 / لعام 2018 / الذي يحدد مهام وزارة التجارة الداخلية، والذي جاء في مادته الثانية (تتولى الوزارة اقتراح السياسة العامة للدولة في قطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك والإشراف على تنفيذها، وتأمين البيئة المناسبة للأسواق الداخلية والمحافظة على استقرارها، ورسم الاستراتيجيات ووضع وتنفيذ الخطط المؤدية إلى ضمان توفر المواد والسلع الأساسية بما يساهم في رفع مستوى المعيشة ).

إذن تلك هي المعادلة والمعيار .. رفع مستوى المعيشة .. وهكذا عدنا إلى حيث ابتدأنا .. إلى ذلك الصراع بين الارتفاع والانخفاض لملازمة مستوى المعيشة، فكي ينجح الوزير الجديد في مهامه – وهذا ما نرجوه ونتمناه – ما عليه سوى أن يضع عبارة السيد الرئيس المقتضبة والبليغة بين عينيه .. ويبدأ التنفيذ بلا هوادة، فهي عبارة مُستقاة من روح الواقع والقانون.