قيس بن الملوح (مجنون ليلى)
تذكرت ليلى والسنين الخواليا … وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا
ويوم كظل الرمح قصرت ظله… بليلى فلهاني وما كنت لاهيا
بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي … بذات الغضى تزجي المطي النواجيا
فقال بصير القوم وألمحت كوكبا … بدا في سواد الليل فرداً يمانيا
فقلت له بل نار ليلى توقدت … بعليا تسامى ضوؤها فبدا ليا
فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى … وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
فيا ليل كم من حاجةٍ لي مهممةٍ … إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا
خليلي إن لا تبكياني ألتمس … خليلاً إذا أنزفت دمعي بكى ليا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما … يظنان كل الظن ان لا تلاقيا
لحى الله أقواماً يقولون إننا … وجدنا طوال الدهر للحب شافيا
ولم ينسني ليلى افتقار ولا غنى … ولا توبة حتى أحتضنت السواريا
ولا نسوة صبغن كيداء جلعداً … لتشبه ليلى ثم عرضناها ليا
خليلي لا والله لا أملك الذي … قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها … فهلاِ بشيء غير ليلى ابتلانيا
وخبرتماني أن تيماء منزلاً … لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت … فما للنوى ترمي بليلى المراميا
فلو أن واشٍ باليمامة داره … وداري بأعلى حضرموت أهتدى ليا
وماذا لهم لا أحسن الله حالهم … من الحظ في تصريم ليلى حباليا
وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل … بي النقض والإبرام حتى علانيا
فيا رب سوِ الحب بيني وبينها … يكون كفافاً لا عليا ولا ليا
فما طلع النجم الذي يهتدى به … ولا الصبح الا هيجا ذكرها ليا
ولا سرت ميلاً من دمشق ولا بدا … سهيلٍ لأهل الشام إلأ بدا ليا
ولا سُميت عندي لها من سميةٍ … من الناس إلا بل دمعي ردائيا
ولا هبت الريح الجنوب لأرضها… من الليل إلا بت للريحِ حانيا
فأن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها … عليّ فلن تحموا عليَّ القوافيا
فأشهد عند الله أني أُحبها … فهذا لها عندي فما عندها ليا
قضى الله بالمعروف منها لغيرنا … وبالشوق مني والغرامِ قضى ليا
وأن الذي أملتُ يا أم مالك … أشاب فويدي واستهان فواديا
أعد الليالي ليلة بعد ليلة … وقد عشت دهراً لا اعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني … أحدث عنك النفس بالليل خاليا
أراني إذا صليت يممت نحوها … بوجهي وأن كان المصلي ورائيا
وما بي إشراك ولكن حبها … وعظم الجوى اعيا الطبيب المداويا
أحب من الأسماء ما شابه اسمها … ووافقه أو كان منه مدانيا
خليلي ليلى أكبر الحاجِ والمُنى … فمن لي بليلى أو فمن ذا لها بيا
لعمري لقد أبكيتني ياحمامة العقيـــــق وأبكيت العيون البواكيا
خليلي ما أرجوا من العيش بعدما … أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا
فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى … فزني بعينيها كما زنتها ليا
وتُجرِم ليلى ثم تعزم أنني سلوت ولا يخفى على الناس ما بيا
فلم أرى مثلينا خليلي صبابةً … أشد على رغم الأعادي تصافيا
خليلي أن ضنوا بليلى فقرّبا… لي النعس والأكفان واستغفرا ليا
خليلان لا نرجو اللقاء ولا نرى … خليلين لا يرجوان التلاقيا