قيمة الاغذية التي تعتمد عليه عالميا 577 مليار دولار كل عام ..النحل يحقق تنمية مستدامة و يزيد الغلة بنسبة 25%
المهندس عبد الرحمن قرنفلة
تلك المخلوقات الصغيرة ، التي تطير بشكل رشيق من زهرة إلى زهرة ، تقوم في الواقع بعمل عظيم للبشرية جمعاء. وبدون أولئك العمال المتواضعين ، ستكون حياتنا أسوأ بكثير مما نعتقد. ففي نهاية المطاف هي تساهم كثيرًا في ما نأكله ، وفي نوعية حياتنا ، لأن الله أوحى اليها دورها في الحياة و جعلها ملقحات مثالية.
لقد استحوذت ممارسة تربية النحل على اهتمام الحضارات الإنسانية لآلاف السنين ، حيث كانت بمثابة مصدر حيوي للعيش وكان يعتقد أن النحل نفسه من أصل إلهي وهو دموع إله الشمس رع . وتم العثور على صورة النحل في العديد من المباني الدينية للحضارات القديمة، كما تم استخدام العسل لعلاج الجروح والحروق ولمكافحة التهابات العيون واستخدم كعنصر في تحضير الأدوية.
عسل مخزن من 3000 عام صالح للأكل
ومع ذلك ، فإن تتبع أصول هذا التقليد القديم كان لفترة طويلة موضوعًا للانبهار والبحث العلمي. ألقت الاكتشافات الأثرية الضوء على العثور على عسل عمره 3000 عام خلال التنقيب الأثري في وادي الملوك و في مقبرة توت عنخ آمون (1332-1323 قبل الميلاد)، من بين العديد من العناصر الأخرى ، تم العثور على وعاء مغلق جيدًا يحتوي على العسل و علماء الآثار الشجعان جدا ذاقوا هذا العسل وتبين أنه صالح للأكل. وكان لترك العسل في مقبرة توت عنخ آمون مع الفرعون الميت رمزية كبيرة. كان يعتقد أن هذا المنتج ضروري في الحياة الآخرة كما كان في الحياة الدنيا. إنه لذيذ ويمكنه شفاء الامراض ويأتي من النحل ، الذي له أصل إلهي أيضًا .
بفضل خصائصه ..للعسل صلاحية استهلاك غير محددة :
ولكن هل يمكن حقًا تخزين العسل لفترة طويلة ؟ إن عمر العسل 3000 عام هو ببساطة أمر لا يصدق. اتضح أن هذا ممكن تمامًا ، وذلك بفضل خصائص العسل.
- هناك القليل جدا من الرطوبة في العسل المباع بالبقاليات ، أما في العسل الناضج فتبلغ 16-19 % فقط . لذلك لا يمكن للبكتيريا والكائنات الحية الدقيقة أن تتطور فيه وتموت.
- العسل له خصائص حمضية. الرقم الهيدروجيني لها هو 3.5. لا يمكن للبكتيريا أن تتطور في مثل هذه البيئة.
- النحل يثري الرحيق . تحتوي غدد النحل على إنزيم خاص ، هو أوكسيديز الجلوكوز ، الذي يمتزج مع الرحيق الذي يجمعه النحل لإنتاج بيروكسيد الهيدروجين ، الذي يقتل الميكروبات.
- بفضل هذه الخصائص والتخزين السليم، يمكن تخزين العسل لفترة طويلة جدًا.
النحل يحقق اهداف التنمية المستدامة
في عام 2015 ، وضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة 17 هدفًا للتنمية المستدامة. وسيؤدي تحقيقها إلى القضاء على الفقر والصراعات العنيفة وانتهاكات حقوق الإنسان وتغير المناخ والتدهور البيئي.
- يلعب النحل دورا حاسما في توفير الغذاء المستدام لسكان العالم الذين تتزايد اعدادهم سنويا ً ( الهدف 2 من اهداف التنمية المستدامة )
- يساعد النحل على التنوع البيولوجي ومرونة النظم الايكولوجية (الهدف 15 من اهداف التنمية المستدامة )
- يساهم النحل في بناء سبل عيش مستدامة وخلق فرص عمل جديدة وخاصة لمزارعي الحيازات الصغيرة من خلال تلبية الطلب على الغذاء الصحي والمغذي (الهدف 1 و 9 من اهداف التنمية المستدامة )
- انخفاض اعداد النحل والناجم عن الممارسات الزراعية المكثفة وتغيرات استخدام الاراضي واستخدام المبيدات الحشرية والظروف المناخية الاكثر تطرفا تؤدي الى تفشي الامراض وزيادة سوء التغذية والأمراض المعدية مما يسبب مشاكل صحية للبشر بجميع انحاء العالم (الهدف 3 و 13 من اهداف التنمية المستدامة )
- التلقيح هو الاكثر اهمية للإنتاجية الزراعية وإذا تمت ادارته بشكل افضل فمن الممكن زيادة العائدات بنسبة 25% (الهدف 8 من اهداف التنمية المستدامة )
بدون النحل لن تكون لدينا زراعة فاعلة :
للنحل فوائد اقتصادية متعددة الجوانب ، فهو يقوم بتلقيح النباتات و يلعب دورًا كبيرًا في انتاج الغذاء. حيث تنتج معظم النباتات المزهرة البذور فقط ، والتي لن تتحول إلى ثمار مغذية ما لم تقوم الملقحات بعملها وتنقل حبوب اللقاح من المتك – أي المئبر – إلى مياسم أزهارها.
وبطبيعة الحال، يمكن تلقيح بعض النباتات عن طريق الرياح.. ولكن يتم تلقيح معظم النباتات عن طريق الحشرات. وتسمى هذه النباتات بالنباتات الحشرية. وبعض الملقحات الأكثر فعالية هي النحل ، الذي يشارك في تبادل المنفعة المتعددة الأطراف. اذ يستخدم النحل حبوب اللقاح لتغذية نسلهم وفي نفس الوقت يساعد النباتات على نقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى ، مما يزيد من إنتاجيتها ويحسنها، فضلاً عن استفادة النحل المعروفة من الرحيق، واستفادة الإنسان من منتجات النحل.
وتؤكد منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة FAO ، انه يتم تلقيح 75% من النباتات المزهرة عن طريق الحشرات والطيور والخفافيش. ويعتمد ما لا يقل عن ثلث المحاصيل الزراعية في العالم على هذه الملقحات الصغيرة التي تعمل بجد. وبعبارة أخرى ، من كل ثلاث قضمات نستهلكها هناك قضمة تعتمد على التلقيح.
من المهم جدًا مزامنة اللحظة التي تحتاج فيها النباتات إلى التلقيح مع توفر عدد كافٍ من الملقحات في ذلك الوقت. في كاليفورنيا ، لتلقيح 420 ألف فدان ، لا يعتمد المزارعون على الملقحات التي تعيش في المنطقة فقط. إنهم يعتمدون على مربي النحل من جميع أنحاء الولايات المتحدة لزيادة انتاج محاصيلهم وتحسين نوعيتها . حيث يستلزم تلقيح اشجار هذه المساحة الكبيرة حوالي مليون مستعمرة نحل. ولهذا السبب يأتي النحالون من جميع أنحاء الولايات المتحدة كل عام إلى كاليفورنيا لتلقيح اشجار مزارع اللوز.
وبدون التلقيح، لا يمكن أن تكون هناك زراعة فعالة.
العائد الاقتصادي من تربية النحل
من الثابت علميا أن النحل يحقق فوائد اقتصادية هائلة من خلال تأبير النباتات . حيث يحقق النحل البري قيمة قدرها 3251 دولارًا للهكتار الواحد عند تأبير النباتات. في حين أن النحل المنزلي الذي يحتفظ به النحالون يحقق قيمة قدرها 2913 دولارًا للهكتار الواحد. ومن الملاحظ أنه في غياب التلقيح ، لن يتم إنتاج 5-8 في المائة من الإنتاج الزراعي في العالم ، الأمر الذي سيهدد بتخفيض الإمدادات الغذائية في العالم. وخلال الخمسين عاماً الماضية زاد الإنتاج الزراعي الذي يعتمد على التلقيح بنسبة 300%.
تم تقدير قيمة جميع الأغذية التي تعتمد على التلقيح بما يتراوح بين 235 مليار دولار و 577 مليار دولار سنويا ، وهي تنمو كل عام. وتعكس هذه الأرقام الدور المهم الذي يلعبه النحل وباقي الملقحات في حياة الناس على هذا الكوكب.
المحاصيل التي تعتمد على تأبير النحل :
المحاصيل التي تعتمد بنسبة 90% في اخصابها على التأبير بواسطة النحل والملقحات :
اليقطين ، الشمام او البطيخ الاصفر ، البطيخ الاحمر ، الكاكاو ، الجوز البرازيلي ….
المحاصيل التي تعتمد بنسبة 40 – 90% في اخصابها على التأبير بواسطة النحل والملقحات :
التفاح والمشمش والتوت والكرز والمانجو والخوخ والكمثرى والتوت والأفوكادو واللوز والكاجو وجوز الكولا
المحاصيل التي تعتمد بنسبة 10- 40 % في اخصابها على التأبير بواسطة النحل والملقحات
عباد الشمس ، بذور اللفت ، السمسم ، بذور الخردل ، فول الصويا ، الفراولة ، الكشمش ، التين ، عنب الثعلب ، الباذنجان ، جوز الهند ، البامية ، حبوب القهوة.
المحاصيل التي تعتمد بنسبة 0- 10 % في اخصابها على التأبير بواسطة النحل والملقحات
البرتقال ، الطماطم ، الليمون ، الليمون الحامض ، البابايا ، النخيل ، بذور الخشخاش ، بذر الكتان ، البازلاء البقرية ، الفول السوداني.
المحاصيل التي لا تعتمد في اخصابها على التأبير بواسطة النحل والملقحات :
القمح ، الذرة ، الأرز ، الذرة الرفيعة ، الشعير ، الجاودار ، الدخن ، الشوفان ، الكسافا ، البطاطس ، البطاطا الحلوة ، الجزر ، البازلاء ، الحمص ، الموز ، الأناناس ، العنب ، الخس ، الفلفل ، قصب السكر ، بنجر السكر ، الثوم.