في محاولة للدفع أكثر بتفعيل الشركات المساهمة.. محمد الحلاق يربطها بهوية الاقتصاد وبالاستقرار السياسي والأمني
الالزام بتأسيس شركات مساهمة يخلق أدوات استثمارية وتمويلية
السلطة الرابعة – سوسن خليفة :
يبدو أن الأستاذ محمد الحلاق من متابعي وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة (الترندات) التي يتسابق عليها من يحب التميز، وتجلى ذلك في بداية محاضرته بندوة الثلاثاء الاقتصادية لهذا الشهر التي تقيمها جمعية العلوم الاقتصادية في المركز الثقافي في أبو رمانة والتي صادفت التاسع منه. إذ بدأ حديثه بالقول يبدو أن ترند هذه الأيام الشركات المساهمة، حيث أعلن مؤخراً عن بدء العمل بتأسيس شركة مساهمة مغفلة لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، وتأسيس مصنع للإسمنـــــت ( شركة مساهمة )
واستعرض الحلاق تاريخ الشركات المساهمة في سورية قديماً
بدأ من شركة التبغ والتنباك التي تأسست عام 1907، وكانت من أوائل الشركات المساهمة في سوريا. وشركة النسيج السورية، و الشركة الخماسية، وشركة مصانع الحديد والصلب.
لا يمكن الحديث عن الشركات المساهمة دون الدخول بتفاصيل هامة عن الشركة الخماسية التي حُدد رأس مالها بعشرة ملايين ليرة سورية، وتم رفعه إلى 15 مليوناً لشراء معمل للنسيج من أمريكا، كان هذا الرأسمال هو الأكبر في تاريخ سورية الصناعي، في وقت كانت ميزانية الدولة لذلك العام لا تتجاوز 107 مليون ليرة سوري
تم تأميم الشركة بتاريخ 20/7/1961 بموجب القانون رقم ( 117 ) الصادر عن رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر خلال الوحدة مع مصر، حيث بدأت تتزعزع الثقة بالاستثمار و شراء الأسهم والملكيات العامـــــة، الخ
وفي عام 1976 ظهرت الشركة العربية السورية للمنشآت السياحية، شركة مساهمة عامة أسسها رجل الأعمال الراحل عثمان العائدي بالشراكة مع القطاع العام ( وزارة السياحة )
و من ثم ظهرت الشركات الأهلية ( في حماه ) والمصارف العادية والإسلامية كشركات مساهمة عامة.
وبلغ تعداد الشركات المساهمة المدرجة أسهمها ضمن سوق الأوراق الماليــــــــــة ( بورصة دمشق ) 28 شركة
يشكّل القطاع المصرفي حوالي 71 % من القيمة السوقية الاجمالية للأسهم، ومن ثم القطاع الصناعي يشكل 12 % و قطاع الاتصــــــــــــــــــــالات 10 % والتأمين 5 % و الخدمي و الزراعي 1 % ( احصائيات 30 / 4 / 2024 )
وأهم ما يميّز هذه الشركات هو الإدارة لافتاً إلى أهمية عقلية القطاع الخاص بهذا المجال.
ثم انتقل المحاضر إلى الحديث عن أنواع الشركات وخصائصها حسب نوع الشركة.
ورأى أن الشركة المساهمة المغفلة هي هجينة بين الشركة المساهمة العامة والشركة المساهمة الخاصة. وبيع وشراء الأسهم فيها يقتصر على المؤسسين. ويمكن ادراجها في البورصة بعد عامين من مزاولة نشاطها.
وبالنسبة لشروط تأسيس الشركة المساهمة في سوريا يقول الحلاق يجب أن لا يقل عدد المؤسسين عن خمسة أشخاص. و يحدد رأس مالها بشكل دقيق، ويتم تحرير النظام الأساسي للشركة وتصديقه من قبل الجهات المختصة.
وحدد نقاط القوة بتوفر الموارد المالية، وسهولة جمع رأس المال، والخبرة و الإدارة الكفوءة ، والوصول إلى الأسواق، والنمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتوفر بيئة عمل إيجابية والابتكار إلى جانب دعم المجتمعات المحلية والحفاظ على الاستدامة البيئية. مما يساهم في خلق عالم أكثر استدامة وإنصافًا وازدهارًا.
وبالنسبة لنقاط الضعف لخصها المحاضر بعدة نقاط منها:
البيئة السياسية والتشريعية، والنقص في البنى التحتية والمهارات والكفاءات، والفساد، الأسواق الجديدة وأهمية الموقع الجغرافي المتميز، والموارد الطبيعية وأهمية استثمارها بالشكل الأمثل، والإصلاحات الاقتصادية من أجل خلق بيئة أكثر ملاءمة للشركات.
أما التهديدات فتمحورت حول استمرار الصراع، والعقوبات الدولية مما يحد من قدرة الشركات على العمل، والمنافسة بين الشركات المحلية والأجنبية، والتغيرات المناخية.
وخلص المحاضر إلى نتيجة مفادها أنه تتوفر للشركات المساهمة في سوريا فرص كبيرة لأخذ دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. ومع ذلك، هناك أيضاً عدد من التحديات التي يجب التغلب عليها.
واقع الشركات المساهمة في سورية:
يرى المحاضر أن الشركات المساهمة في سوريا واجهت تحديات كبيرة خلال الأزمة السورية، مما أدى وللأسف إلى تراجع دورها في الاقتصاد الوطني. كما أنه لم يتم إنشاء شركات مساهمة جديدة خلال فترة الأزمة.
بالأرقام :
أورد المحاضر أرقاماً حديثة لتداول الأسهم في بورصة دمشق لبعض الشركات المدرجة في السوق إذ بلغت القيمة السوقية لأكبــــــــــــر خمس شركات مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية بتاريخ ( 1 / 7 / 2024 )
بنك بركه BBSY – 2.19 تريليون ل س ، بنك قطر الوطني QNBS – 1.74 تريليون ل س، أسمنت البادية ABC – 1.52 تريليون ل س، سيرياتل SYTEL – 1.17 تريليون ل س ، بنك الشام CHB – 0.95 تريليون ل س
مستقبل الشركات المساهمة:
عرض السيد حلاق أسس وشروط عودة ازدهار الشركات المساهمة في سوريا بتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وتحسين بيئة الاستثمار، وشدة جذب الاستثمارات الأجنبية.
ولفت الحلاق النظر إلى أن القانون رقم 11 لعام 2023 والخاص بتحول الشركات إلى شركات مساهمة هام جداً وهو رغبة مجتمع الأعمال، وأصحاب المدخرات البسيطة من أجل استثمارها بالشكل الأمثل وعدم ضياعها. وهو يحتاج إلى تعديل منظومة العمل بالكامل، حيث أن التشابكات الحالية، لا تسمح بالشفافية الكاملة مع الدوائر المالية والتجارة الداخلية والتأمينات الاجتماعية وسواها.
ومن ثغراته عدم القدرة على إجراء إعادة تقييم لأكثر من مرة واحده، كما أنه لم يتطرق لموضوع تعديل قيم الملكية المعنوية، والمخـزون .
كما أن القانون رقم /3/ لعام 2024 الخاص بإحداث وحوكمة وإدارة الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة يتضمن أحكاماً عصرية تدعم عمل الشركات المساهمة، و الذي يهدف إلى الإسهام في تنمية القطاع العام الاقتصادي، من خلال تنظيم إحداث الشركات المساهمة العمومية والقابضة و المشتركة.
وبين الحلاق أن القطاع الخاص يمكنه لعب دور مهم في تحفيز إنشاء شركات مساهمة في سوريا من خلال: الاستثمار في الشركات الناشئة، وتقديم الدعم الاستشاري، والمشاركة في برامج المسؤولية الاجتماعية.
وركز الحلاق على أهمية تجاوز التحديات، التي تواجه عمل الشركات المساهمة من خلال: تحديد هوية الاقتصاد السوري، وتحسين بيئة الاستثمار، و إعادة النظر بالكثير من التشريعات تبعاً للهوية الاقتصادية. إضافة إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال برامج متعددة، وتطوير البنية التحتية ومعالجة الفساد. حينها يمكن للشركات المساهمة في سوريا أن تلعب دوراً هاماً في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وفي ختام المحاضرة توصل المحاضر إلى توصيات من شأنها تسهيل عملية بيع وشراء الأسهم و تداولها خاصة للمستثمر، ودعم إنشاء شركات مساهمة، والتركيز على مميزات الشركات مساهمة من حيث تمتعها بمعدلات ضريبية أقل من الشركات الأخرى، وإعادة النظر بالأسباب التي تُعيق تحوّل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، وزيادة الوعي والمعرفة بأهمية الشركات المساهمة ودورها بالمرحلة الحالية.
ولا شك بأن تشجيع والزام تأسيس شركات مساهمة، سوف يتيح إمكانية خلق أدوات استثمارية وتمويلية جديدة أمام الجهات الراغبة بالحصول على مصادر تمويل وأمام صغار المستثمرين، وفي الختام طالب المحاضر بتعديل القانون 8 لحماية المستهلك بخصوص ممارسة الأعمال والتسعير و هوامش الربحية.
أدار الندوة الدكتور عامر خربطلي الذي أكد على أهمية الدراسات الاقتصادية خاصة في مجال الشركات المساهمة موضوع محاضرتنا لهذا اليوم حيث قدم المحاضر محمد الحلاق بأنه شخصية مثقفة ويمتلك خبرة علمية وعملية أهلته ليكون عضواً في غرفة دمشق وجمعية العلوم الاقتصادية.
المداخلات :
– د. عبد الرزاق قاسم اقترح تحويل القطاع العام إلى شركات مساهمة تملك الدولة حصة فيها وتطرح للاكتتاب في السوق. وفيما يخص الحوكمة والشفافية لا يتوفر وعي ، ولا يوجد تفعيل لآليات الحوكمة.
– نبيل سكر طالب بضرورة وجود مقاربة مقابل الاستثمارات بين الشركات المساهمة وقطاعي المصارف والعقارات.
– دكتور علي كنعان أشار إلى أن صعود الشركات المساهمة وأخذ دورها الفعلي في عملية التنمية يحتاج إلى تعديل القوانين والأنظمة.
– الصحفية ابتسام مغربي قالت تجربة الشركات المساهمة غير مشجعة، وهناك شركات عمرها أربعين سنة لم تقدم أي عمل، وتجربة شركة الشام وتحول الإدارة من الشركة إلى جهة أخرى دون الخضوع للقانون وحقوق المساهمين وأسهمهم غير معروف مصيرها.
– وتضمنت المداخلات أيضاً عدداً من التساؤلات حول عدم نجاح تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة، وغياب العدالة الضريبية الحقيقية، وتبقى مشكلة عدم تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية من أبرز المعوقات التي تواجه التحويل إلى شركات مساهمة.