جديد 4E

أغنام العواس قررت الرحيل بعيداً … من المسؤول عن تحولنا من مصدرين الى مستوردين ؟؟

 

 

كنا نصدر بما يتجاوز 236 مليون دولار كأول دولة عربية وخامس دولة في العالم .. واليوم بتنا خارج التصنيف

 

لإعادة الاغنام السورية كي تأخذ دورها في التنمية الاجتماعية البشرية  والاقتصادية  يقتضي عقد مؤتمر وطني متعدد الأطراف 

 

 المهندس عبد الرحمن قرنفلة:

نعم حتى فترة ما قبل الحرب على سورية كانت صباحات البادية السورية تضج بثغاء عشرات الملايين من رؤوس الاغنام  التي تنتشر كسلاسل الذهب، وتشكل موردا اقتصاديا مهما يدعم خزينة الدولة ويوفر الاف فرص العمل للعاملين بتربية الاغنام مباشرة او بارتباطاتها الامامية والخلفية، وتتيح للمواطن السوري كميات وفيرة من اللحوم والحليب ومشتقاته وبأسعار مقبولة وتمد الصناعة بالصوف والجلود  ومشتقات الحليب من سمن وزبدة وانواع الاجبان والالبان التي تشكل ايضا مادة تصديرية مهمة جدا ومطلوبة خارجيا .

اضافة الى بعد اقتصادي اضافي يتمثل  باستثمار موارد نباتات علفية في المراعي الطبيعية لا يمكن الاستفادة منها الا بالرعي المباشر من قبل الاغنام وكذلك الاستفادة ورعي مخلفات المحاصيل الزراعية ونثر مخلفاتها التي تشكل سمادا طبيعيا في الاراضي الزراعية وحركة اقدامها التي تلعب دورا مهما في تحسين البنية الفيزيائية للترب الزراعية..

تذبذب الاعداد :

وتعتبر الثروة الغنمية من حيث عددها من أكبر مكونات الثروة الحيوانية السورية، إذ تشكل أعدادها 89% من إجمالي أعداد الثروة الحيوانية المنتجة للحوم الحمراء، بينما تمثل أعداد الماعز 6% تقريباً والأبقار نحو 5%، وتشير البيانات الاحصائية الى ان أعداد الاغنام وصلت عام 2007 إلى نحو 22.865 مليون رأس، بينما تدهورت إلى 15.511 مليون رأس عام2011، ثم ارتفعت تدريجياً إلى 17.858 مليون رأس عام2013. ليصل عددها وفق قاعدة بيانات منظمة الاغذية والزراعة الدولية الى 17.8 مليون راس عام 2014 ثم الى نحو 18.11 عام 2016 ويستقر عند 17.71 مليون راس عام 2018 ثم يتحرك الى١٧.٨٤٧ مليون راس عام ٢٠٢٢

وسورية تشتهر بغناها بعرق أغنام العواس، وتشكل لحومها المصدر الأول للحوم الحمراء للمواطن السوري ( 74 % عام 2005 – 66% عام 2013 من إجمالي ما يتناوله الفرد من اللحوم الحمراء)، كما تشكل نافذة تصديرية واسعة ومفتوحة ، فقد بلغت نسبة صادرات الأغنام من إجمالي قيمة الصادرات الزراعية نحو 16% عام 2004. وبقيمة نقدية تجاوزت 236 مليون دولار امريكي انذاك .

 

سورية في طليعة الدول المنتجة و المصدرة للأغنام في العالم

سورية كانت تحتل المرتبة 15 بين الدول المنتجة للأغنام في العالم ، وتعتبر في طليعة الدول الخمس الأولى في تصدير الأغنام الحية في العالم ايضا، وتقليدياً ووفق المؤشرات الفنية المعتمدة من قبل وزارة الزراعة تشكل ولادات الأغنام نحو 80% من عدد الإناث المنتجة،

وتقع بحدود 15.6 مليون ولادة نصفها من الذكور، وبعدد يصل إلى 7.8 مليون رأس، وتبلغ نسبة نفوق المواليد نحو 10% وبما يساوي 780 ألف رأس من الذكور، وبذلك يتبقى 7 ملايين رأس من الذكور معدة للتسمين والذبح، وهناك نسبة من الإناث غير اقتصادية للتربية يتم تنسيقها وتسمينها وذبحها وتبلغ نسبتها 20% من إجمالي القطيع وتساوي نحو 3.9 ملايين رأس سنوياً، وبذلك يكون عدد الرؤوس المعدة للتسمين والذبح نحو 11 مليون سنوياً يُذبَح منها محلياً نحو 8 ملايين رأس في المسالخ وبعض المنشآت إضافة إلى 500 ألف رأس تذبح بمواسم الأعياد وغيرها من المناسبات، وهذا يسمح بوجود 2 مليون رأس جاهزة للتصدير سنوياً دون أن يؤثر ذلك على السوق المحلية

مورد ينافس النفط:

أسعد عبود

ويحضرني هنا مادة صحفية حول الاغنام نشرها الاستاذ القدير اسعد عبود في صحيفة الثورة تسعينيات القرن الماضي قال فيها ( الاغنام  ثروة اقتصادية مستدامة مهمة و مورد ينافس النفط القابل للنفاذ )

ولم يكن يخطر ببال بشر ان يتعرض هذا المورد للتهديد الكبير الذي ادى الى تراجع اعداده بشكل مريع مدفوعا بأسباب متعددة ..

* لعله من الصادم والمحزن معا ان تتحول سورية من الدولة الاولى عربيا والخامسة عالميا في تصدير الاغنام الحية الى دولة لا يغطي انتاجها من الاغنام حاجة السوق المحلية رغم تراجع حجم هذا السوق بنسبة لا تقل عن ٦٠%  عما كانت عليه قبل الازمة السورية بفعل انخفاض المعروض من الاغنام والذي دفع اسعار لحومها عاليا وقذفها خارج سلة غذاء  كثير من السوريين

* الحرب والتهريب في قفص الاتهام :

نشر البنك الدولي من خلال أداة “الحلول العالمية المتكاملة” (ويتس)، التابعة له، قائمة بترتيب أكثر دول العالم تصديرا للأغنام الحية عام 2022 من حيث القيمة، وهو التحديث الأخير له عبر موقعه الإلكتروني وفقا لما يلي:

الاتحاد الأوروبي 430 مليون دولار من تصدير 2.81 مليون رأس.

رومانيا 278 مليون دولار من تصدير 2.29 مليون رأس.

إسبانيا 192 مليون دولار من تصدير 1.49 مليون رأس.

الأردن 167 مليون دولار من تصدير 1.78 مليون رأس.

البرتغال 89 مليون دولار من تصدير 450.495 رأسا.

تركيا 64 مليون دولار من تصدير 541.704 رؤوس.

أستراليا 56 مليون دولار من تصدير 524.908 رؤوس.

المجر 47 مليون دولار من تصدير 429.509 رؤوس.

قيرغيزستان 46 مليون دولار من تصدير 491.119 رأسا.

فرنسا 45 مليون دولار من تصدير 490.684 رأسا

* وقد خلت القائمة من اسم سورية بينما ظهر اسم الاردن الشقيق…

لقد ادت ظروف الحرب وانتشار عصابات داعش وبعض الجيوش المحتلة في البادية السورية وما نشرته من رعب وارهاب لسكان البادية من مربي الاغنام تحديا كبيرا لنمو هذه الثروة التي كانت واحدة من عناصر بنك اهداف الهجمة الشرسة على سورية كما  وجد كثير من اصحاب الضمائر الرخيصة فيها ضالتهم ليعبثوا فيها تهريبا الى دول الجوار التي تحولت من مستورد للأغنام الى مصدر نشط لها…رغم انها قطعان سورية اجتازت الحدود بشكل غير شرعي

*ومن جانب اخر تشير بعض الاستطلاعات الاعلامية الى ارتفاع سعر الاضحية في سورية  لهذا العام بشكل كبير مقارنة بالسنوات الماضية

ومن جانب اخر لم تساهم الاجراءات الحكومية خلال فترة الازمة في وقف تهريب الاغنام او تشجيع المربين على الاحتفاظ بقطعانهم فقد حصلت كثير من التطورات التي دفعت كثير من مربي الاغنام الى بيع قطعانهم كليا او جزئيا نتيجة عجزهم عن توفير قيمة الاعلاف التي ارتفعت بشكل جنوني، كما فقد كثير من المربين قطعانهم نتيجة تعرضها للقتل من قبل الارهابيين بالبادية السورية.

هذا في ظل حرمان قطعان الاغنام من ارتياد المراعي الطبيعية في البادية التي كانت توفر حوالي ٤٠% من حاجة الاغنام للأعلاف مجانا وكذلك ارتفاع تكاليف نقل الاغنام من مناطق انتشارها الى حقول مخلفات القمح والشعير والبقوليات…

وارتفاع بدل ضمان مساحات المخلفات تلك الى درجة يعجز فيها المربون عن تأمين حجم الاموال الكبير المطلوب، وقد ادى الحرص الحكومي على تقييد صادرات الاغنام وبشكل غير مقصود الى تشجيع عمليات التهريب وتراجع قدرة المربين على متابعة العملية الانتاجية وتخلي كثير منهم عن قطعانهم والتحول من قطاع الانتاج الى قطاع الخدمات والنزوح من اطراف البادية الى المدن الكبيرة في القطر.

ان اعادة الاغنام السورية لتأخذ دورها في التنمية الاجتماعية البشرية  والاقتصادية  يقتضي عقد مؤتمر وطني يشارك فيه اكبر عدد ممكن من مربي الاغنام الحقيقيين  والفنيين الزراعيين والبيطريين واصحاب الخبرات العملية  اضافة الى مركز البحوث العلمية والجامعات.

خاص للسلطة الرابعة