جديد 4E

أمر خطير جداً عندما تصبح مصلحة اقتصاد الظل انهيار الليرة السورية .. !  

 

جمعية العلوم الاقتصادية في محاضرة نوعية عن السياسة النقدية والمصرفية للدكتور رازي محي الدين:

الاقتصاد السوري غياب للتنافسية وتراجع للاستثمار وتقييد الاستيراد

 

 

تمويل الاستيراد عن طريق المنصة زيادة للتضخم وهروب للأموال وفقدان الثقة بالليرة

 

مقترحات بإلغاء المنصة واستبدالها بأدوات اقتصادية فعالة

 

 

السلطة الرابعة – سوسن خليفة :

تشهد الليرة السورية تراجعات كبيرة منذ فترة، ما  أدى إلى معدلات تضخم  عالية، وتراجع بسعر صرف الليرة أمام الدولار والقطع الأجنبي عموماً خاصة بالسوق السوداء.

من هنا تأتي أهمية ندوة الثلاثاء  التي أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية السورية مؤخراً بعنوان ( السياسة النقدية والمصرفية ) للدكتور رازي محي الدين،

الذي بدأ محاضرته بلمحة عن النظريات الاقتصادية التي تركز على النقد كأساس مالي. بالإضافة إلى القيام بوظائفه الأساسية )تبادل، وقياس، وادخار وتمويل(  على تحقيق مزايا وأهداف متناقضة في آن واحد وانتقل المحاضر إلى الحديث عن أهم السياسات النقدية والمصرفية مشيراً إلى عدم وضوح  استراتيجية للسياسة المالية والنقدية ما أدى إلى تراجع مكانة الليرة السورية في الاقتصاد السوري مع عدم قدرتها على القيام بأغلب وظائف النقد المطلوبة منها. حيث تتم عمليات التسعير وفق سعر الدولار بالسوق السوداء وبشكل شبه فوري، وفي بعض الأحيان بشكل مستقبلي، بمعنى أن التجار يتحوطون مسبقاً لتراجع الليرة، ويقومون بتسعير السلع على دولار أعلى من السوق السوداء مستفيدين من غياب التنافس في السوق السورية نتيجة ضعف الانتاج وتراجع الاستثمار وتقييد الاستيراد. وما تزال الليرة السورية وسيلة تبادل وادخار وأداة تمويل.

ولفت المحاضر النظر إلى أن تقييد  عمليات رأس المال العامل، وشبه توقف عمليات الاستثمار الحقيقي نتيجة تراجع القدرة الشرائية، مع بقاء معدل الفائدة سالب على القروض، ظهر في سورية اقتصاد الظل وهو استثمار جديد للمضاربة على الليرة السورية بالاقتراض المصرفي، الذي يعد أهم استثمار رابح للاقتراض بالليرة السورية وقلبها إلى دولار.  حيث تبلغ الفوائد على القروض حالياً نحو 15 % بينما نسبة التضخم بلغت 300%. وبالتالي كل قرض يحقق ربح أكثر من 200% سنوياً. وهذا أمر خطير جداً عندما تصبح مصلحة اقتصاد الظل انهيار الليرة السورية.

واستعرض المحاضر أهم قرارات مجلس النقد والتسليف في السنوات الأخيرة، ليطرح بعد ذلك تساؤلين اثنين :

  • الأول :

هل أدت عمليات تقييد الاستيراد والتصدير إلى تحقيق أهدافها بمحاربة التضخم وتخفيض العجز التجاري واستقرار سعر الصرف ..؟ أم أنه حقق نتائج عكسية تماما؟

ويقول المحاضر هنا إن المتتبع للقضايا المتعلقة بمنصة الاستيراد يرى أن التاجر مضطر إلى دفع ثمن بضاعته مرة ونصف إلى مرتين من قيمتها بالدولار مع عدم وجود تنافسية مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في السوق السورية. ونجد أن العجز التجاري ما زال شبه مستقر حول 4 مليار دولار مع تراجع الصادرات السورية وعند مراقبة سعر صرف الليرة تبين أنها في تراجع حاد والممارسات الفعلية لقرارات المنصة أدت إلى تضخم الأسعار ولم تؤدي إلى تثبيت سعر الصرف أو دعم الصادرات.

  • والأمر الثاني :

هل أدى سحب السيولة من السوق إلى تجفيف منابع المضاربة على الليرة..؟ أم أدى إلى انتقال الأموال من أصحابها الحقيقين إلى الأفراد في اقتصاد الظل والمضاربة والتهريب..؟

ووفق سير المحاضرة توصل الدكتور محي الدين إلى نتائج عدة تمحورت حول السياسات النقدية السورية التي لم تحقق الأهداف المنوطة بها، كما أن تمويل الاستيراد عن طريق المنصة ساهم في زيادة التضخم وهروب الأموال وفقدان الثقة بالليرة مع استخدام أدوات غير اقتصادية وهي وسيلة غير فعالة أدت إلى مزيد من فقدان الثقة ، وأدت سياسة التمويل بالعجز وإجبار المواطنين والاقتصاد النظامي بإيداع الليرة بفائدة منخفضة إلى زيادة الكتلة النقدية والتضخم، كما أن غياب أي أدوات تحفيزية للاقتصاد النظامي جعله يدفع الثمن الأكبر لتراجع سعر الصرف. مع وجود عمليات مضاربة من قبل اقتصاد الظل.

المقترحات

بعد هذه المعطيات التي ذكرت وضع المحاضر مقترحات نصت على : إلغاء منصة تمويل الاستيراد واستبدالها بأدوات اقتصادية فعالة. وتحرير دولار التصدير من القيود. ورفع الفوائد على سندات الخزينة من أجل ضمان الاكتتاب عليها. مع إلغاء كافة القيود التي أدت لتقييد دوران الليرة السورية . والاشارة إلى ما تعانيه سورية من مشكلات التمويل ليس نقص الدولار بل فقدان الثقة بالجهاز المصرفي وبالليرة السورية ، وضرورة تشجيع المصارف على استخدام فوائض سيولتها بشكل محافظ استثمارية من خلال إعفاء أرباح إعادة تقييم الأسهم.

ومن المقترحات التي أوردها المحاضر ربط قرض الليرة بسعر الدولار. وبالتالي لا يأخذ القرض إلا الذي يحتاج للتمويل وليس المضاربة.

وختم المحاضر حديثه بالقول: إن المجتمع السوري كله في سفينة واحدة وأي طباعة نقود أو مضاربات سعرية أو قرارا إدارية تنفيرية طاردة للاستثمار أو فرض قيود وضوابط على الاقتصاد المنظم تشكل عوامل لزيادة اقتصاد الظل أو هروب الأموال خارج سورية.

إدارة مميزة للندوة

أدار الندوة الدكتور عامر خربطلي المهتم بالشأن الاقتصادي السوري وصاحب الرؤى الاستراتيجية المستقبلية لاقتصاد سوري معافى وهو المختص بالاقتصاد حيث أشار إلى أهمية طرح موضوع السياسات النقدية والمصرفية في هذا التوقيت ومعالجة الصعوبات للوصول إلى حلول موضوعية تساعد في الخروج من الأزمة وتسهم في رفع قيمة الليرة السورية وانتعاش الاقتصاد السوري.

المداخلات

د. علي كنعان رأى أن سعر الصرف النظامي يجب أن يواكب التضخم مع ضرورة تثبيت سعر الصرف عند وضع أسعار السلع.

السيد محمد حلاق : أشار إلى أن تخفيض رقم الاستيراد لم يقابله منع التهريب بل زاد. وعلينا البحث عن معادلة ليست معقدة.

كما تناولت بعض المداخلات وضع الاقراض وتراجع قطاع الأعمال وضعف الانتاج، ووجود سلع في الأسواق مع ضعف في القدرة الشرائية . ونوه البعض إلى مشكلة  تحول وظيفة القطع الأجنبي في سورية من وسيلة لدفع الالتزامات إلى وسيلة إدخار.