خطوات عملية باتجاه دمج الشباب السوري بالاقتصاد الأخضر .. إعادة الاعمار والمناخ المناسب لخلق فرص عمل منتجة
السلطة الرابعة – سوسن خليفة :
يتجه العالم الآن نحو الاعتماد على الاقتصاد الأخضر الذي يعنى بالشباب وتأمين وظائف وفرص عمل تتناسب مع التوجه الجديد للحفاظ على البيئة وتحقيق تنمية مستدامة للموارد الطبيعية وانتقالها إلى لأجيال القادمة والاعتماد على مصادر الطاقة البديلة للوصول إلى بيئة نظيفة . وقد اعلنت الأمم المتحدة 12 آب من كل عام يوماً للشباب.
سورية ليست بعيدة عن هذا التوجه من خلال إعطاء المشاريع صغيرة التمويل أهمية ( بالكلام على الأقل ) لما لها من علاقة وثيقة في تأمين فرص عمل للشباب المؤهل والطموح لدخول سوق العمل. وبرأي الشخصي فإن تحديد يوم للاحتفال بالشباب ايماناً بدورهم في بناء المستقبل وللوقوف على الواقع الذي يعيشونه سواء من حيث السلبيات والايجابيات تمهيداً لمعالجتها ووضعهم على السكة الصحيحة لبناء مستقبلهم ومستقبل أوطانهم.
وليس سهلا ما مر به الشعب السوري بشكل عام والشباب بصورة خاصة كونهم جزء من هذا المجتمع ومطلوب منهم أن يضعوا أنفسهم في الدرجات الأولى من الانخراط في العمل الاجتماعي والاقتصادي ولا يمكننا إغفال الظروف التي مررنا بها، وأثرها على كافة شرائح المجتمع ومنها فئة الشباب والتأثير كان عاماً إلى حد ما.
ولا شك بأن الانخراط في سوق العمل يتطلب أن يكون هذا السوق فاعلا ومتطوراً وقادراً على استيعاب القوى العاملة الراغبة بالعمل وعلى رأسها الشباب، لذلك لا يمكن فصل الشباب عن المجتمع، ويقع على عاتق المعنيين تأمين العمل والظروف المناسبة لهم من خلال تخفيف الأعباء الملقاة على عاتقهم من خلال خلق عوامل جذب اقتصادية واجتماعية تؤمن لهم متطلبات الحياة وتشجعهم على البقاء في مجتمعهم.
وتتجه سورية حالياً نحو التعافي وخوض مرحلة إعادة الاعمار التي تفتح المجال واسعاً لامتصاص ليس فقط عمالة الشباب وإنما لكل من يطلب عملاً، وأي مشروع تنموي يخلق فرص عمل متاحة لكافة الأعمار والمهن المختلفة التي تطلبها هذه المشاريع إضافة إلى ما توفره من ظروف مناسبة لتوليد دخول قادرة على تلبية الحاجيات الحياتية المطلوبة.
وباعتبار أن الاقتصاد الأخضر يخلق فرص عمل جديدة صديقة للبيئة مناسبة للشباب باستخدام تكنولوجيا جديدة في مجالات الطاقة المتجددة، فهؤلاء الشباب هم الأنسب والأقدر على دخول هذه المهن.
ولتعريف الشباب بهذه الميزات هناك طرق عديدة يمكن اتباعها من خلال الدورات وورشات العمل والبرامج التلفزيونية ووسائل الاتصال الاجتماعي لتسليط الضوء على هذه الفرص وكيفية الاستفادة من مردودها.
وسيعتمد الانتقال الناجح نحو عالم أكثر مناسبة للبيئة على تنمية مهارات المواطنين لتتماشى مع الاقتصاد الأخضر، ويمكننا الوصول الى الهدف المطلوب من خلال إظهار الفرص والمشاريع التي تفيد في تنمية مهارات الشباب لتتلاءم مع تقنيات الاقتصاد الأخضر وإقامة دورات تدريبية وحاضنات أعمال تدعو الشباب إلى نمط الاقتصاد الأخضر وتغيير أنماط الاستهلاك للحفاظ على الموارد غير المستدامة.
والسؤال المطروح كيف يمكننا تحقيق انخراط الشباب بالتنمية البشرية المستدامة ..؟ الإجابة تؤكد بأن هناك شبه إجماع على تعريف التنمية البشرية بأنها تتضمن مفهوم أساسي هو إتاحة أفضل الفرص الممكنة لاستغلال الطاقات البشرية المتاحة من أجل تحقيق مستوى رفاهية أفضل للأفراد. فالإنسان هو الغاية والأداة الأساسية لتحقيق هذه التنمية.
ولا تقتصر التنمية فقط على زيادة الثروة أو الدخل للمجتمع أو حتى الأفراد وإنما النهوض بالأوضاع الثقافية والاجتماعية والصحية والتعليمية وتفعيل المشاركة في المجتمع وحسن توظيف طاقات الشباب وقدراتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم. كما ان ضعف القدرات البشرية نقيض للتنمية، فهو أشد وطأة وأكثر تأثيراً على كل مناحي الحياة لأنه يحد من قدرات المواطنين والمجتمع ككل على الاستخدام الافضل لمواردهم الانسانية والمادية على حد سواء .
وإذا أردنا الحديث عن الشباب العربي السوري وموقعه من الاقتصاد الأخضر وخاصة أن الأمل يحدونا باتجاه تجاوز الواقع الحالي إلى مرحلة إعادة الاعمار والانتعاش، فإن تعزيز التعاون بين الشباب السوري والعربي يخلق فرصاً كبيرة للعمل وتحقيق تنمية مستدامة في سورية مما يتيح لهم المشاركة والاستفادة من الفرص التي ستخلقها المرحلة القادمة من إعادة الاعمار وستعم الفائدة على الجميع.
وإذا أردنا العودة بالذاكرة قليلاً للوراء نرى أن سورية قد هيأت التعليم المجاني بما فيه التعليم المهني الذي يرتبط بتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، وأحدثت المعاهد المتخصصة التي تلتزم الدولة بتعيين طلابها بعد التخرج. ولا يخلو الأمر من وقت لآخر عن بعض المسابقات في مؤسسات الدولة، إضافة إلى المسابقة المركزية التي أجرتها وزارة التنمية الإدارية رغم كل ما اعتراها من إشكالات، ولا بد هنا من التركيز على دور القطاع الخاص والمجتمع الأهلي كشركاء في عملية التنمية لاستيعاب طالبي العمل وخلق الفرص المناسبة لهم.
وهنا لا يمكننا إغفال دور الندوات والورشات في تنمية المهارات المعرفية المطلوبة للعمل على أرض الواقع، وهذا طبعاً يدعم بما يقدم لتمويل المشاريع الصغيرة التي تفتح المجال أمام الشباب لإقامة مشاريعهم وإنجاحها بما ينعكس على تأمين دخل مناسب مع فتح المجال للتوسع مستقبلاً في تلك المشاريع لتصبح ذات قيمة اجتماعية واقتصادية مرموقة.
وكي نأخذ بيد الشباب باتجاه تحقيق أحلامهم وطموحاتهم التي يسعون إليها لا بد من إعطاء الفرص لهم لتحقيق ذاتهم في الميادين العلمية، وإحداث نوادي رياضية واجتماعية وثقافية والتوسع في إحداث الجمعيات الأهلية التي تستقطب طاقات الشباب وتشجعهم على العطاء وهذا ما تجسد عملياً عند انتشار وباء كورونا، حيث اندفعت مجموعة من الشباب أطلقت على نفسها اسم (عقمها) قدمت خدمات جلى للمصابين ، وأيضاً استجاب الشباب لحملات الإعانة للمتضررين من الزلازل وشكلوا قدوة رائعة لما يمكن أن يقدمه الشباب لمجتمعهم، وهذا الأمر يشجعنا على ترسيخ مفهوم وأهمية العمل الأهلي في عملية التنمية وبناء المجتمع كشريك أساسي. وهنا يحضرني ما قمنا به مع مجموعة من الأصدقاء بتشكيل جمعية أصدقاء الحدائق، مع الصديقة ( هنا الحسيني ) تنسجم مع مبدأ الاقتصاد الأخضر للحفاظ على الغطاء النباتي والتوسع في المساحات الخضراء والحفاظ عليها للأجيال القادمة وتحقيق التنمية المستدامة بأهمية ودور الشجرة في حياة الإنسان وتحسين بيئة المدن. ونشجع الشباب للانتساب إلى الجمعيات لتعزيز دور المجتمع الأهلي.
هامش:
يُعرّف الاقتصاد الأخضر بأنه الاقتصاد الذي يهدف إلى إثارة قضايا الحد من المخاطر البيئية والندرة البيئية، ويهدف إلى التنمية المستدامة دون الإضرار بالبيئة. … يشير تقرير الاقتصاد الأخضر الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2011 إلى أنه “لكي يكون الاقتصاد صديقًا للبيئة، يجب ألا يكون فعالاً فحسب، بل عادلاً أيضًا.
margin
The green economy is defined as economy that aims at making issues of reducing environmental risks and ecological scarcities, and that aims for sustainable development without degrading the environment. … The 2011 UNEP Green Economy Report argues “that to be green, an economy must not only be efficient, but also fair.