جديد 4E

السلام عليكم ياممتلئين حضارة ونعمة منّا !

 

بيانكا ماضيّة :

(لكل إنسان متحضّر في هذا العالم وطنان؛ وطنه الأم وسورية) هذا ما قاله ذات يوم أندريه بارو عالم الآثار الفرنسي المتخصص في الشرق الأدنى القديم في كل من لبنان والعراق وسورية. هذا ما نعرفه، ولكن هناك من يقول بأن هذه المقولة لم تكن لبارو، وإنما لشارل فيرلو قارئ النصوص المسمارية الأوغاريتية، وهو عالم آثار فرنسي أيضاً.

هذا الكلام لم يأت جزافاً أو اعتباطياً، إذ يُرجع بارو أو فيرلو أصل الحضارة للغرب من خلال هذه المقولة (المركزية الأوروبية)، بينما أصل الحضارات الإنسانية هو الشرق، أي سورية والعراق، فمن الشرق انطلقت الحضارة إلى جهات العالم أجمع. هذا ما تقوله الرقم الطينية والمكتشفات الأثرية التي تم اكتشافها في هذه الأرض بفضل البعثات الأجنبية التي شاركت النظراء

السوريين في التنقيب، والتي بدأت في سورية باكتشاف موقع وآثار مدينة إيبلا القديمة في موقع تل مرديخ قرب سراقب في محافظة إدلب على يد عالم الآثار الإيطالي باولو ماتييه الذي تم تكريمه أمس ( في السادس من حزيران ) من قبل سيادة الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد بتقليده وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة في حفل أقيم في حديقة المتحف الوطني بدمشق، قامت الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية بتقليده إياه تكريماً لجهوده التي بذلها طيلة الأربعين عاماً في الكشف عن الآثار السورية، منوهة “بأن مملكة إيبلا المحلّقة كما في الأعجوبة، والعائمة كما في الخيال على بحر من الحضارات الأكثر قدماً في سحيق الأزمنة” قد وضع مفاتيحها بين أيدينا العالم الإيطالي الكبير البروفيسور ماتييه. إنها مفاتيح الشرق الموغل في التاريخ والحضارة الإنسانيين.

وقد قال البروفيسور ماتييه بعد التكريم بأن سورية ليست وطنه الثاني بل وطنه الأول، في ردّ على المقولة الفرنسية لبارو أو فيرلو لا فرق، وأن الوسام الأكثر فخراً وأعظم مرتبة من كل الأوسمة والشهادات التي تلقّاها من دول كثيرة في العالم، هو وسام الاستحقاق السوري الذي قلّده إياه فخامة الرئيس بشار الأسد. هكذا يكون الاعتراف بفضل سورية على العالم، لا نكران هذه الحقيقة كما فعلت جميع الدول التي علقتها على صليب العار، صليب الشرف الذي لا بد من أن تتبارك منه كل دول العالم.

هذا وقد حصل البروفيسور ماتييه قبله على وسام الاستحقاق السوري- الدرجة الأولى والثانية من قبل الرئيس الراحل حافظ الأسد عامي 1978 و1986.

هكذا تظهر الحقيقة في أبرز وجوهها، ولهذا كانت الحرب على سورية، فسورية هي الوطن الأم لكل إنسان موجود على هذه الأرض، ولأنها سورية فلا بد من الاعتراف بالجميل لهذا العالم الآثاري الذي حافظ على هذا الإرث التاريخي وعلى هذه الأوابد التاريخية التي تقول للعالم أجمع، سورية أصل الحضارات ومهدها وأساسها وملتقاها، ومن لا يعترف بهذه الحقيقة ناكر للجميل، ولا وفاء له ولا إخلاص لأول مدونة موسيقية ولأول أبجدية ولأول قانون ولأول حجر أساس تمّ بناؤه على هذه الأرض المقدسة.

 

ولا بد هنا من ذكر أن الدور الأكبر والمهم في الحفاظ على هذه الأوابد التاريخية، لأنها ملك للإنسانية أجمع هو لسورية، قيادة وجيشاً وشعباً،

والدور الأبرز هو للجيش العربي السوري الأسطورة، الجيش القاهر لأعدائه، يعاضده أبناء سورية الشرفاء الأصلاء الذين حافظوا على هذا الإرث المجيد، علماء آثاريين (خالد الأسعد رحمه الله الذي أبى أن يبوح بسر تدمر وكنوزها) ومؤسسات حكومية (متحف المعرة حيث تم تخبئة كل كنوز ذاك المتحف العريق قبل دخول داعش).

 

وأعود إلى حفل تقليد البروفيسور ماتييه، وأختتم بالصورة الأبهى لسورية الحضارة، صورة السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد، وأتوقف عند دلالة اللون الأحمر الذي ارتدته السيدة أسماء فستاناً عريقاً يعبر عن الرقي والحضارة السوريين، وبذاك السوار الساحر الذي لفّ معصمها في إشارة واضحة إلى أن أصل (الحضارة) من عندنا، وأصل (الحرية، والثورات الأصلية) من عندنا، ونحن حاملو مشعل الحرية، ففي البدء كانت الكلمة السورية، وكان العقل السوري المفكر والمدبر، منها بدأ التكوين وهي سدرة المنتهى، والسلام عليكم يا ممتلئين حضارة ونعمة منّا، نحن الأصل ودول العالم أجمع ظلال.