جديد 4E

انصفوا الفلاح وأنتم الرابحون .. التسعير غير العادل ..عصا في عجلات عربة الانتاج الزراعي

 

المهندس – عبد الرحمن قرنفلة :

لم تُجْدِ كثيراً صيحات مزارعي الحمضيات منذ عقود …ولم يُصغِ أحد لنداءات مزارعي البندورة…ولم يرفع أحد الظلم عن مربي الابقار ومنتجي الحليب ولم تمتد يد الانقاذ الى غرقى الديون من مربي الدواجن …والنتيجة ؟؟؟؟؟

أصبحنا امام عوز ونقص في كثير من المنتجات الغذائية والزراعية التي كنا حتى عهد قريب نتغنى بوفرتها بل ونشتهر بتصدير الكثير منها…

أمس طالعتنا وسائل الاعلام بخبر يشير الى عزوف مزارعي الشعير عن تسليم انتاجهم الى مؤسسة الاعلاف وبيعه الى التجار وهي نتيجة متوقعة وبديهية فالفلاح من حقه ان يحصل على مكافئ عادل لجهده وعرقه ويبيع لمن يحقق له العدالة في تحديد سعر انتاجه وأجزم ان الامر سينسحب على منتجي القمح ايضا …

السعر العادل حافز زيادة الانتاج :

لسنوات بعيدة عمل التسعير الحكومي غير المتزن على احباط نمو كثير من قطاعاتنا الانتاجية والسبب ان الجهات المسؤولة عن التسعير ربما غاب عن ساحة رؤيتها قاعدة جوهرية في الاقتصاد تقول ( دعم المستهلك يبدأ من دعم المنتج )  ومارست تلك الجهات  مبدأ نقيض ومحبط للإنتاج يقول ( دعم المستهلك من جيوب المنتج ) وهذا قذف بكثير من المنتجين خارج حلقات الانتاج وصنع خللا في معادلة العرض والطلب ورفع الاسعار في الاسواق  واربك الجهات الحكومية المسؤولة عن الاستيراد والتصدير وحتى اربك الوزارة نفسها المسؤولة عن توفير المنتجات الغذائية بالأسواق…ولعله من المفيد التذكير ان السعر العادل الذي تم منحه لمنتجي القمح في فترة الثمانينات من القرن الماضي وفي ظل الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا على سورية هو الذي ساعد البلاد على بناء مخزون من القمح يغطي حاجة البلاد سنوات عدة….وهو الذي دعم الموقف السياسي للقطر واربك خطط الدول التي تآمرت عليه …

انقلاب الصورة :

في فترة وفرة انتاج البلاد من الحليب كنا نسمع شكوى مربي الابقار من ظلم سماسرة الحليب واصحاب معامل تصنيع الحليب الذين كانوا يضغطون على المربين لشراء انتاجهم باقل سعر ممكن ولو دون التكلفة ليضاعفوا هم ارباحهم من تصنيع الحليب

وعندما بدأ يشح الانتاج بدأ سماسرة الحليب واصحاب ورشات ومصانع الالبان يتنافسون فيما بينهم بإغراء ما تبقى من مربي الابقار عبر دفع السعر الاعلى لإنتاج ابقارهم من الحليب لتأمين ما يُشغّل مصانعهم وورشهم وذلك بعيدا عن التسعيرة التي تحددها السلطات الحكومية …والان نسمع ولأول مرة اصوات المسؤولين عن صناعة الالبان يطالبون الجهات المسؤولة عن التسعير بمنح سعر عادل لمربي الابقار الحلوب لقاء انتاج ابقارهم من الحليب بهدف ضمان استمرارهم بالعمل لان منتجهم النهائي هو المادة الاولية لتشغيل مصانع الالبان …ومن المألوف حاليا – أثناء تجوالك في مناطق انتاج الحليب في ارياف المدن السورية الكبيرة – أن تجد  التنافس بين سماسرة الحليب ( مسوقي الحليب ) الذين يجمعون الحليب من مربي الابقار ويقومون ببيعه لمصانع الالبان بدفع السعر الاعلى لقاء استحواذ أكبر كمية من الحليب في حين يمارس اقرانهم النقيض في القرى البعيدة عن أحزمة الحليب المحيطة بالمدن والتي تواجه صعوبة في نقل انتاجها الى مناطق الاستهلاك بسبب غياب وسائط النقل المبردة وغياب مجمعات تجميع وتبريد الحليب ..

تعطيل طاقاتنا التصنيعية :

رغم ان النسبة الاكبر من الحليب المنتج في بلادنا يذهب في مسارات تسويقية لا تحقق ضمانات صحية للمستهلك فإن طاقات مصانع الالبان الحديثة التي توفر ضمانا صحيا في منتجاتها تعاني من تعطل طاقاتها الانتاجية التي تضمن تشغيلا اقتصاديا للمصانع

وذلك نتيجة المنافسة من قبل اصحاب الورشات الصغيرة التي تقوم بتصنيع الاجبان والالبان بطرق بدائية يشوبها الكثير من الملاحظات حول سلامة منتجاتها صحياً.

اما مسارات تسويق الحليب طازجا عبر البقاليات ومحلات بيع الالبان فيشكل صدمة كبيرة من حيث غياب ابسط القواعد الصحية لتسويق هذه المادة التي تعتبر من اهم مواد تغذية الاطفال وتغذية المتقدمين في العمر والمرضى

انصفوا الفلاح وانتم الرابحون :

اذا كان الفلاح بخير فالوطن بألف خير ..قاعدة جوهرية في عالم الاقتصاد في كل البلاد وفي كل الازمان ..فالفلاح هو من ينتج لنا متطلبات استمرار الحياة  وكلما منحنا الفلاح حقه كلما زاد من انتاجه ووفر لنا مادة استهلاكية أرخص وكلما زاد انتاج الفلاح كلما ربح الوطن.