جديد 4E

قراءة سورية رسمية للنتائج الاقتصادية المتوقعة من عودة سوريا إلى الجامعة العربية…

 

وزير الاقتصاد السوري لـ”الميادين نت”: نأمل تنمية التبادل التجاري مع الدول العربية في ظل الحصار

 

 

زياد غصن :

كثيرة هي التوقّعات والتحليلات السياسية والاقتصادية الساعية إلى قراءة الانعكاسات المرتقبة لعودة سوريا إلى شغل مقعدها في جامعة الدول العربية. فهناك توقّعات بدت متفائلة وبنسب مختلفة تبعاً لدرجة إحاطة مؤيديها بجميع الظروف المصاحبة لعودة سوريا، وهناك توقّعات تستبعد حصول نتائج اقتصادية لافتة وخلال فترة زمنية قصيرة، وذلك في ضوء سيف العقوبات الذي تشهره الولايات المتحدة في وجه الراغبين بالتعاون الاقتصادي مع دمشق.

في حوار “الميادين نت” مع الدكتور سامر الخليل وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في سوريا، والذي كان قد ترّأس مؤخراً وفد بلاده للمشاركة في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجامعة العربية، نتعرّف إلى الرؤية الرسمية لأهمية عودة سوريا إلى مؤسسات الجامعة وأجهزتها، ولا سيما الاقتصادية والاجتماعية منها، والفرص المتاحة، وحقيقة تأثير العقوبات الغربية على علاقات دمشق الخارجية.

منذ الاجتماع الأول

شاركتَ مؤخّراً ممثّلاً لسوريا في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي… كيف تقيّمون الاجتماع ونتائجه بعد غياب سوري استمر لنحو 12 عاماً؟

قبل الحديث عن النتائج لا بدّ من التنويه إلى أن عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية لقيت ترحيباً حاراً من الدول العربية الأعضاء. وكان هناك اهتمام كبير بأن تعود سوريا لتأخذ دورها الفاعل في جميع مؤسسات ولجان عمل الجامعة. وفيما يتعلق بالاجتماعات الأخيرة فقد تمّت فيها مناقشة واعتماد مجموعة من مشاريع القرارات المهمة التي من شأنها المساهمة في تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي في دولنا العربية. كما تميّزت الاجتماعات الأخيرة بتأكيد المشاركين ضرورة أن تتخذ القرارات المعتمدة مسارها التنفيذي للحصول على نتائج ملموسة خلافاً لما كان عليه الحال في الدورات السابقة.

وهنا نودّ التنويه إلى أنه خلال فترة غياب سوريا تمّ العمل على مجموعة من الاتفاقيات والقرارات من قبل الأعضاء، والتي ستعمل سوريا على دراستها وبيان الرأي حيالها قبل أن يتم اعتمادها على الصعيد المحلي.

ما أبرز الملفات التي جرى نقاشها في الاجتماعات تلك وترون في سوريا أنها ضرورية في هذه المرحلة؟

تمّ التركيز بشكل خاص على موضوع الأمن الغذائي وضرورة الحد من تراجع مستواه لدى جميع الدول نتيجة المتغيّرات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم. كما تمّ التركيز على تنمية التجارة البينية عبر تطوير منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، من خلال التعاون الجمركي وتفعيل الاتفاقيات المتعلقة بالنقل. إضافة إلى تفعيل مبدأ تراكم المنشأ، والعمل للوصول إلى الاتحاد الجمركي العربي كخطوة مهمّة ومتقدمة في المرحلة الحالية بالنسبة للعديد من الدول الأعضاء.

كما تمّ اعتماد الاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات، والتي تهدف إلى تحقيق التنمية الرقمية وتحسين خدمات الاتصالات وتطوير بنية الشبكات والربط البيني وتفعيل خدمات التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية وتعزيز التجارة الإلكترونية والمحتوى الرقمي العربي. وتم اعتماد الاستراتيجية العربية للسياحة والتي تهدف إلى تحقيق التنمية السياحية وتوفير المناخ الملائم للاستثمار في القطاع السياحي بالشكل الأمثل بالاستفادة مما يمتلكه الوطن العربي من مقوّمات سياحية.

ومشروع القرار المتضمّن اعتماد العقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يستهدف دعم جهود الدول على صعيد تنفيذ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. إضافة إلى مجموعة مشاريع أخرى منها ما يتعلق بتنظيم فعاليات اقتصادية دولية من قبل بعض الدول العربية.

المبادلات التجارية أولاً

سوريا سوف تعود إلى جميع مؤسسات الجامعة وأجهزتها والصناديق العربية… ما طبيعة الاستفادة السورية في ظل ما تمر به من ظروف؟

الاستفادة الأهم هي مشاركة سوريا في صنع القرارات، وبالتالي إبداء رأيها وعرض مقترحاتها. الأمر الذي من شأنه الخروج بقرارات قابلة للتنفيذ لدى جميع الدول المشاركة، واقتراح مشاريع وبرامج تصب في خدمة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

قبل سنوات الحرب كانت الدول العربية تعد الشريك التجاري الأول تقريباً مع سوريا، وهذا كان يتمّ على حساب أوروبا. بعد استعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، هل يمكن أن نشهد تحوّلاً اقتصادياً من هذا القبيل مجدداً؟

بشكل عام فإن العلاقات الاقتصادية في جانبها التجاري تحديداً لم تنقطع طيلة فترة الحرب على سوريا، وإن كانت قد تأثّرت بالحصار والعقوبات وإغلاق المعابر الحدودية في فترات ليست بالقليلة. إلا أنه بالتأكيد من الطبيعي أن تنشط حركة التجارة البينية أكثر في ظل المناخ الإيجابي المتنامي على صعيد تطوّر العلاقات بين سوريا والدول العربية، مع عدم إغفال تطويرها في جوانب أخرى ومنها الجانب الاستثماري في ظل وجود فرص مهمة، ولا سيما مشاريع التعافي المبكر وإعادة إعمار سوريا.

ما فرص النجاح المتاحة أكثر… أن تزداد المبادلات التجارية أم الاستثمارات البينية؟

في ظل استمرار العقوبات القسرية أحادية الجانب على سوريا المفروضة بغير وجه حق، وبالتالي تخوّف البعض من تعرّضهم للعقوبات في حال تعاملهم مع سوريا، فإنه من الطبيعي أن تكون نسبة التطور في حركة المبادلات أعلى من نسبة التطور في الاستثمارات البينية.

هل هناك رقم للمبادلات التجارية مع الدول العربية تسعى سوريا إلى تحقيقه؟

مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية تأمين جميع احتياجاتنا من السلع والمواد الأساسية ومن متطلّبات العملية الإنتاجية في جانب الاستيراد، وتعزيز نفاذ منتجاتنا إلى جميع الدول وتنويع تشكيلتها السلعية في جانب التصدير، فإن ما نأمله في كلا الجانبين أي الاستيراد والتصدير هو تنمية التبادل التجاري بيننا وبين الدول العربية، ولا سيما مع دول الجوار، وإلى أعلى حد ممكن، وبالشكل الذي يساهم في تسريع تبادل المنتجات وتخفيض أعبائها على صعيد التكلفة والوقت.

ما هي أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه الانفتاح الاقتصادي العربي على سوريا؟

مما لا شك فيه أنّ أبرز الصعوبات على الإطلاق تتمثّل باستمرار العقوبات القسرية أحادية الجانب كونها تؤثر ليس على صعيد استمرار تخوّف بعض المستثمرين ورجال الأعمال من التعامل مع سوريا، وبالتالي خضوعهم للعقوبات فحسب، وإنما تؤثر سلباً أيضاً على عمليات تحويل الأموال وإجراءات التأمين وحركة الشحن. ما يعني تأخّر دخول الاستثمارات والمستثمرين إلى ساحة العمل السورية بالمستوى المأمول.

لا استثناءات أميركية

هل يمكن أن تكون هناك استثناءات أميركية لجوانب التعاون الاقتصادي؟ أو بوضوح أكثر، هل بعض الدول العربية تسعى للحصول على استثناء أميركي من العقوبات لتوسيع تعاونها مع سوريا؟

من جانب أميركا والدول الغربية فإننا لا نتوقّع منح استثناءات كبيرة ومشجّعة، وخير مثال على ذلك القرارات الشكلية الخجولة والمؤقتة التي صدرت عقب كارثة الزلزال الذي ألمّ بسوريا، والتي أربكت من يرغب بمساعدة سوريا نتيجة عدم وضوحها وبشكل مقصود ما حدّ من تلمّس أيّ نتائج إيجابية لها. وكذلك الأمر خلال فترة انتشار وباء كورونا، حيث لم تشفع الظروف الإنسانية للمواطنين الأبرياء في صدور أي قرار من شأنه دعم سوريا لتخفيف الأعباء عنها نتيجة تداعيات انتشار الجائحة، والتي لم تكن آثارها صحية فقط وإنما اقتصادية واجتماعية أيضاً.

( الميادين . نت )