جديد 4E

حضن امرأة دافئ.. هو حلم يختصر كل أحلام الرجال في شرقنا .. فإن جاءكم بسرّه .. عليكنّ تصديقه

 

رويدة عفوف :

إن جاءكم بسرّه

في سنوات طفولته الأولى, كان آدم كلما ضاقت به الدنيا، يلتجئ الى حضن أمه، يذوّب في اتساع الحضن أحزانه، ويجفف بدفئه ما تبقى من دمع الوجع حتى ينساه على ايقاع أصابع أمه وهي تحرث شعره، ويغفو ويصحو بريئاً من الوجع والأحزان…

يكبر آدم…تكبر أحزانه، تضيق الدنيا به أكثر.. تأخذه كلمة (رجل) بعيداً عن أحضان أمه، فلا يبكي، ولا يبوح بوجعه، ثم أن حضن أمه صار ملك أخيه الصغير، أما هو فقد صار رجلاً، وعيب على الرجل أن يبكي، عيب أن يقول أني أتوجع وأني أريد لحضن أمي أن يمحو ما تبقى منه في جسدي…‏

تعساء…هم الرجال في شرقنا الحزين، حتى لو كانت بيانات جمعيات تحرر المرأة تقول عكس ذلك.. فالكاتمين على الوجع، والحابسين الدمع هم أسرى ألم غير معلن، والألم المخفي سرطان ينهك الجسد.‏

كان الألم يفعل في جسد أدم الكبير ما يفعل.. وكان آدم لا يشكو ولا يتوجع، فهو رجل والرجل في الشرق الحزين لا يشكو ولا يتوجع.‏

في الحقيقية كان أدم الكبير يتوجع …لكنه كان يؤجل كل ما فيه من وجع وحزن، لامرأة تأتيه من خلف المسافات يفرد في بعض أحضانها أحزانه دون أن يخجل من دمع عينيه، يذرفه تاركاً لدفء أحضانها أن تجففه.‏

في طفولته يغادر آدم الشرقي حضن أمه ليثبت للجميع إنه صار رجلاً، وحين تتعبه أسئلة الحياة وتوجعه يعيش ما تبقى من عمره باحثاً عن حضن امرأة للسبب ذاته.‏

في الشرق يحلم آدم بحضن امرأة يحتويه زمن البرد والوجع، امرأة تشبه أمه بدفء أحضانها، تأخذه بحنينها من وجع الدنيا، تلفه وتزمله وتبلل رأسه من أحزان العالم الذي يحرمه من نعمة الصراخ والبكاء بداعي إنه رجل.‏

حضن امرأة دافئ.. هو حلم يختصر كل أحلام الرجال في شرقنا، وهو أكبر وأقدم سر يكتمه الرجال فيه…‏

أيتها النساء.. إذا جاءكم رجل ليعترف بسره هذا فصدقوه، تعيس هو الرجل الذين لم يعرف حضناً دافئاً بعد حضن أمه.‏