السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:
عاتبني صديقي العازب على زاوية كنت نشرتها سابقاً وعنونتها “قررنا نسلق بيضة” وقال بحسد وغيرة “الله يتمها عليك.. صاير عم تشتري بيض وتسلق وتقلي.. ويمكن عم تعمل عجة وشظ مظ وما بعرف شو….؟؟!!”
وقبل أن يكمل سألته: هل قرأت الزاوية يا فهلوي…؟!
فقال: لا داع لقراءتها.. فما دمت بدأت بسلق البيض فربما تنتهي بشوي فروج أو بتحضير وليمة كباب..إلخ…!
عندها عدت للزاوية لأرى ما الذي أغضب صديقي وأثار حسده وغيرته، فاكتشفت أن مشهد سلق البيضة في الزاوية مسروق من أغنية للفنان الكبير زياد الرحباني، وليس فيه أي إشارة على أنني سأقوم فعلا بسلق بيضة، وإنما هي مجرد محاولة “ساخرة” للهروب من عصفورية الأسعار التي نعيش في جحيمها هذه الأيام، والتهرب من سيف الرقابة المسلط على أقلامنا وعلى كل ما يكتب، فسلق البيض “رغم غلائه وشح الغاز المنزلي” أهون بكثير من الحديث عن الفساد المستشري في كل مفاصل حياتنا الوظيفية والعامة..!
وعندما أوضحت الصورة أمام الصديق، عكست الحوار ونقلت المعركة إلى ساحته على الفور:
* لماذا لا تتزوج وتنجب أطفالا يحملون اسمك..؟!
** لست مستعداً لزيادة عدد الفقراء والجياع في بلدنا..!
* هل لك أن تشرح لي ما معنى ذلك..؟!
فقال سجل في مذكراتك إذن:
سعر غرفة النوم – هذا إذا جاك نوم ولاقيت وقت للنوم خلال الأربع والعشرين ساعة – أكثر من عشرة ملايين ليرة وليس هناك عروس تقبل بأقل من ذلك.. وسعر البراد أكثر من خمسة ملايين والغسالة بستة ملايين وما فوق.. وراح يعدد مستلزمات بيت الزوجية والتكاليف الباهظة المترتبة على الخطبة والعرس والذهب وملبوس البدن وغيره، وقبل أن ينتقل إلى حفاضات وحليب الأطفال – الذي يشهد ارتفاعا مذهلا هذه الأيام- وفواتير مراجعة الأطباء والحضانة والمدارس…، سألته:
* ما رأيك أن نسلق بيضة ونهرب من كل هذه السيرة المجنونة، فقال دون تحفظ:
** موافق ولكن بشرط.!
فقلت وقد أحسست بزهو “الانتصار” عليه:
* وما هو شرطك يا فهلوي زمانك..؟!
** أن تتولى أنت هذه المسؤولية شراء البيض والسلق ..فليس عندي لا بيض ولا غاز ولا من يحزنون..!