جديد 4E

مواطن مساير جداً..!

 

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

صاحبنا مواطن صالح جداً وغيور جداً يحبّ “الست رشيدة” حباً جماً ويخاف عليها من الطير الطاير، ولا يتقبل في حقها أي كلمة نقد أو انتقاد حتى ولو كانت من باب النصيحة وتصويب المسار وتصحيح الاخطاء، وهو يستخدم صفحته على الفيس بوك للترويج لكل قراراتها “الحكيمة” بما في ذلك رفع أسعار الاتصالات والبيض والفروج…… وتقديم أدنى سعر لمزارعي محصول القمح والتبغ والحمضيات، ويعتقد أن لديها كل الحق في رفع سعر صرف الأخضر الملعون مقابل عزيزتنا “الليرة”، ويرى أن الحفاظ على الرواتب والأجور بهذه الحالة المزرية يساهم في تحصين الناس من أمراض العصر، ولا سيما الفخفخة والبذخ والترف والاستعراض، والجلوس في المقاهي والمطاعم الفخمة وارتياد الفنادق ذات النجوم العديدة، والمعالم والنوادي والمنتجعات السياحية الباهظة التكاليف، كما يرى أن رفع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء يحمي صحته من الدهون والشحوم الثلاثية والكولسترول ويقيه من كل أمراض القلب والأوعية الدموية والجلطات، ويعتقد هذا صاحبنا – ومعه حق – أن إبقاء أزمة النقل والمواصلات بهذا الوضع “التعيس” يساهم في إنتاج جيل جديد قادر على التحمل والصبر والعناد، ولديه حصانة تؤهله لرفض كل المغريات التي تقدمها الجهات الساعية وراء تهجير الشباب وحرمان أوطانهم منهم، ولأنه مساير جداً فقد قرر مجموعة من القرارات الانبطاحية الاستثنائية مساهمة منه في دعم رشيدة والتقليل من الاعباء الملقاة على عاتقها تجاه مواطنيها…!

فقد قرر أن يُضرب عن الزواج مدى الحياة وأن يبقى عازبا كيلا يساهم في الانفجار السكاني وما يتطلبه ذلك من خلق فرص عمل وتقديم خدمات صحية وتعليمية ووو..!

كما قرر السكن بالإيجار طوال حياته وعدم التفكير نهائياً بشراء بيت أو بناء منزل في العشوائيات كي تبقى مدينته ترفل وتنعم بالتنظيم العمراني الحديث…!

وارتأى أن يقوم بتقليل مصروفه من المياه إلى الحد الأدنى بما في ذلك مياه الشرب والغسيل والاستحمام حتى يتمكن أصحاب السعادة والسيادة والمعالي والنيافة من ملء مسابحهم الخاصة واستهلاك كل ما يحتاجونها من مياه لغسيل سياراتهم وحيواناتهم وأموالهم..!

كما قرر الاقلاع عن التدخين حفاظاً على البيئة، والامتناع عن شراء السيارات كي لا يحملها اعباء إضافية، وآثر “التريث” في الأمر إلى حين قيام أحد حيتاننا الأفاضل باستيراد سيارات تعمل بالطاقة الشمسية أو القمرية..!

كذلك قرر الادمان على تناول عقاقير تقلل من شهيته على الطعام وذلك من أجل توفير الخبز والمواد الغذائية المقننة، والتحول إلى شخص نباتي ولو أدى ذلك إلى اصطدامه مع الحيوانات التي ترعى في المراعي والحقول..!

كما قرر الاقلاع عن مشاهدة برامج التلفاز المحرضة واليوتيوبات المغرضة المنشورة على الشبكة العنكبوتية، كي يبقى بكامل لياقته النفسية وجاهزيته الاجتماعية لسماع كل الخطابات والشعارات التي تتحدث عن المؤامرة الكونية وكيفية الاستجابة لحالات الطوارئ وتداعيات الزلازل..!

ولأنه مواطن مساير جداً قرر الصوم عن الكلام وعدم التدخل في أي شاردة أو واردة، حتى لا يزعل منه أحد أبداً، وارتداء كمامتين لتقنين عمليات الشهيق والزفير استعداد لرفع أسعار الهواء….!