جديد 4E

حتى أبو الهول .. التزم منزله الطلق ووضع الكمامة .. التزموا منازلكم أيها الناس .. وخلوكم بالبيوت

إعداد : علي محمود جديد – للسلطة الرابعة

بالتوازي مع الانتشار المريع لوباء كورونا الذي يجتاح العالم، ومشاهد الناس المحجورين المحجوزين المعزولين، والموضوعين في المشافي، وأولئك المتوفين – رحمهم الله – المشحونة جثثهم إلى المحارق خوفاً من العدوى .. يتفتّق في أذهان العديد من الفنانين أعمالاً فنية تتلاءم مع هذا الواقع الذي فرض نفسه على الحياة.

أبو الهول بالكمامة

مصمم الغرافيك المصري محمد جابر قال لموقع /CNN  / عربية، إنه أراد أن يزج المواقع السياحية المغلقة في التوعية، ليقدم مشروعاً فنياً يجسد معاناة العالم بأكمله بسبب انتشار فيروس كورونا.

 ويتضمن المشروع، والذي يحمل عنوان “ألم في كل مكان”، أشهر المعالم السياحية في العديد من الدول كمصر، والكويت، والإمارات، وأمريكا، وإيطاليا.

أما عن سبب اختياره لهذه البلدان، فيوضح جابر أنه أراد التركيز على بعض البلدان العربية، بالإضافة إلى إيطاليا، حيث سُجلت أعلى نسبة وفيات بسبب فيروس كورونا.

ويشمل المشروع معالم تذكارية مختلفة، ومن بينها تمثال أبو الهول في الجيزة بمصر، والذي ألبسه الفنان محمد جابر الكمامة، مُعتبراً أن الأعمال الفنية لها الدور الأكبر في تبسيط المعلومة وإيصالها، مشيراً إلى أن الفن يعد بمثابة لغة للتواصل.

 ومن بين تصميماته، يظهر تمثال الحرية في نيويورك بالكمامة أيضاً، ويحمل عبوة مطهر اليدين وكذلك علبة المناديل الورقية، كإجراء وقائي ضد انتشار الفيروس.

راغب علامة و ( عم تصعب الأحوال )

من جانب آخر يستعد الفنان راغب علامة لإطلاق أغنية جديدة تقديراً للطاقم الطبي في لبنان والعالم، الذين يتصدون لتفشي فيروس كورونا المستجد، مشيراً في تصريح لقناة /   MTV/ إلى أنّ هذه الأغنية من كلمات نزار فرنسيس، وألحان جان ماري رياشي، وتقول كلماتها: “في خوف مقرّر يقتلنا.. وعم بتصعب الأحوال.. هالمرّة إنتو أملنا.. لو كنتو قلال”.

الهند .. أعمال توعوية على الرمال

وفي الهند قام الفنان (Sudarsan Pattnaik )  الذي يحترف فنون الرمل، بتصميم رسومات بالرمل للتوعية بخطورة كورونا.. حيث استغل موهبته لتصميم المجسمات على الرمال لتوعية مجتمعه بخطورة فيروس كورونا المستجد، وحثهم على البقاء في المنزل للحد من انتشار الفيروس القاتل، إضافة إلى مناشدتهم للحفاظ على نظافتهم الشخصية والحرص على غسل أيديهم باستمرار كجانب مهم من إجراءات الوقاية من الإصابة بالمرض، وذلك من خلال مجسمات طريفة صممها على الرمال.

وقد لاقت هذه المبادرة من الفنان الهندي للتوعية بخطورة فيروس كورونا المستجد وحث المواطنين على البقاء في المنازل، ثناء المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، الذى شكره، وقال عن مبادرته الفنية هذه، “الفن أداة قوية لإرسال رسائل قوية إلى العالم.. شكرا لك”.

الجزائر .. الفن في زمن الكورونا

وفي الجزائر قرر الفنانان التشكيليان عبد الجليل جاب الله وخليفة الأسود، تحويل قاعة العرض في “دار الثقافة محمد الأمين العمودي بولاية وادي سوف، إلى فضاء لاستعراض قدراتهما الفنيّة للتوعية بأخطار فيروس “كورونا” واختار المنظمون عنوان “الفن في زمن كورونا”، ليكون شعاراً لهذا  الحدث الفنّي بهدف توعية المجتمع بأخطار الفيروس، من خلال وسائل وأدوات جمالية.

الفنانان عبّرا عن حالة الخوف التي تركها انتشار “كورونا”، وهو ما تصوّره على سبيل المثال لوحة أمّ وهي تحتضن ابنها، وهما ينظران بعيون قلقة تحاول قراءة ما

إلى ذلك أشارت صحيفة الشرق الأوسط إلى أنه مع وباء فيروس «كورونا»، خيَّم على صالونات الفن والغاليريهات في كل أنحاء العالم، جو التأزم أو التراجع، حيث تدنى مجمل المبيعات إلى أقل مستوياته خلال الشهرين الماضيين.

غاليري – 1 : الوضع صعب للغاية

 وقال مدير واحدة من أكبر صالات العرض في روما «غاليري واحد»، إن «الوضع الحالي صعب للغاية، فمبيعات صالات العرض في ميلانو وروما مثل مشترياتها، تراجعت بنسبة 100 في المائة». وأضاف مدير القاعة أدريانو جميللي يقول: «عرفنا جموداً ملحوظاً في سنوات سابقة، يعود إلى خوف المشترين، غير المبرر طبعاً، الآن الوضع مختلف، فالأجواء المرعبة للوباء الفيروسي ستؤدي إلى ركود مفجع في بعض الدول؛ حيث ستخفِّض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5 في المائة، وفي أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزاً في الدخل العالمي بقيمة تزيد على أربعة أو خمسة تريليونات دولار.

كل الدعوات المحلية والعالمية إلى وضع سياسات منسقة لتجنب الانهيار في الاقتصاد العالمي، نتوقع عدم نجاحها. وهذا بالطبع -وبشكل كارثي- ينسحب على سوق الفن.

صمتٌ مُطبق ..!

عالم الفن بهذه الأيام، صمت مطبق، لتلك الافتتاحات التي كانت تأخذ بالألباب، اختصاصيو غاليريهات، ومغرمو موضة؛ فقد سقط متاع ذو مستوى عالٍ، وصمتت معه جملة من البروتوكولات والاحتفالات والنظريات والمزاد العلني والصفقات السرية.

قبل «كورونا»، كان الفن عالماً يتعايش بداخله فنانون، ونقاد الفن، ومنظمو الغاليريهات، وجامعو الأعمال الفنية، ووسائل الإعلام، ومتاحف، وجمهور؛ ولقد تمكن هذا النظام مع مرور السنين من إعادة صياغة نمط هويته.

مجرّة أخوات الفن السبع

كانت تلك هي «قوة الفن». ولا بد من التأكيد على أن بعض المعطيات التي كانت إلى ما قبل ظهور هذا الفيروس المرعب، قد أبرزت أوروبياً تنامي ظهور عدد من الفنانات والفنانين الملتزمين، ومجموعات من الفنانين الأميركيين، وعلى رأسهم جماعة «رفع الاحتلال عن هذا المكان» والمجموعة الإندونيسية «روانغروبا»، ومجموعة «روان». كما يجب أن نذكر في هذا الإطار حركة «أنا أيضاً». أما القيمون على عالم الفن فليسوا بكُثر؛ إذ لا يتجاوز عددهم العشرة في كل العالم، والأمر نفسه يمكن قوله عن مديري المراكز الثقافية.

لقد بدا لنا «نظام عالم الفن»، لعدة سنين، وحتى نهاية شهر فبراير (شباط) من العام الجاري، كمجرة نجد في وسطها ما سماها بعضهم أخوات الفن السبع: «الموما- ب س1»، و«الكاغنهايم»، و«المات»، في مدينة نيويورك، ومتحف «بومبيدو» بباريس، ومتحف «تيت» في مدينة لندن، ومتحف «لودفيغ» في مدينة فيينا، ومتحف «كولونيا» في ألمانيا، ومتحف «بودابيست» في هنغاريا، ومؤسسة الفن لسوروس العالمية التي أسسها رجل الأعمال الهنغاري جورج سوروس. ويدور حول فلك الأخوات السبع عديد من القيمين (على المعارض والغاليريهات…)، والفنانين.

قبل أيام وباء فيروس «كورونا»، بدت خريطة نظام الفن أكثر تحركاً، وأشعرت جميع المختصين في عالم الفن بأنه لا يزال للمتاحف دور مهم. بيد أنه منذ زمن، بدا أن سلطان المتاحف تحيط به بعض الغاليريهات مثلما توكد مجلة «إعادة النظر في الفن». ذلك أننا نجد شركات متعددة الجنسيات والحدود تقوم بهذا الصنيع.

خمود أرباب الأموال الطائلة

 أسماء كثيرة امتلكت شهرة وحضوراً  من أرباب صناعة الغاليريهات الذين يتحركون على صعيد عالمي، تحركهم عاصفة العولمة وبساطها الذي ركبوه مثلما ركبهم، ولهم مقرات في عديد من المدن، وغالباً في قارات مختلفة، ورغم الاختلاف بينهم فهم يسلكون كـ«بلوتوقراطيين»، أي أرباب الأموال الطائلة الذين يؤثرون في عالم السياسة؛ بل كرجال الاستعراض والعرض، كمروِّضين وكلاعبي «البوكر». إنهم لا يعدون الزيارات إلى الورشات الفنية واستوديوهات الفنانين أمراً مهماً، كما لا تعنيهم كثيراً الأحكام عن جودة اللوحات الفنية أو عن التماثيل المنحوتة، أو التركيبات الفنية الحديثة التي يطلق عليها تسمية «ستيلاسيون».

قبل انتشار «كورونا»، كتب أحد نقاد الفن المشهورين، الأميركي جاري سالتز، لمجلة «نيويورك»، أن السوق كـ«مخدر يبلغ خنقه (لمتعاطيه) إلى هوس التبعية له وإلى إدمانه؛ إنه عاصفة مبرمجة مجبولة من الإشهارات والسمسرة والجشع والاحتكار، إنه خليط من تجارة عبيد (نخاسة)، ووكالة بورصة».

لا مكان للطمع بالسر ولا بالعلن

أما استراتيجية صانعي الغاليريهات ذات الأبعاد العولمية، فواضحة وبينة: العمل الدؤوب على جعل القيمين عليها أقل تأثيراً، وذلك بإجبارهم على اختزال عملهم إلى مجرد ممارسة توثيقية وتنظيمية، ثم هم لا يكتفون بذلك؛ بل يعملون على تقويض عديد من الغاليريهات «الوطنية»، و«المحلية». ويحدوهم ويسوقهم في ذلك الطمع السري: التشجيع على تنميط الذوق والاختيارات الفنية، بأن يجعلوها ينسخ بعضها بعضاً.