سؤال مشروع ..
قاسم زيتون :
بعيداً عن الاقتصاد والسياسة والرياضة نتكلم اليوم في القانون والاخلاق .
ومن يسأل ما علاقة القانون بالأخلاق هناك سؤال لن أنساه ابداً منذ ايام دراستي الجامعية وهو أيهما اسمى القانون أم الأخلاق ..؟ وكان الجواب انه يجب ان يكون النص القانوني مستنداً الى قواعد الاخلاق كالعدالة والمساواة وصون الحقوق ومعاقبة المخالفين وبالتالي فإن أي تعارض لنص قانوني مع قاعدة اخلاقية فتصبح قواعد الاخلاق هي واجبة التطبيق ومن هنا ندخل الى موضوعنا الاساسي وهو الحكم القانوني والاخلاقي لرواتب المتقاعدين الحالية .
قانوناً الموظف ملزم بأداء نسبة من راتبه تضاف الى حصة رب العمل لتسديدها للتأمينات الاجتماعية ضماناً له لتأمين مستقبله كراتب شهري عند بلوغه سن التقاعد وتبلغ هذه النسبة 21 % من الراتب الشهري وبني ذلك على اساس من التكافل الاجتماعي لمجموع العاملين في الدولة بتسديد تلك المبالغ لأداء الرواتب للمتقاعدين ولكونهم سيحصلون على نفس الميزة عند بلوغهم سن التقاعد وهذه الأموال هي ملكية خاصة للعاملين والمتقاعدين وليست من اموال الدولة وهي تشمل رواتب العاملين في القطاع العام والخاص و الدولة ممثلة بوزارة المالية كانت تستثمر هذه الاموال وكانت بتصرفها عبر عقود طويلة الى ان صدر مؤخراً قانوناً يجيز لمؤسسة التأمينات الاجتماعية استثمار أموالها، وبقي ذلك حبراً على ورق بالرغم من بعض الاستثمارات الخجولة، وبقيت معظم هذه الأموال بتصرف وزارة المالية وهنا يبرز السؤال القانوني التالي : هل من حق المتقاعد الحصول على راتبة التقاعدي بالقيمة المقدرة بعدد الليرات السورية .. أم انه يجب ان يسعر بناءً على التضخم سواءً مقارنته بسعر الصرف الحالي او بمجموعة من السلع الاستهلاكية الاساسية كون ما سدده العامل كان يعادل أضعاف مضاعفة لما يحصل عليه ..؟ ألم يكن هناك سوابق قانونية لمثل هذه الحالات كمعالجة الديون القديمة بين الأفراد وكذلك احتساب مهر الزوجة بناءً على حالة التضخم المتزايدة ..؟ وهنا نعود لنذكر بقواعد الاخلاق التي بنيت عليها كل النصوص القانونية فهل يجوز اخلاقياً ان يتقاضى المتقاعد ما يكفي اسرته ولو لوجبة واحدة يومياً وهو سدد من ماله الخاص تأميناً له ما يعادل تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة فإذا كنا مختلفين قانونياً مع وضوح روح النص القانوني فهل يجوز أخلاقياً ان يجوع ويذل من امضى حياته في التحصيل العلمي وسعى بكل جهده للحصول على وظيفة عامة لأنها تحقق له الضمان لمستقبله في شيخوخته ان تذهب كل جهوده سدى ليكون ما يحصل عليه اليوم اشبه بالصدقة التي لا تغنيه من جوع وتحفظ له كرامته التي هي حق من حقوقه الاساسية وليس منة من الحكومة وانما له الحق في استعادة ما دفعه عبر سنوات طويلة ليأمن غدر الزمان ليجد نفسه اليوم كمن قامر على مستقبله ..؟!
ما دفعني لإثارة هذا الموضوع بائع يا نصيب تواريتُ عنه حتى لا يراني ويعرف أني شاهدته على هذا الحال، وانا الذي اعرف تاريخه المشرف ومستواه الرفيع قبل أن يعلن الحكم عليه بالموت البطيء .
ملاحظة لا بد منها هو أن الأمر يصبح أكثر مرارة عندما يكون المتقاعد عسكرياً لأنه تربى أكثر على الأنفة وعزة النفس وتصوروا معي كيف حاله اليوم .
عن الصفحة الشخصية للأستاذ قاسم