جديد 4E

غرفة تجارة دمشق تغازل مجد الشام وتكتب : دمشق النابضة بالحياة منذ 11 ألف عام  .. ظاهرة فريدة بهذا العالم بلا منافس ولا شبيه

 

لعب تجارها دوراً في كل الحروب والأزمات .. وهي من قدم الزمان مركز تجارة وصناعة تميزت بمنتجاتها ومهارة صناعها

نساء دمشق لم يكنَّ مجرد حريم .. أسّسنَ جمعيات .. وروابط ومجالس أدبية ضمّت عمالقة الأدب والفكر

الدمشقية نازك العابد أول امرأة عربية برتبة ضابط .. خاضت معركة ميسلون إلى جانب يوسف العظمة فمُنحت رتبة جنرال فخري

86 صحيفة يومية .. و93 مجلة في دمشق عام 1949 و 40 دار سينما بين 1916 و 1950

القيادة الحكيمة للرئيس الأسد في مواجهة الإرهاب تؤكد أن عاصمة الأمويين جلمود صخر تتكسّر عليه أطماع الغزاة

 

السلطة الرابعة – 4e :

غزلٌ جميل لمجد دمشق الشام بحروفٍ من نور، شعّت بضيائها الليلة من غرفة تجارة دمشق التي بدت كعاشقٍ يبثُّ نجواه إلى معشوقته على بساطٍ من حبٍّ وصفاء.

فقد بادرت غرفة تجارة دمشق لاستذكار المجد الدمشقي والتاريخ العريق لهذه المدينة المستمرة في الحياة بلا انقطاع منذ ( 11 ) ألف سنة، ونوّهت كيف أنّ دمشق علّمتْ العالم المدنية قبل الميلاد، وكيف سَمَتْ لتبقى منذ غابر الأزمان مركز إشعاعٍ ونور وحضارة، ومحرك اقتصاد كبير وبارع، ونوادٍ في العلم والأدب والمسرح والموسيقى .. إلى عراقة مركزها في التجارة وفي الصناعة .

إنها مبادرة مميزة من غرفة التجارة الدمشقية العريقة هي أيضاً، والتي لا شك بأنها ستُشكّل عندها حماساً وحافزاً كي تستمر بدورها في الحفاظ على هذا المركز المتألّق التجاري والصناعي لهذه المدينة الرائعة ( دمشق ) ذات القلب النابض الذي لا يتوقف.

فماذا قالت غرفة تجارة دمشق ..؟

عمرها أحد عشر ألف عام.. علمت العالم قبل الميلاد

كل الطرق تمر أو تقود إليها..  دمشق.. تاريخ يرتبط فيه التاريخ

غرفة تجارة دمشق :

ببشرها وحضارتها وثقافتها وتاريخها كانت ولا تزال قبلة الباحثين والواحة التي يبحث عنها القادمون من الشرق والغرب والشمال والجنوب.. ونقطة ارتكاز التجارة والسياسة.. أجل هي دمشق أقدم عاصمة في التاريخ المثقلة بالتراث والحضارات التي توالت عليها كما تشهد أوابدها وآثارها.. فمنها تطورت العلوم وانطلقت الأديان السماوية.. وفيها ارتقت الفنون والآداب والثقافة..  ومن خلالها ازدهرت تجارة العالم منذ العهود الآرامية والأشوريين والكلدانية وصولا إلى العهود الإسلامية.. فكل الطرق تمر أو تقود إليها.

فشام الياسمين كما يحب أهلها تسميتها هي أقدم مدينة مأهولة في العالم بأوابدها التي تعود لعصور سحيقة.. وأماكنها المقدسة حيث الجوامع تعانق الكنائس.. وشوارعها وطرقاتها التي مشى عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والقديسين والملوك والقادة والعلماء والعظماء والشعراء والكتاب والمؤرخين من صناع التاريخ.

مدينة عمرها أحد عشر ألف عام علّمت العالم المدنية قبل الميلاد وكانت عاصمة لدولة اعتبرت من أكبر خمس إمبراطوريات عبر التاريخ وأمّها العلماء من كل أصقاع الأرض لنهل العلم.. مدينة كان مناضلوها  شفيق بك مؤيد العظم وعمر الجزائري وسليم الجزائري وشكري بك العسلي ورشدي الشمعة وهم من كبار رجال الفكر والتنوير والعلم والنهضة العربية.. رجال وقفوا في وجه جمال باشا السفاح فعلق مشانقهم منارات في ساحة المرجة في 6 أيار حتى تقدست بهم الأعواد والمسد.

أول رئيس لسورية محمد علي العابد

فوفقا للباحث خير ماميش ابن أقدم عائلة مسجلة بدمشق.. فالشام هي التي أسقطت في عام 1930 صبحي بركات مرشّح الفرنسيين وانتخبت محمد علي العابد رئيساً للجمهورية السورية.. العابد الذي كان يحمل شهادتي دكتوراه الأولى في الهندسة المدنية والثانية في القانون الدولي وكان يتقن اللغات العربية والتركية والفارسية والفرنسية والإنكليزية.

كما يسجل لدمشق تأسيس أقدم جامعة حكومية في الوطن العربي عام 1903 من خلال المدرسة الطبية بفرعيها الطب البشري والصيدلة والتي كان فيها خلال ثلاثينات القرن الماضي  أكثر من 400 عيادة طبية عامة و اختصاصية لأطباء درسوا في الخارج أو لأطباء درسوا في جامعة دمشق التي كانت قد خرّجت في عام 1936 سبع دفعات بين طبيب و طبيبة .

وبحسب المؤرخ والكاتب سامي مروان مبيض فإن دمشق في مطلع الثلاثينات كانت مدينة متطورة ومتنورة للغاية فيها صناعة سينما، ومسارح، وقانون سير، وترامواي، وندوات أدبية، وحفلات موسيقية لأكبر الفنانين العرب.. وكانت مسرحاً لنشاط سياسي رفيع، وفيها أحزاب وتظاهرات نسائية ورجال فكر وقانون وجامعة عصرية قل مثيلها في العالم العربي.

كما استطاعت الأحزاب والجمعيات السياسية وعلى رأسها الكتلة الوطنية التي نشأت في دمشق اقتلاع دستور 1930 من عيون فرنسا والذي أقيم على أساسه مجلساً نيابياً ومؤسسة رئاسة منتخبتين قامت بهما الجمهورية السورية الأولى.

أما على الصعيد التجاري فكانت دمشق على مدى تاريخها الطويل مركزاً تجارياً وصناعيأ هاماً في المنطقة.. فاشتهرت منذ القدم بصناعاتها المتميزة ومهارة صنّاعها حيث لعب تجارها دورا هاما في كل الأزمات والحروب التي تعرضت لها المدينة خلال تاريخها الطويل.

وفي خضم الحديث عن رجالات دمشق وتجارها لا يسعنا ألا المرور على دور المرأة الدمشقية.. فنساء دمشق لم تكن مجرد “حريماً” كما وصفتها بعض الروايات والقصص .. فهن اللواتي أسسن الرابطة الأدبية في عام 1922م والمجلس الأدبي من خلال السيدتين مريانا مراش و ماري عجمي الذي ضمَّ عمالقة الأدب والفكر من دمشق والمحافظات السورية الأخرى والذي أصدر أول صحيفة نسائية عربية كانت تسمى صحيفة “العروس”.. وهن من شكلن جمعية “نقطة الحليب” في عام 1922 وما تزال تمارس نشاطها في دعم الأمهات والأطفال وجمعية يقظة المرأة الشامية عام 1927 التي هدفت إلى تشجيع عمل النساء في الريف وإحياء وتنظيم الصناعات اليدوية التقليدية وجمعية دوحة الأدب 1928م وجمعية خريجات دور المعلمات والرابطة الثقافية النسائية والنادي الأدبي النسائي وغيرها الكثير وفقا للباحث ماميش.

وهناك السيدة زينب الغزاوي التي استشهدت في معركة ميسلون والنقيب نازك العابد وهي أول امرأة عربية تحمل رتبة ضابط والتي شاركت أيضا إلى جانب يوسف العظمة في معركة ميسلون ومنحها الملك فيصل رتبة جنرال فخري ولقبها البعض بخولة بنت الازور وجان دارك سورية.. وهناك رشيدة الزيبق التي امتطت جوادا وشاركت في المعارك ضد المحتل الفرنسي .

وإذا أردنا الحديث عن الفن والمسارح والمجلات والصحف الصادرة في دمشق فالكلام يطول حيث خرج منها رائد المسرح العربي أبو خليل القباني الذي علم الناس معاني الفن والموسيقا.. وفيها تأسس  “نادي الفنون الجميلة” في سوق ساروجة عام 1930 والجمعية العربية للفنون الجميلة عام 1943.. وانتشرت في أحيائها عشرات المسارح والفرق كفرقة نادي الاتحاد عام 1906 وفرقة ايزيس عام 1931 وفرقة ناديا المسرحية والفرقة السورية والفرقة الاستعراضية في الثلاثينات وفرقة الكواكب في الاربعينات ناهيك عن حوالي أربعين دار سينما ما بين عامي 1916 و1950.

فخري البارودي

وبرز فيها أهم الشعراء العرب كفخري البارودي وشفيق جبري ومحمد البزم وخليل مردم بك.. وهي التي ولدت في عشرينات القرن الماضي نزار قباني الذي علم العالم قيم الحب والجمال والإنسانية والوطنية.. وهي التي احتضنت 86 صحيفة يومية و93 مجلة عام 1949.

وتبقى أم عواصم الأرض دمشق أو الفيحاء أو جلق كما وصّفها المؤرخ مبيض بأنها ” ظاهرة نادرة في التاريخ وليس لأي مدينة في العالم أن تشابهها أو تنافسها في صفاتها الفريدة “.. فهي تاريخ يرتبط فيه التاريخ.

فعبر السنين تعرضت دمشق لحروب تكاد لا تعد ولا تحصى من قبل الغزاة والطامعين والمستعمرين وكانت دائما بحنكة رجالاتها وقادتها تخرج منتصرة ترمم جراحها وتعود متجددة لدورها وثقلها ولعل الحرب الإرهابية التي تعرضت لها خلال  السنوات العشر الماضية من قبل دول الاستعمار القديم مجتمعة.. والقيادة الحكيمة التي انتهجها سيادة الرئيس بشار الأسد في مواجهة  إرهاب تلك الدول خير دليل على أن عاصمة الأمويين صخرة جلمود تتكسر عليها أحلام وأطماع وأمنيات كل الغزاة والمستعمرين.