جديد 4E

 تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالكلام لا يفيد .. لا بد من دعم تمويلها بلا تكلفة .. بلا فوائد .. وحتى كمنحٍ بلا إعادة

 

( السبب والنتيجة )

 

 كتبه: د. عامر خربوطلي

غالباً ما تتداخل عوامل السبب والنتيجة لتجعل من مشكلة معينة أكثر تعقيداً وأكثر صعوبة في الحل نتيجة تحول الأسباب إلى نتائج ومحاولة إيجاد الحلول من خلال الاعراض والنتائج والظواهر دون العودة للأسباب الجوهرية العميقة والتي قد تكون في بعض الأحيان ليست بالغة الصعوبة والتعقيد وانما أدى تراكمها إلى استعصاء الحل واضاعة بوصلة الطريق.

وهذه المقدمة تنطبق تماماً على بعض مشاكلنا الاقتصادية التي تبدو من زاوية معينة صعبة الحل أو تحتاج لموارد مادية أو بشرية كبيرة غير متاحة في الوقت الحالي ضمن ظروف معينة استثنائية يمر بها الاقتصاد السوري ومع ذلك فالقاعدة تقول ببساطة (إن أي مشكلة قابلة للحل إذا استطعنا الوصول للأسباب الحقيقية وتم تحليلها بدقة وتمت معالجتها) ولا معنى أبداً لمعالجة العوارض والنتائج لهذه المشكلة.

وارتفاع الأسعار احدى أهم مشاكل الاقتصاد السوري حالياً والذي ترافق مع حالة غير مسبوقة من الجمود والركود وضعف المبيعات ونتائج ذلك أدى لتراجع الدخل الفردي الحقيقي بالإضافة لتراجع الادخار والاستثمار والاتجاه نحو الاكتناز السلبي للعملة أو المعادن الثمينة دون تشغيل حقيقي والبقاء في حالة انتظار غير مبررة.

وتأتي الحلول لمعالجة هذه النتائج دون أن تثمر حلولاً مجدية ولأعطي مثالاً حياً عن هذا الموضوع وبكل بساطة.

الجميع يدعو لدعم وتشجيع المشروعات والأعمال متناهية الصغر لتوليد دخل إضافي لأصحابها وهذا أمر جيد بشكل عام ولكن القاعدة العامة تقول أن أصحاب الدخول المنخفضة يزداد ميلهم للاستهلاك مع أي زيادة تطرأ على دخولهم ولا يمكن لهم أن تزداد ادخاراتهم ومن ثم استثماراتهم إلا عندما يتجاوزون عتبة اشباع جميع حاجاتهم الاستهلاكية التي كانوا محرومين منها، فكيف نقنع فقيراً بالاستثمار و حرمان نفسه من استهلاك مواد أساسية بغرض التعويض عن ذلك لا حقاً عندما يبدأ الاستثمار وتظهر عوائده  فالتشجيع هنا لا يحقق أهدافه ولا بد من الجهات الداعمة الحكومية أو الأهلية أن تقدم أموالاً رخيصة لدعم هؤلاء ضعيفي الدخل مادياً أو تلبية متطلبات استهلاكهم أولاً وتقديم أموالاً دون أية تكلفة أو فوائد أو بدون إعادتها،  كمنحة  لغاية تأسيس مشروع وتقديم الدعم اللازم لهم تسويقياً أو فنياً لإنجاح مشروعهم .

والشاهد هنا أننا يجب أن نبحث عن سبب احجام الفقراء عن القيام بالمشاريع قبل أن نعالج أسباب فشل مشاريعهم ودعم استمرارها بالشكل الأمثل عند رجال الأعمال المتمرسين.

التركيز في معرفة الأسباب الحقيقية يمنح متخذي القرارات سواء المباشرة أو غير المباشرة القدرة الاقتصادية على استنباط الحلول الصحيحة والقابلة للتنفيذ، إنه التركيز والاستغراق والتحليل المعمق والذي لا يمكن إلا أن يأتي بنتائج أفضل لتحسين الوضع الاقتصادي والمعاشي.

 

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (150)

دمشق في 12/1/2022.