جديد 4E

غير متفائلين بالعام الجديد حتى يثبت العكس…

السلطة الرابعة – وصال عبد الواحد :

استقبل الكثير من السوريين عامهم الجديد على أضواء الشموع واللّد، لم يمنعهم الظلام وقلّة الدفء من ممارسة طقوس الاحتفال التي يحبّون في منازلهم ولو بطريقةٍ بسيطة، ومن إرسال المعايدات والتهاني إلى الأهل والأصدقاء متمنين لبعضهم البعض أن يكون العام 2022 أخفّ وطأً وأقل ضغوطاً.

شعبٌ يُثبت دائماً بأنه لا يكفّ عن صناعة الأمل، وانتهاز لحظات السعادة والفرح رغم أنف الهموم المتراكمة، والصعوبات التي بتنا نعاني منها جميعاً خلال السنوات الماضية.

فهل سيكون العام 2022 عام راحة البال والتخلّص من الكثير من الضغوط؟ وهل سنشهد انفراجات قريبة بحسب الوعود المتكرّرة لتحسين الوضع المعيشي والخدمي؟!

سنخبركم في هذه المرّة وبكل صدقٍ وشفافية بأنّنا غير متفائلين، وأصبحنا غير قادرين على إعادة شحن التفاؤل في أرواحنا كما نجحنا دائماً خلال السنوات الماضية! اليوم نحن بحاجة ماسّة لأن نشهد نتائج أقوالكم على أرض الواقع، فربما طاقة النيّات التي تستخدمونها عادةً في شحن عقولنا بوعودكم وتصريحاتكم، قد أصابها خللاً ما! وبالتالي سيتعذّر معها إعادة الشحن بالتفاؤل مجدّداً! سارعوا إلى مواجهة تلك المشكلة والاعتراف بها، والعمل على إصلاحها كي نستطيع مواصلة حياتنا وأعمالنا في بلدنا الغالي سورية بعيداً عن الضغوط والمشاكل والهموم التي أصبحت تحيط بنا من كلّ جانب، وحقيقةً لم نعد نقوى عليها صبراً.

لماذا نحن هذه المرّة غير متفائلين؟

دعونا نناقش معاً جملة من القرارات والقوانين التي صدرت خلال الشهر الأخير من العام الفائت:

  • قرار كهرباء معفاة من التقنين وبكلفة 300 ل.س للكيلو واط يسمح لكبار المشتركين من فعاليات صناعية وتجارية وسياحية ممن لديهم مخرج خاصّ وتحويل خاصّ من الاستفادة من هذا القرار بالتزامن مع تصريح للوزير غسان الزامل من أنّ إنتاج سورية من الكهرباء حالياً يتراوح بين 2.7 -3 آلاف ميغاواط يومياً، منها ألف ميغاواط معفاة من التقنين تذهب للمستشفيات ومضخّات المياه والمنشآت الحيوية والمؤسسات الحكومية والزراعة والمعامل والمطاحن وغيره. إذاً ما هي النتائج المرجوّة من هذا القرار في تحسين وضع الكهرباء ومنعكساته على الشعب السوري ككلّ؟!
  • قرار رفع الدعم عن 333 ألف بطاقة ذكية وتوزيع الدعم على العائلات الأكثر حاجةً وفقراً، علماً أنّنا نعلم بأن نسبة العائلات التي أصبحت بحاجة أكثر إلى الدعم يفوق هذا الرقم بآلاف آلاف المرات.
  • الرسوم المضافة لمصلحة الوحدات الإدارية والذي نعتبره جميعاً حقّ شرعي للدولة على مواطنيها والذي يهدف ضمنياً إلى تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية، لكي تتمكّن من ممارسة الدور التنموي في المجتمع المحلي، إلى جانب الدور الخدمي وتنفيذ مشاريعها بكفاءة وفعالية وتقديم خدماتها للمواطنين بشكل أفضل. مع العلم بأنّنا نعاني اليوم وبشكل واضح من نقص وسوء في الكثير من الخدمات المقدّمة.

إضافةً إلى الكثير من المشاكل الأخرى المتعلّقة بتوزيع المواد المدعومة كالخبز والسكّر والرزّ، وأزمة المواصلات وارتفاع الأسعار والضرائب، وهاجس الشباب وتفكيرهم المستمر بالسفر إلى خارج البلاد.

نحن كسوريين اليوم نتمنى لو يعود بنا الزمان إلى الخلف حيث كانت حياتنا على أقلّ تقدير أبسط وأجمل!

حيث كانت ساعة “الجوفيال” في يدّ الأب العجوز أغلى أجهزة البيت سعراً وأكثرها حداثة.  أخبار التاسعة أقلّ إحباطاً، والطرق أقلّ ازدحاماً، وأجرة الباص خمس ليرات، والدخول إلى لبنان لا يحتاج ضمانات. والبوط الصيني في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين، و”ألمانيا” بلد الأحلام” والتلفزيون يغلق شاشته في موعد محدّد مثل أي محل أو مطعم.

كانت أقلام البيك الحمراء هي الوسيلة الوحيدة للحبّ قبل اختراع الموبايلات، عندما كانت المكتبات تبيع دفاتر خاصة للرسائل أوراقها مزيّنة بالورود، كان مسلسل “صح النوم” لدريد ونهاد يجمع الناس مساءاً.  كان “الإنترنت” رجماً بالغيب لم يتوقّعه أحذق العرّافين، ولو حدّثت أحداً يومها عن “البوتوكس” لاعتبرك مرتدّاً أو زنديقاً تستحقّ الرجم.  أما الفيسبوك فإنه حتماً سينضمّ إلى قائمة المستحيلات السبعة ليصبحوا ثمانية! حين كان مذاق الأيام أشهى، والبرد يجعل أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفركونها ببعضها” كانت جمعات الناس أحلى، وقلوبهم أكبر، وطموحاتهم بسيطة ومسكينة وساذجة! كانت الحياة أكثر فقراً وبرداً وجوعاً، لكنها كانت دائماً خضراء.

فهل ستعود سورية خضراء؟ وهل سنجد العصا السحرية التي ستحوّل واقعنا إلى الأفضل؟

العصا السحرية موجودة بالطبع، ولكن تحتاج إلى كود سرّي لن نصل إليه ما لم نضع مصلحة سورية فوق الجميع.