جديد 4E

وزير النفط في حوار مفتوح مع صحفيي “الثورة وتشرين”: مليار دولار فاتورة المشتقات كل أربعة أشهر.. وأميركا تستبيح حقوق الشعب السوري

 

السلطة الرابعة – 4e :

أكد وزير النفط والثروة المعدنية المهندس بسام طعمة أن احتياجاتنا النفطية كلها الآن مستوردة مما يسبب استهلاكاً كبيراً للقطع الأجنبي على حساب قطاعات أخرى، وقطاع الطاقة هو قطاع حيوي ومحرك للقطاعات الأخرى، وبالتالي الإنفاق عليه يؤثر في القطاعات الأخرى.

وأضاف الوزير خلال لقائه صحفيي “الثورة وتشرين” اليوم: إن كل ما يتم إنتاجه أو يصل للمواطنين من مشتقات نفطية هو مستورد، وبالتالي تحولنا من بلد ينتج كفايته ويصدر الباقي إلى بلد مستورد لكامل احتياجه من المشتقات النفطية، وكل ذلك بسبب الحرب العدوانية الظالمة على سورية واحتلال القوات الأميركية لحقول النفط في المنطقة الشرقية.

وهناك جانب آخر نعتمد فيه لتأمين احتياجاتنا من المشتقات النفطية، وهو الخط الائتماني من إيران، وعن طريقه يتم تأمين نفط خام ويكرر في المصافي السورية، وعملية الاستيراد هذه تتأثر مباشرة بأسعار النفط العالمية وبأجور الشحن والنقل التي ارتفعت كثيراً في الفترة الأخيرة، الأمر الذي رتب أعباء مادية كبيرة على الدولة نتيجة لذلك، وبهدف تأمين المشتقات النفطية وإيصالها إلى سورية، إلى جانب تداعيات الحصار الاقتصادي الذي دفع بالعديد من شركات النقل والبواخر إلى عدم التعامل مع سورية أو أي شحنة يتم توريدها إلينا.

ارتفاع تكاليف الاستيراد والنقل

وبيّن طعمة أن السعر في سورية أصبح أعلى من سعره في لبنان وهذا الكلام صحيح، حيث إن لبنان تعتبر سوقاً حرة وأميركا لا تفرض عقوبات على السفن القادمة إلى لبنان، كما أن السفن نفسها لا تفاوض الجانب اللبناني بالمجيء إلى ميناء بيروت أو طرابلس كما يحصل مع الجانب السوري.

وقال الوزير عانينا كثيراً من هذا الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، فببساطة هذا القطاع تحول من مورد للخزينة العامة إلى مستهلك منها، علماً أن قطاع النفط كان حاملاً للاقتصاد السوري، حيث كان يتم تأمين حاجة سورية وتصدير الفائض، ومن خلال قطع التصدير يتم تأمين احتياجات أخرى سواء كانت دوائية أو غذائية وغيرها، الآن أصبح هذا القطاع يعتمد على الاستيراد الكلي، فأصبح عبئاً على الخزينة، ومن هنا انطلقت فكرة كيف يمكن أن نخفف عبء هذا القطاع على الخزينة.

مليون بطاقة إلكترونية

وأضاف الوزير طعمة لو عادت حقولنا النفطية المحتلة من قبل الأميركي فسيختلف التعاطي كلياً لكون النفط قطاعاً اقتصادياً والقطاع الاقتصادي يصرف على نفسه ويعطي للخزينة، أما في الوقت الحالي ونتيجة الاحتلال الأميركي لحقولنا فأصبح هذا القطاع بحاجة إلى من يدعمه، فهو غير قادر على النهوض بنفسه، فهذه هي النقطة الأساسية التي انطلقنا منها في الدعم أن هذا القطاع الذي يستحوذ على جزء كبير من الخزينة لابد من ترتيبه ويجب أن يخفف هذا العبء ويتم توجيهه باتجاه قطاعات أخرى هي أكثر حساسية، فمثلاً في سورية هناك أكثر من مليون بطاقة إلكترونية خاصة بالسيارات وهذا الرقم لا ينعكس على كامل الشعب السوري أي نحن لا نستطيع دعم هذا العدد بالبنزين وترك باقي المواطنين، منوهاً بأن السيارة ليست ترفاً إنما هي حاجة وخاصة في ظل عدم توافر قطاع نقل عام يلبي طموحات واحتياجات المواطنين اليومية، وبالتالي يجب تقليل الدعم الموجه باتجاه المحروقات وأخذه باتجاهات أخرى خاصة باتجاه الرواتب والأجور والتعويضات، فالعبء المعيشي أصبح ضخماً بشكل كبير، ولا بد من التوجه نحو الأساسيات لتأمين الغذاء والدواء ولذلك جاءت القرارات مؤلمة وصعبة على المواطن.

أميركا تستبيح حقوق الشعب السوري

وزير النفط لفت إلى قيام قوات الاحتلال الأميركي بتركيب مصفاة نفط جديدة في المنطقة الشرقية ويتفاخرون بها، فالدولة التي دعت لعقد مؤتمر عالمي مزعوم حول الديمقراطية وحقوق الإنسان تستبيح حقوق الشعب السوري وكأنها تغض النظر عن سلوكها في هذا الجانب من العالم وتعمل على التضليل بالجانب الآخر، فالمنطقة الشرقية فيها 95% من الاحتياطات النفطية المثبتة، وحتى وصلنا لهذا الرقم في هذه المنطقة دفعت الدولة مليارات الدولارات لاستكشاف هذه المنطقة ودراستها بالتفصيل، علماً أن بئر نفط السويدية هو أول بئر تم استكشافه عام ١٩٦٨.

غرب الفرات

وفيما يتعلق بأولوية عمل الوزارة الحالي أكد طعمة أن العمل الرئيسي للوزارة يتركز حالياً في الجهة الواقعة غرب نهر الفرات وهي بالأساس منطقة مؤملاتها النفطية قليلة ومؤملاتها الغازية أعلى أي هي ذات أمل غازي أكثر مما هو نفطي, والغاز المنتج من هذه المنطقة حوالي 12 مليون متر مكعب من الغاز يذهب منها حوالي 85% منها لصالح الكهرباء وجزء منه لمعمل الأسمدة وجزء يسمى الاستهلاك الذاتي، علماً أن الكهرباء حاجتها كانت حوالي 18 مليون متر مكعب غاز وعندما تؤمن لها كمية حوالي ما يقارب 8 ملايين متر يبقى عجز ما يقارب 10 ملايين متر، كنا في عام 2010 لدينا كل هذا الإنتاج ونستورد من مصر 2.5 مليون متر مكعب يومياً، أما الآن فليس لدينا استيراد وحتى الإنتاج المحلي يتعرض للتراجع.

حاجة قطاع النفط والغاز للاستكشاف المستمر

ومن الأمور الهامة التي يتميز بها قطاع النفط والغاز بحسب وزير النفط أنه بحاجة دائمة للحفر والاستكشاف، حيث إن الإنتاج يتراجع كل عام ما يقارب 3 الى 5 % إذا لم يكن هناك خطة حفر في المنطقة والحصول على كمية إنتاج تعادل الكمية المتراجعة للوصول إلى ما يسمى الإنتاج الثابت.

نعمل بخمس حفارات

وأشار الوزير إلى أن سورية كانت تملك 40 حفارة والآن ليس لديها سوى 5 حفارات تم إحضارها وتجميعها من خلف المخازن الداعشية التي كانت في الصحراء بعد قيام الجيش العربي السوري بتحريرها، يضاف إلى ذلك أنه في 2019 وبشهر أيلول تحديداً بدأت قوات التحالف حملتها الجوية وبأسلحة ذكية، حيث قامت بتدمير الآبار النفطية بشكل مباشر، وهذا التدمير أدى إلى اشتعال الآبار واندفاع نارها إلى أكثر من 50 متراً بالسماء ما أدى لحدوث خسائر هائلة جداً، فالخسائر المباشرة قدرت بما يعادل 2 مليار متر مكعب من الغاز يتجاوز سعرها الحالي في سورية بحسب السعر المدعوم 500 مليون دولار، إضافة إلى التداعيات التي حدثت لمكمن إنتاج الغاز الأرضي الذي بقي مشتعلاً لمدة 6 أشهر في الجو على ارتفاع 50 متراً، وبجهود وطنية من عمالنا وبمساعدة الشركات الصديقة تمت السيطرة على النيران المشتعلة وأصبح إنتاجها يعادل نصف الإنتاج السابق، وهذه الآبار كلما تقادمت ونتيجة التعدي الذي طالها أصبحت بحاجة لصيانة متكررة مما يزيد في التكاليف والزمن.

الأميركي يسرق نفطنا

الوزير طعمة أشار إلى أهمية التمييز بين المعلومات المغلوطة والمنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي وكأنها توحي بأن الحكومة لديها إمكانيات ولا تقوم بتوزيعها وهي سعيدة بتعذيب المواطنين، والفكرة ليست كذلك، فالغاية من هذا التضليل هي أن ننسى أن الاحتلال الأميركي والموجود في شرق سورية هو السبب الرئيسي في معاناة الشعب السوري، وألا نعود نذكر أن هذا المحتل يسرق ثرواتنا، والمطلوب أن نسكت وأننا نسلم بالأمر الواقع، وطبعاً هذا لن يحدث وهذه أرضنا وسنقوم بتحريرها، مبيناً أن هناك سياسة إعلامية لإغفال هذا الجزء أو إغفال أن الأميركي يخترق ويخالف القانون الدولي ويحتل دولة أخرى ويدعي أنه يقدم مساعدات إنسانية، فنحن بدورنا يجب أن نستمر بالإشارة إلى هذه الحيثية.

 ليس كل الغاز المستخرج منزلياً

وأضاف كما أن هناك لغطاً يثار عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول مدى تأخر استلام أسطوانة الغاز ما دام لدينا اكتشافات وآبار غازية في الخدمة، طبعاً يجب هنا التمييز بين الغاز الذي ينتج لتوليد الكهرباء والغاز المنزلي لكونه يوجد اختلاف بين النوعين، فغاز توليد الكهرباء لا يسال، حتى في حال أردنا تسييله يحتاج إلى درجات حرارة منخفضة تصل إلى حدود (- 181) درجة مئوية وهذه الدرجة من البرودة لا تتحملها أسطوانة الغاز بالإضافة إلى خطورة استخدامه منزلياً، حيث تؤدي ملامسته لجسم الإنسان إلى حدوث أضرار بليغة.

وأضاف طعمة: إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يسيل هو غاز البروبان والبوتان وهي مركبات غازية في حال تبريدها قليلاً تتحول إلى سائلة وتصبح جاهزة للاستهلاك المنزلي.

كما بين وزير النفط أن أسعار السوق العالمية للغاز ارتفعت، بينما في سورية بقي السعر محافظاً على استقراره، حيث إن المتر الواحد سعره 500 ليرة سورية بينما في العالم وصل إلى سعر 5000 ليرة سورية، أي ما يقارب واحد من عشرة من السعر العالمي.

تدخل الطبيعة وتأثير المناخ

وقال في العام 2021 يصبح المناخ لأول مرة في العالم جزءاً أساسياً ورئيسياً من خطط الطاقة في الدول وهو كان جزءاً من الخطط الزراعية والسياحية لارتباطه وتأثيره المباشر عليهما والسبب في ذلك اتجاه الدول نحو الطاقة البديلة والمتجددة، وتغيير المناخ يؤثر بشكل مباشر على إنتاج هذه الطاقات المتنوعة ما دفع الدول التي استخدمت جزءاً مهماً من احتياجاتها الطاقوية المتجددة أن تتجه نحو الطاقة الأحفورية كالنفط والغاز.

تنويع سلة الطاقة

وعلى ضوء ذلك أكد طعمة أنه من الضروري أن نقوم بتغيير استراتيجية الطاقة والذهاب نحو تنويع سلة الطاقة لدينا، وهو ما نعمل عليه حالياً بحيث يكون الوقود الأحفوري الذي نحصل عليه بالحفر جزءاً والطاقات المتجددة جزءاً آخر، بالإضافة إلى المصادر غير التقليدية كالفحم الحجري أو السجيل الزيتي، ومن هنا يجب أن يكون لدينا سلة طاقوية متنوعة، كما هو الحال في السياسة النقدية والمتعلقة بربط العملة المحلية بسلة العملات الأجنبية، وبالتالي تخفيف تأثير تقلبات أسعارها على العملة المحلية.

وأضاف الوزير: لولا الاحتلال الأميركي للعديد من المناطق الشرقية لكان قطاع الطاقة هو الحامل الأساسي والرئيسي للاقتصاد الوطني كما كان طوال السنوات السابقة، وبالتالي حافظت المشتقات النفطية على اعتدال أسعارها ولم تصل إلى ما هي عليه الآن حالياً فهي أسعار غير منطقية وغير متناسبة مع دخل المواطن الذي تآكل خلال سنوات الحرب.

هل ينضب النفط؟

وفي رده على سؤال حول نضوب النفط السوري وأسباب التأخر في الاهتمام بالطاقات البديلة بيّن وزير النفط والثروة المعدنية أن النفط سيبقى سيد قطاع الطاقة لغاية عام ٢٠٥٠ على الأقل، ولن يأتي أي مصدر آخر بكفاءته، وإن التطور التكنولوجي دائماً يحمل آمالاً جديدة فيما يتعلق بمادة النفط على مستوى العالم مضيفاً أن المعيار البيئي شكل ضغطاً على العالم بسبب الانبعاثات الضارة التي يسببها احتراق الوقود، وفي سورية كانت الحاجة هي الدافع للاتجاه نحو الطاقات البديلة، وهو ما يعد أحد أخطاء الحكومات السابقة التي ندفع ثمنها الآن.

بدائل متاحة

وفيما يتعلق بالبدائل التي لدى الحكومة للحصول على الغاز بيّن طعمة أن هناك بديلين، الأول هو تكثيف أعمال الاستكشاف للمناطق التي تحت السيطرة، ويتم العمل في هذا الاتجاه حالياً، والبديل الآخر هو تنويع سلة الطاقة بدل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وقد بدأنا بها كذلك رغم التأخر.

خط الغاز العربي

أما فيما يتعلق بالفائدة العائدة علينا من مرور خط الغاز العربي من مصر إلى لبنان عبر الأردن وسورية فأوضح أن الخط بطول ١٢٠٠ كيلو متر وكان يعمل في عام ٢٠٠٩-٢٠١٠ وكنا نستهلكه كقيمة حرارية في عملية تبادل مع لبنان، والخط حالياً جاهز من الناحية الفنية كما أن الربط الكهربائي جاهز إلا أن تشغيله متوقف على حصول الدول ذات العلاقة على وثائق رسمية أممية تضمن عدم وقوع عقوبات عليها، فيما تحصل سورية على نسب من الفوائد ترتفع بازياد كميات الغاز المار عبر أراضيها، مضيفاً أن مساهمته في تأمين الطاقة الكهربائية بسيطة ولا تكفي لسد النقص الكهربائي الموجود.

وعن ارتفاع تكاليف استخدام أجهزة الطاقة البديلة وتدني جودتها أوضح الوزير أنه تم أمس بحث مقترحات الوفد الأردني المتواجد في سورية، تضمنت إنشاء مصانع للألواح الشمسية والبطاريات والإنفيرترات على الأراضي السورية، تسهم في خفض تكاليفها على المواطن. مشيراً إلى عدم السماح بإدخال أي بضائع لا تلتزم بالمعايير التي وضعها مركز بحوث الطاقة.

ورداً على تساؤل حول انخفاض الواردات الغازية إلى وزارة الكهرباء ذكر الوزير أنه نتيجة التخريب تراجع إنتاج الغاز ولا يمكن الوصول إلى الآبار في شرق البلاد التي كانت تغطي كل حاجة سورية منها.

250 مليون دولار شهرياً للمشتقات

وأكد الوزير أن فاتورة المشتقات النفطية تصل إلى ٢٥٠ مليون دولار شهرياً وهي تتغير بتغير السعر العالمي مشيراً إلى قرب الانتهاء من مشروع ينتج نصف مليون متر مكعب من الغاز يومياً بالتعاون مع الجانب الروسي بتكلفة تصل إلى ٨٠ مليون دولار حيث من المتوقع الانتهاء منه في الشهر الرابع من العام الجاري.

وفيما يتعلق بتوزيع الدفعة الثانية من المازوت أوضح الوزير طعمة أنه سيتم تأمينها بعد ٢٠ من الشهر الجاري وإتاحة ٥٠ ليتراً من المازوت الحر لمن يريد من المواطنين بسعر ١٧٠٠ ليرة.

جريدة الثورة – ماجد مخيبر – جاك وهبه – هنادة سمير – 11 / 1 / 2022م