جديد 4E

أبعد من الحوار الخاص مع رئيس الحكومة ..!

يونس خلف :

 

(الإعلام، المواطن، المسؤول)

لست بصدد التعقيب أو مناقشة الحوار الخاص مع رئيس الحكومة الذي تقاسمت الأسئلة والاجوبة فيه ثلاث وسائل إعلامية محلية، ولا أريد أن أتحدث عن طبيعة الحوار وهل كان هو الحوار المأمول؟

إلى ما هنالك من ملاحظات وآراء وانطباعات تختلف من شخص إلى آخر من بين مجموع المتلقين، إنما أريد وأحاول أن أذهب إلى أبعد من ذلك، إلى أصل الحكاية وهي المعادلة الصعبة التي تتمثل بثلاثية الإعلام والمواطن والمسؤول.

في زمن العولمة ومحو أمية الكمبيوتر وتقديم المعلومة بوضوح وصراحة لا بد أن ندرك بأنّ تحصين المواطن لا يكون إلا عبر تقديم إعلام يفوز بثقة الجمهور ويقدم المعلومة بحرفية وتقنية عالية وتجاوز كل قيود الإنشاء والسرد والهروب من تحمل المسؤولية في محددات النشر.

مرات عديدة تكررت التوجيهات العليا بأن افتحوا الأبواب أمام الإعلاميين لكن المؤسف أنّ العقول بقيت مغلقة.

ثمة مشكلة حقيقية موجودة وهي فزاعة الخوف والتخويف ووجود من يروجون للخوف والتخويف وليس للجرأة والشفافية، ومن بين هؤلاء من يعمل على هدم جسور التواصل وليس تمتينها، ولعل ما يفاقم هذه المشكلة التدخل بعمل الإعلام من خارج الجسد الإعلامي، وهذه المعاناة موجودة منذ سنوات وأشكال التدخل لا تقتصر على جهة دون أخرى أو مسؤول دون آخر من وزراء ومحافظين ومديرين وحتى من أشخاص متنفذين كلمتهم تمشي كما يريدون ويشتهون، وأصبح الجميع يفلح ويزرع ويحصد في الحقل الإعلامي اكثر من الإعلاميين، ولعل ذلك يخالف القاعدة الاساسية بأن قوة الوسيلة الإعلامية من وحدة الرؤية ومصداقية الكلمة ومن السياسة التحريرية الواضحة والموحدة لجميع العاملين في المؤسسة. وبالتالي لا يجوز ان تتنفس الوسيلة الإعلامية الهواء من خارج الجسم الإعلامي.

أيضاً من أكثر الأشياء التي يعاني منها الصحفي عدم وجود آلية واضحة للتواصل مع المسؤول في حين أنه من المهم ألا تقوم العلاقة بين الإعلامي والمسؤول على التضاد، ومن المهم جداً أن يكون المسؤول على تواصل بطريقة مباشرة مع الإعلاميين باعتبار أنهم صوت المواطن والعين التي يمكن أن تكشف له الكثير من الخلل الموجود في إدارته، ومن الضروري جداً للحكومة ولجميع المؤسسات الرسمية أن تؤمن بقناعة أن الإعلام حاجة وضرورة وليس مجرد نقل الأخبار وتلميع المسؤولين.

الأمر الآخر إن الصحفي أصبح في مواجهة المعلومات ويواجه السرية والإصرار على كتم المعلومة و ما زال التوجس والخوف سيد الكلمة.. والأخطر منه عندما تدفع المؤسسات بمعلومات غير صحيحة عن الأداء إلى الإعلاميين، ولا نأتي بجديد عندما نقول أن مناخ العمل الإعلامي يواجه عواصف ورياح أثقلت كاهله وأدت إلى اختلاط الحابل بالنابل وأصبح مستجدو ومتسوقو الإعلام والإعلان هم الذين يقفون على البيادر بينما لا يرى أحد من يعمل بالفلاحة والحقل الإعلامي الذي يمتلك الكثير من المواهب المعطلة والمهمشة، وأكرر هنا ما قلته أمام وزير الإعلام قبل أيام: ربما الكثير من الكوادر والخبرات غير موجودة في دفتر التفقد، في حين شهدنا طوال سنوات إعادة انتشار للمديرين بين وقت وآخر أو بين تعيين وزير وآخر.

وبالعودة إلى حوار رئيس الحكومة أقول لسنا بحاجة إلى مذيع أو محاور أو البحث عن أسئلة تعبر عن نبض الشارع وإنما إعلامنا يحتاج إلى رفع سقف المواجهة لكي يتحول من مرآة للحكومة إلى مرآة للوطن، ويحتاج إلى رفع سقف الأجور لكي لا يضطر الصحفي إلى تشتيت جهوده واستنزاف وقته في أكثر من مكان لمواجهة تكاليف الحياة الصعبة، ولطالما قلنا وقال زملاء قبلنا أنه من النادر أن تجد صحفياً سورياً يكرس جهوده وموهبته لوسيلة إعلامية واحدة يشعر بالانتماء لها والأمان الحقيقي فيها ليعطيها بقدر ما تعطيه وأكثر.

خلاصة القول: المشكلة فينا نحن لأننا لا نرفع صوتنا في المكان الذي يجب أن يرتفع ولذلك ما تزال حقوق الصحفيين ضائعة.

والمشكلة في الحكومة أيضاً لأنها حتى الآن لم تؤسس لعلاقة شراكة مع الإعلاميين، ولم تفكر بلقاءات دورية مع الإعلاميين لوضعهم بصورة مراحل العمل الحكومي وخطط الحكومة وآليات تنفيذها والصعوبات التي تواجه التنفيذ.. وأكثر من ذلك ثمة شعور لدى الإعلاميين أن الحكومة تشكل عامل إعاقة للنشاط الإعلامي، وأن الإعلاميين خارج دائرة اهتمام الحكومة، ولعل ما رسّخ وعمّق هذا الشعور أكثر أن المؤتمر العام السابع لاتحاد الصحفيين الذي عقد مؤخراً كان خارج اهتمام ومتابعة وحضور أي مندوب أو ممثل للحكومة.

 

( فينكس )