السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:
كنا نتوقع أن نسمع من السيد رئيس مجلس الوزراء في حواره الأخير مع التلفزيون، شيئاً مختلفا عما سبق، بحيث يزرع الأمل مع بداية السنة الجديدة، ويغلق حسابات وهموم السنة الماضية، بعد أن بات دورنا كمواطنين يقتصر على تعداد وإحصاء الخيبات التي نتجرعها في كل مجال..!
وكثيرون قد حمدوا الله كثيرا لأن الكهرباء كانت مقطوعة أثناء بث الحوار – وهي شبه مقطوعة بشكل دائم – بحيث لم يضطروا لسماع ورؤية نسخة مكررة من حوار سابق، فقد أعاد سيادته تذكيرنا بأن الحكومة مستمرة في مكافحة الفساد، مهددا كل من امتدت يده إلى الاقتصاد السوري وسلب أموالا ليست من حقه بالمحاسبة، كما وعدنا بأنها ستواصل “العمل على استقرار سعر صرف الليرة الذي تأثر جراء الحرب الإرهابية والإجراءات القسرية”، موضحاً بأن أهم عامل في هذا المجال هو زيادة الإنتاج”، إضافة إلى وعد مكرر مفاده “بأن النصف الثاني من هذا العام سيشهد انفراجات في تأمين الطاقة الكهربائية”، وهذا الوعد جزء من أحلام أحد النواب الحالمين بالنسيان..!
ولم ينس سيادته أن يذكرنا بهمروجة الدعم، حيث أشار إلى أن الدعم هو “نهج استراتيجي لسورية ولن تتخلى عنه”، حيث وعدنا: “بالعمل على وضع آليات تضمن إيصال الدعم إلى مستحقيه”.. وأن وفورات هذا الجهد ستذهب إلى تخفيف عجز الموازنة وتحسين الرواتب وتقديم الرعاية الاجتماعية لمحتاجيها، كما أكد سيادته بأن الحكومة تعمل على ضبط الأسعار في السوق وتشديد الرقابة، وقد دعانا كمواطنين لمساعدة الحكومة عبر تقديم الشكاوى ضد من يتعدى على حقوقنا، وهو بذلك يرمي جزءاً من المسؤولية على المواطن ويكرر مقولة وزير سابق “ساعدونا لنصير أحسن”..!!
ما من شك بأن كل ما ذكر سابقا سمعناه كثيرا في العامين الماضيين ولم نلمس منه شيئاً يذكر على أرض الواقع، و”الأحوال البائسة التي يعيشها معظم السوريين تبرهن على ذلك، فلم يقدم سيادته ما يمكننا من القياس أو التقييم لمعرفة نسب “الانجاز” في أداء الحكومة .. ولو كنت أحد المحاورين الثلاثة لسألته:
– كم فاسد كبير تمت محاسبته بعد تشكيل الحكومة ..وما هي قيمة الأموال المنهوبة التي عادت إلى الخزينة..؟
– ما هو سعر صرف الليرة الحقيقي أمام الدولار.. وهل الأسواق ملتزمة بهذا السعر..؟!
– ما هي المجالات التي شهدت زيادة في الإنتاج…ولماذا لم تنعكس هذه الزيادة إيجابا على الواقع المعيشي البائس..؟
– لماذا تراجعت الحكومة عن مشروع معمل العصائر بحيث اضطر مزارعو الحمضيات إلى إتلاف كميات كبيرة من محصولهم بسبب تدني الأسعار بشكل مخزي..؟!
– ما سبب غياب العدالة في تقنين الكهرباء بين منطقة وأخرى ومن يتحمل مسؤولية الأعطال التي تصيب الأدوات الكهربائية لدى المواطنين بسبب تذبذب التيار وكثرة الانقطاعات المفاجئة..؟
– ما هي المعايير التي ستعتمدها الحكومة لهيكلة الدعم..ومن المسؤول عن الفوضى والفساد الذي يعاني منهما هذا الموضوع…؟!
– لماذا لا يتم توزيع قيمة الدعم بالنسبة للمواد الغذائية والوقود مالياً على المستحقين وبذلك يتم إغلاق أبواب الفساد المرتبط بالدعم بشكل نهائي..؟
– هل بقي شيء من الدور الايجابي الذي تدعي مؤسسة السورية للتجارة ممارسته في حياة المجتمع، ولماذا تحولت إلى سوق سوداء أسعارها تفوق أسعار الأسواق الأخرى مع سلع ذات نوعية رديئة وخدمات غير لائقة..!
– لماذا جاءت زيادة الرواتب الأخيرة هزيلة جداً ولم تحقق أي فائدة تذكر في كسر الهوة السحيقة بين سلحفاة الأجور وأرنب الأسعار.. ولماذا لم يستمع لمطالبة أعضاء مجلس الشعب بزيادة قدرها 300 %..؟!
ولعل السؤال الذي اعتبره أكثر أهمية في هذا المجال هو:
– من أين لك كل هذا التفاؤل يا “رئيس الحكومة” ومعظم الشباب السوري يفكر بالهجرة والاغتراب بحثا عن حياة كريمة يفتقدها في بلاده…؟!!!