جديد 4E

أحلام نائب..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

 

وتوجز في قارورة العطر روضة ……………….وتوجز في كأس الرّحيق كروم

(بدوي الجبل)

فإن يوجز ففي الإيجاز رجعٌ …………………….شهيٌّ ما تردد في الحلوم

(جبران خليل جبران )

أوْجَزَ الدّهرُ، في المقالِ، إلى أنْ ……………….. جَعلَ الصّمتَ غايَةَ الإيجازِ

(أبو العلاء المعري  )

وليس يُقنعُ مَنْ تمَّتْ بلاغتُه ……………….. أن يوجزَ القولَ حتى يوجزَ العملا

(ابن الرومي)

كان لا بد من هذه المقدمة الشعرية الجميلة لهؤلاء الشعراء الكبار من أجل التمهيد لهذه الخطبة العصماء الوجيزة والتي نشرها أحد نوابنا الأفاضل على صفحته ويقول فيها:

– ( بعد فترة “وجيزة” جداً سوف ينسى السوريون كل عذاباتهم، وكل الظروف التي مرّت عليهم، من حاجة وعوز وضيق وظروف حياة سيئة جداً..

– سوف ينسون انقطاع الكهرباء، وشح المحروقات، وأسعار المواد المرتفعة جداً، وسوف ينسون الرواتب المتدنية، وسوف ينسون تماما مشاهد قراهم ومدنهم المظلمة، وأرواحهم الغاضبة والمستنفرة..

– مرحلة ويصبح كل هذا من الماضي، مرحلة أخرى جديدة، مرحلة سيراجعون بها أيامهم الماضية، ومواقفهم الماضية، وسيشعرون عندها بأهمية وفرادة البطولات التي قاموا بها، في مواجهة اقتلاعهم من جذورهم….!! )

في الحقيقة لست ضليعا في تفسير الأحلام ولم أكن يوما من معبري الرؤية، فما قاله حضرة النائب يصنف في هذا الحيز ، وإذا أسقطنا ما قاله شاعرنا الكبير بدوي الجبل على ما جاء في الخطبة سنفاجأ أن كؤوس وقوارير النائب فارغة وكرومه يابسة ولم يبق من رحيق أفعاله قطرة واحدة لنحلة عابرة، وبالانتقال إلى الشاعر والفيلسوف جبران خليل جبران فقد كان موفقاً جداً في استعمال كلمة “الحلوم” -وهي جمع حلم – للتنبؤ بما قاله نائبنا، فما جاء في كلامه شهي كالحلم، أما فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة أبو العلاء المعري فقد قدم كعادته درسا بليغاً في اللياقة لمن يريد الحديث،  حين ذكر النائب بالصمت إذا لم يكن متأكدا مما يقوله، أما الصديق والشاعر ابن الرومي المعروف عنه ” شدة التهكم والسخرية” فقد لفت نظر نائبنا إلى أن البلاغة الحقيقية ليست في إيجاز القول، وإنما في إيجاز العمل، وأظن أنه كان يشير إلى حكومتنا  ووزرائها بأن اعملوا أكثر مما تقولون.. وعندها سيرى الشعب أعمالكم..!

أما تفسير محسوبكم المتواضع لهذا الحلم “العظيم”  فألخصه “بإيجاز”، فما أشار إليه في الفقرة الأولى يمكن أن يكون إشارة إلى أن أحد تجارنا الأفاضل بصدد استيراد دواء أو لقاح يساعد على النسيان، وربما بعد فترة وجيزة سيكون في الأسواق، وإذا قامت وزارة الصحة أو وزارة حماية المستهلك بضبط الأسعار ” ولم ترفعها كما تفعل في العادة” فسيكون اللقاح في متناول ذوي الدخل المحدود، وعندها سيساعدهم على نسيان كل الكوارث والنكبات التي حلت بهم في السنوات العشر الماضية، من انقطاع الكهرباء وشح المحروقات وغلاء الأسعار وتدني الرواتب وغيرها، وبعد مرحلة نسيان كل هذه المنغصات والكوارث، سيقوم تاجر آخر مدعوم باستيراد لقاح  يساعد على تذكر الأشياء الجميلة فقط دون غيرها، كالأعراس الوطنية وما تخللها من دبكة ورقص ونخ وزقفة وأغاني شعبية… إلخ، بحيث يشعر الجميع بأهمية وفرادة “البطولات” التي قام بها المسؤولون.

من جهة أخرى قد يشير الحلم أيضا إلى احتواء قانون “الجرائم الالكترونية” الذي يجري تعديله هذه الأيام على مواد (ذكية) تجبرنا على نسيان كل ارتكابات الحكومات السابقة والحالية، وعدم تذكر سوى الأخبار الإيجابية والمفرحة..!!

كل عام وأحلامكم سعيدة…!