خاص – علي محمود جديد
لا أنكر أنني شعرتُ بالأسف يعتريني، وقتما علمتُ أن مصنع السيكار في اللاذقية قد توقف عن الإنتاج، مثلما يتوقف القلب عن النبض، ربما لأنني كنتُ شاهداً على ولادته والإعلان عن إقلاعه، في أواخر آذار من عام 2015م، وربما لأنني توسّمتُ خيراً بهذا المصنع الجديد، الذي جاء ليعطينا جرعة انتعاشٍ وأمل، بأننا نستطيع فعل الكثير، وأننا بالفعل مبدعون، وقادرون على التصدّي لأشياء كثيرة، رغم كل المظالم والاعتداءات، ووقائع الخراب والدمار المفروضة علينا من أقذر وأعتى قوى الظلم في العالم، فقط لأننا نرفض الركوع والخنوع، ولا نقبل أن نكون مجرّد بيدقٍ تحركه الأيادي كيفما تشاء على رقعة الحياة.
في الواقع ومهما يكن من أمر، لا بأس بما حصل، إذ على الرغم من توقف إنتاج السيكار، بعد ثلاث سنواتٍ من انطلاق تصنيعه، فإنّ هذا التوقف لا يعني الفشل إطلاقاً قياساً بالظروف والأعاصير القاسية التي نواجهها، لأنّ التصنيع كان ناجحاً شكلاً ومضموناً، وقد رأينا هذا السيكار بفخامته، وتذوّقنا نكهته الفاخرة، واستطاعت كوادرنا أن تُثابر على صناعته بأفضل المواصفات، وهذا يعني أنها اكتسبت رصيداً إضافياً من الخبرة العالية، باهتمامها وجدّها وصبرها، يؤهلها لجاهزيةٍ حاضرة بأن تعود وتتصدّى لهذه الصناعة النخبوية المميزة، في أي وقت تتهيّأ فيه الظروف لاستكمال مشوار هذه الصناعة، والنظر إلى أسباب التوقّف يدعونا إلى مثل هذا الأمل، لأنّ تلك الأسباب كانت ناجمة عن تعثّر التسويق، وهذا التعثّر لم ينجم عن سوء التصنيع، وإنما جاء نتيجةً لذلك الحصار الاقتصادي الجائر، الذي تفرضه قوى الشرّ والطغيان علينا، من كلّ حدبٍ وصوب، وأمام هذا الواقع، سنبقى على أمل، فالجور لن يستمر، وهذا شبيهُ القلب سيعود إلى النبضِ من جديد، ويكون للنصر الذي بات وشيكاً .. الكلامُ الفصل.