برحاب التحوّل الرقمي .. هل يتلاقى صدى آمال محمد حمشو مع صوت طلال أبو غزالة وتوصيات مؤتمر الاتحاد العربي للمدن والمناطق الصناعية ..؟
صدى آمال حمشو : لا بد من البدء بالتحوّل الرقمي لنستطيع إدراك أن المستقبل القريب القادم هو مستقبل رقمي
صوت أبو غزالة : تحول المدن والمناطق الصناعية إلى مدن ذكية بات ضرورة للتحول إلى الانتاج الصناعي المعرفي الذكي والاقتصاد الذكي والحكومة الذكية
مؤتمر الاتحاد العربي للمدن الصناعية يوصي بالعمل جديّاً نحو التحول إلى الاقتصاد الرقمي وتطوير المدن الصناعية لتتوافق مع المدن الذكية
السلطة الرابعة – علي محمود جديد :
نجح رجل الأعمال السوري المتميز ( المهندس محمد حمشو ) في دعوته لإدراج قضية التحول إلى الاقتصاد الرقمي ضمن توصيات المؤتمر الرابع للاتحاد العربي للمدن والمناطق الصناعية الذي أقيم في دمشق مؤخراً، فقد جاء في التوصيات :
( الاعتماد على أخر ما وصل إليه العلم في تكنولوجيا المعرفة والمعلومات في التخطيط لتظهير المدن المقامة حالاً والاتجاه إلى موائمتها والبدء بتطويرها لتتوافق مع المدن الذكية و ان تبنى المدن الصناعية الجديدة على اساس أنها مدن ذكية لتستطيع الاستمرار والمنافسة في المرحلة القادمة في ظل التطور العلمي والتكنولوجي والبدء بتفعيل منظومات التسويق الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي لما له من سرعة الانتشار وتحقيق دعاية كبيرة تصل لشريحة كبيرة بسرعة عالية وبتكاليف بسيطة.
وشدد المشاركون – حسب التوصيات – على العمل بجدية نحو التحول إلى الاقتصاد الرقمي من خلال عدة منظومات وأهمها منظومة الدفع الالكتروني ومنظومة الخدمات الالكترونية وكافة المنظومات الأخرى التي تقدم الخدمات المطلوبة وبطريقة الكترونية وبتبني إنشاء مراكز للاعتماد والجودة في كل منطقة لضمان الالتزام بالمواصفة والجودة الأمثل للمنتج النهائي واعتماد أنظمة المواصفة العالمية للمنتجات وإدارة المنشآت أو المدن أو المجمعات الملحقة بها إن كانت سكنية أو تعليمية أو طبية. )
وكان المهندس محمد حمشو قد ألقى كلمة في افتتاح المؤتمر بصفته رئيساً لمجلس رجال الأعمال السوري الصيني، أشاد فيها بما طرحه خلال المؤتمر الدكتور ( طلال أبو غزالة ) رئيس الائتلاف الدولي للمدن الذكية، والذي ذكر أن تحول المدن والمناطق الصناعية إلى مدن ذكية بات ضرورة في ظل التطور التكنولوجي والتحول إلى الانتاج الصناعي المعرفي الذكي والاقتصاد والحكومة الذكية منوهاً بأهمية انعقاد المؤتمر في دمشق.
وأشار الدكتور أبو غزالة إلى ضرورة إحداث مؤسسة في كل دولة تتفرغ لموضوع التحول الرقمي الشامل والتركيز على التعاون البيني المعرفي بين الدول العربية.
لا بد من التحوّل الرقمي
المهندس حمشو لم يخفِ إعجابه بهذا التوجه الذي ذهب إليه الدكتور أبو غزالة، مؤكداً أهمية إنشاء المدن الصناعية الذكية لما لها من أهمية لمستقبل الصناعات.
وقال : لا بد من البدء بهذا التحوّل الرقمي في سورية مثلما أوضح الدكتور طلال، لنستطيع أن ندرك أن المستقبل القريب القادم هو مستقبل رقمي، وأيضاً المصانع التي تعمل بالطريقة التقليدية لا بد أن تتحول إلى مصانع رقمية، وهذا يقتضي بأن الكثير من الصناعات بحاجة إلى تدريب كوادر جيدة كي تتصدى لهذا التحوّل.
ورأى المهندس حمشو في كلمته أمام المؤتمر بأن هذا الأمر مهم للغاية، والمهم أيضاً إدراجه ضمن توصيات المؤتمر، لنبحث بشكل جاد كيف يمكن أن نطور كوادرنا لتتواكب مع الثورة الجديدة .. ثورة المعلومات.. وقد تمّ الادراج فعلاً.
ما هي المدن الذكية ..؟
ترتكز المدن الذكية على ستة عناصر، هي الاقتصاد الذكي، والأشخاص الأذكياء الذين يمثلون رأس المال البشري والاجتماعي والشفافية والمشاركة الذكية في القرارات، والنقل الذكي القائم على التكنولوجيا الحديثة، والبيئة الذكية، والحياة الذكية التي تهتم بالأوضاع الصحية وسلامة الفرد والتمتع بمرافق تعليمية وسكن وترابط اجتماعي جيد.
وكشف تقرير للأمم المتحدة أن 70% من سكان العالم سيقطنون في المناطق الحضرية بحلول عام 2050، وقدم البحث التوجيه اللازم لجميع الجهات المعنية في النظام الإيكولوجي للمدن الذكية، وسلط الضوء على المنافع وأهم ركائز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدن الذكية، وأبرز أهمية الابتكار في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وعلى هذا الأساس، انطلق مشروع المدن الذكية الذي يشمل 70 مدينة أوروبية، ويصبو إلى تحديد نقاط القوة والضعف وتحقيق التنمية المحلية المناسبة للجميع حتى تصبح مدنا أكثر تنافسية.
المدن الذكية ليست مجرد رفاهية
وساعدت التطورات التكنولوجية الجديدة في مساعدة الحكومات على تحقيق حلم المدن الذكية، إذ أسهمت تطورات ( إنترنت الأشياء ) القائمة على ربط الأجهزة وتبادل البيانات وتدشين أنظمة تحكم مركزية في توفير استهلاك الطاقة وتحسين منظومة إدارة المرور.
وبالإضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بتحليل قاعدة كبيرة من البيانات لإثراء عملية صنع القرار، وتم الاعتماد عليها بالفعل في مجالات عديدة منها البيئة والزراعة والمؤسسات المالية والمنشآت الصحية والتعليمية.
وفي ظل تكدس أكثر من نصف سكان العالم في المدن ومسؤولياتها عن أكثر من 70% من انبعاثات الكربون واستحواذها على 60-80% من استهلاك الوقود وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات، فإن قرار التوجه للمدن الذكية لم يعد رفاهية.
فهناك نماذج عديدة يمكن أن تسهم خلالها المدن الذكية في تحسين جودة الحياة، أبرزها الشبكات الذكية التي تستخدم تكنولوجيا الاتصالات في إدارة شبكات الكهرباء، إذ توفر معلومات عن نمط استهلاك الطاقة وتوفير عدادات ذكية تساعد في تحسين استخدام الطاقة، كما أن التطبيقات الحديثة تساعد على توفير بيانات عن مناطق الاختناقات المرورية بهدف تفاديها، وتحسين حركة السيولة المرورية، واستخدام أجهزة لقياس نسب التلوث والتحكم فيها، وهناك توجها لتوفير شبكات لأساطيل من السيارات ذاتية القيادة لتوفير النقل الشخصي للزبائن عند الطلب، إلى جانب تطوير حلول توفير الخدمات المالية إلكترونياً، واعتماد التقنيات الأكثر أمانا للحسابات المالية والمصرفية.
تعريف المدن الذكية
تشير مصادر دولية إلى أن مصطلح المدينة الذكية ابتكار نشأ بعد سنة 2000 يشترك في التفكير فيه سياسيون واقتصاديون ومديرون والمسؤولون عن تخطيط المدن العمرانية، بغرض التوصل إلى تغييرات تقوم على تقنيات جديدة تستخدم في المدن. وتنبع فكرة المدينة الذكية من استغلال التقنيات الرقمية في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تقابل المجتمع بعد الثورة الصناعية التي تواجهها المجتمعات بعد انتهاء القرن العشرين.
ويؤخذ بعين الاعتبار طريقة التعامل مع ما يصيب البيئة من مشكلات، وتغير في فئات المجتمع من شباب ومسنين، وتزايد عدد السكان، وأزمات اقتصادية وقلة في المصادر الطبيعية، ويشمل اصلاح المدينة الذكية أيضا تجديدات ليست تكنولوجية تستطيع توفير حياة أفضل لسكان المدن من ضمنها مثلا فكرة المشاركة أو اشراك المواطن في تخطيط مشرعات كبيرة في المدينة .
وتختار عدة صفات تستخدم في المقارنة بين مدينة ومدينة من وجهة مدى تماشيها مع نمط المدينة الذكية : اقتصاد ذكي، مواطن ذكي، إدارة مدنية ذكية، حركة مواصلات ذكية، وحفاظ على البيئة ذكي، بل وتعايش ذكي .
ويمكن لمدينة ذكية ان تشمل شبكة انترنت خدمات تربط بين المدينة وريفها بواسطة محسات وكاميرات تجمع بيانات، وتقيمها وتتعامل معها طبقا للاحتياجات، فيكون هنا تشابك وترابط بين سكان المدينة وما يحيطهم من تقنيات، فيصبح السكان جزءاً من البنية التحتية التكنولوجية للمدينة.
و الاقتصاد الذكي يعني زيادة الإنتاجية عن طريق ترابط بين المشاركين على المستوى المحلي والقومي والدولي . ويميزها “روح المستثمر” الذي ينبع منها أفكار جديدة تخدم المستقبل، وتلعب قدرة الفرد في الاقتصاد الذكي دورا أساسيا، وقدر كل معرفة يعرفها الفرد المشارك.
تلك المعرفة تنتقل عن طريق شبكة اتصال بين العاملين باستمرار، يحصل عليها العامل ويطورها ويعطيها للآخرين بحيث تزداد الإنتاجية، وترتبط فكرة الاقتصاد الذكي غالبا بفكرتي “روح الابتكار” و “مجتمع المعرفة”.
ليس هذا خيالا وانما هناك تطبيقات فعلية نجدها في بلاد مثل كوريا الجنوبية وفي الإمارات العربية المتحدة ، وتجرب أيضا في ضواحي لندن وباريس وهامبورغ .
ما علاقة المدن الذكية بالتنمية المستدامة ..؟
تركز أفكار المدينة الذكية على موضوعات تتعلق بالاستدامة وكيفية تطبيقها، أي التطوير الذي يلبي أغراض الحاضر من دون أن يخذل الأجيال القادمة .
وتعتمد فكرة المدينة المستدامة قبل كل شيء على رؤية بيئية واقتصادية وثقافة اجتماعية، ومن الممكن أن يكون الهدف من المدينة المستدامة، واستدامة تطوير المدينة والإدارة المدنية هو استدامة استغلال الموارد الطبيعية المتجددة والتقليل من استهلاك الموارد الطبيعية الموجودة بكميات محدودة، مع تطبيق كامل قدر الإمكان لاقتصاد الدورة المغلقة، وخفض كثافة النقل واستدامة الاقتصاد، والاندماج المجتمعي في المدينة، والاشتراك في تحمل المسؤولية والمشاركة الديموقراطية للسكان.
وفي الواقع هناك الكثير من النقاط الأخرى للمدن الذكية والكثير من الدراسات والأبحاث والقصص الواقعية التي تؤكد بالفعل مدى أهمية هذا التوجه الحضاري والتكنولوجي الحديث.
طلال أبو غزالة مدينة ذكية بحالها
في الواقع إن من يستمع لحديث الدكتور طلال أبو غزالة ( وهو فلسطيني ولد في يافا عام 1938 ثم انتقل وهو بعمر عشر سنوات بعد النكبة في عام 1948 إلى جنوب لبنان، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في صيدا، لينتقل بعد ذلك إلى بيروت حيث تابع تعليمه في الجامعة الأميركية هناك.
ثم استقرّ في الأردن، وأغلب إقامته حالياً بين الأردن وسورية، فهو وطني العقل والقلب .. قومي الهوى .. عالمي النشاط .. ومن المحبين جداً لسورية.
أسّس وترأس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية، وهي مجموعة شركات عالمية تقدم الخدمات المهنية في مجالات المحاسبة والاستشارات الإدارية ونقل التكنولوجيا والتدريب والتعليم والملكية الفكرية والخدمات القانونية وتقنية المعلومات والتوظيف والترجمة والنشر والتوزيع. وبالإضافة إلى منحه لقب قائد المحاسبة العربية، اعتُرف أيضًا بفضله في الترويج لأهمية الملكية الفكرية في المنطقة العربية، وكان عضواً في مجلس الأعيان الأردني، فهو رجل أعمال واقتصاد وفكر وعلم ومعرفة، عاشق للتكنولوجيا والتقنيات الرقمية، وللمدن الذكية، والذكاء الصنعي.
وفي الحقيقة فإن سيرته الذاتية تحتاج إلى صفحات طويلة عريضة تحكي عن جهوده وعطاءاته الثرّة على مستوى الوطن العربي والعالم .. إنه مدينة ذكية بحالها )
من يستمع إلى حديثه الغني والمتواضع سرعان ما يتحرك في أعماقه الشوق لرؤية أفكاره مطبقة على الأرض.
لا شيء مستحيل
كان المهندس محمد حمشو معه كل الحق – بعد سماعه لحديث طلال أبو غزالة – في أن يُعبّر عن ذاك الشوق بضرورة البدء بالتحول الرقمي في سورية كي ندرك أن المستقبل القريب القادم هو مستقبل رقمي.
ولكن السؤال المؤلم : كيف سنقوى على مثل هذا التحول العميق والمبدع الخلاّق للكثير من القيم والوقائع التي تبدو ساحرة، وعلى جودة الإنتاج وغزارته وإتقانه المترافق مع الرفاهية وروعة الخدمات، في حين ما نزال غارقين في حصار لا يرحم من دولٍ متكالبة علينا.. وأزمات تطوقنا من كل جانب ..؟!
بكل الأحوال هي أحلام مشروعة .. وبالنهاية لا شيء مستحيل، وما دام هناك من يدفع مخلصاً بهذا الاتجاه فالأمل قائم، ومن يدري فعسى أن تتلاقى توصيات المؤتمر مع صوت طلال أبو غزالة وصدى آمال محمد حمشو، ونشهد يوماً مدناً سورية ذكية تتلألأ في رحاب وطننا الجميل ..