جديد 4E

 عدم تأمين بعض المواد الأولية يُفقدنا ميزة نسبية لمنتجات أبدعنا بصناعتها .. قمر الدين نموذجاً

( قمر الدين…)

 

كتبه : الدكتور . عامر خربوطلي:

هل انتهى عصر الميزة النسبية وحل محلها ما أصبح يُعرف (بالميزة التنافسية) والتي تتمثل بعدم وجود أي معنى لامتلاك البلد لمزايا في الإنتاج والتسويق تميزه على بلد آخر من ناحية البيئة والمناخ وعناصر الإنتاج الرئيسية وبالتالي امتلاكه لمواد ومستلزمات الإنتاج كي يستطيع انتاج منتج ذو قدرات تنافسية في الأسواق المحلية الخارجية هذه ما كانت تؤكده قاعدة المزايا النسبية والتي تعني التخصص وفق القدرات والموارد .

لقد انتهت بلدان العالم المتنوعة عالمياً إلى مقومات الميزة التنافسية التي جعلت دولة مثل البحرين في المركز الأول لإنتاج دخان (المعسل) وهي لا تملك أصلاً زراعة التبغ والتنباك و لا حتى العسل وجعلت من دولة مثل بلجيكا الرقم الأول في انتاج وتسويق الشوكولا على مستوى العالم وهي لا تملك أيّ حبة كاكاو وإنما تأتي تلك الثمار من مستعمراتها الافريقية السابقة وكذلك

الحال بالعطور الفرنسية التي تأتي زهورها وزيوتها العطرية من دولة في افريقيا اسمها (جذور القمر) وتكتفي الشركات الفرنسية بمضاعفة القيم لهذه المنتجات عبر العلامات الفارقة والاعلانات والتعبئة غالية الثمن ومرتفعة الجمال والرونق.

إنها لعبة الأمم الأصعب ولكنها الأكبر نفعاً ومردوداً وهي التي جعلت بلداناً لا تنتج القطن ولا تعرفه أن تصدر أفخر أنواع القمصان القطنية عالية الجودة والأناقة والماركات العالمية.

الخوف على الصناعة السورية تأتي دوماً من فقدان المادة الأولية وتراجع انتاجها مما يجعل العديد من المصانع تعمل بأقل من 50% من طاقاتها الإنتاجية مما يسبب ارتفاعاً في قيمة التعادل الحرج وهي معدل الطاقة الإنتاجية للمشاريع التي تتعادل بينها الإيرادات مع التكاليف أيّ لا ربح ولا خسارة وذلك نتيجة تراجع المبيعات وبالتالي الإيرادات وبقاء التكاليف الثابتة دون المتغيرة في مستوى عالي مما يقلل من معدلات الربحية المتوقعة .

إننا بحاجة فعلاً لاستثمار جميع منشآت القطاع العام والخاص التي تمتلك طاقات إنتاجية كبيرة ولا تجد ما يكفيها من مستلزمات الإنتاج وبحاجة المادة الأولية .

فمنتج غذائي تقليدي مثل (قمر الدين) كان يعتمد سابقاً على ما تنتجه غوطة دمشق من نوع خاص لمادة قمر الدين وتحويلها لميزة تنافسية  من المشمش وهو (المشمش الكلابي) وكانت تصدر هذه المادة إلى بلدان عربية وتستخدم كشراب في رمضان وكانت تصدر بذوره المرّة إلى بلدان أوروبية لاستخدامها في صناعة الأدوية فهل تتوقف سورية عن انتاج قمر الدين لمحدودية المادة الأساسية في الوقت الحالي أم تستمر في استثمار الميزة النسبية..؟

ولنبدأ على سبيل المثال باستيراد بذور القطن والصويا والذرة لإعادة عصرها وتكرارها في سورية واستيراد فاقد القطن والمشمش وثمره من المواد الخام لإعادة تشغيل معامل قمر الدين ومعامل الغزل والنسيج والأقمشة والألبسة القطنية .

انها فكرة جديدة علينا ولكنها تنتظر من يبدأ بدراسة جدواها لتعود للصناعة السورية مكانتها التي بدأتها منذ مطلع القرن العشرين و لنرى الفرق.

 

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (146)

دمشق في 24/11/2021.