جديد 4E

يا عيني ع البساطة..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

ما إن علمت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بموهبة الرقص  التي “أتقنها” منذ الصف العاشر “الرقصة الروسية” لا يروح فكركم لبعيد، حتى قررت أن تشجعني أكثر “متبنية” موهبتي، ففي كل زيارة للسوق احصل على هزة بدن بسبب الأسعار فأتذكر الراحل عصام رجي وأغنيته المشهورة “هزي يا نواعم خصرك الحرير”، وللعلم فإن الوزارة تتبنى “الإبداع وحماية الملكية الفكرية بشكل عام” – يتبع لها معرض للإبداع والاختراع – وقد تأخذ دور كل من وزارات الثقافة والتعليم العالي والبحث العلمي والإعلام والصناعة والصحة في المستقبل، فالوزير “الله يعطيه الصحة” طاحش بقوة، فتارة نراه في معارض الاختراعات وتارة في مصنع يقدم دعاية مجانية للزيت الإيجابي، وتارة أخرى في مؤتمر صحفي بوزارة الإعلام للترويج لقراراته الاستثنائية، وقد نجده يقود حملة التلقيح ضد فايروس كورونا، ولا أستغرب إن تم اختياره في عداد المنتخب الوطني لكرة القدم كمهاجم هداف من الطراز النادر، لكثرة ما أحرز أهدافاً ملعوبة وسريعة “ومفاجئة” في شباك أمثالنا من ذوي الدخل المهدود..!

المشكلة في مواهب السيد الوزير أنه لا يمون قيد أنملة على وزارة المالية التي تصمت صمت القبور عن كل ما يتعلق برواتبنا وأجورنا الهزيلة، ولديها معلومات مؤكدة أنه بات يلزم العامل والموظف أكثر من مليون ليرة في الشهر لمواكبة الانجازات العظيمة لجماعة حماية المستهلك وباقي الوزارات المعنية برفع أسعار منتجاتها وخدماتها كوزارات الصناعة والكهرباء والنفط والاتصالات والنقل والتربية والتعليم العالي وغيرها، حيث بات نحو ثمانين بالمئة من السوريين تحت خط الفقر والجوع مدعوين لـ “هز بدن” يومي على إيقاع الأسعار المرتفعة دون أن يجدوا من يتبنى مواهبهم..!

الغريب العجيب أن جميع الحلول المقترحة للأزمات تأتي فقط على حساب المواطن المعتر المسكين الذي ليس له لا حول ولا قوة، والذي بات الحلقة الأكثر ضعفا في معادلة الدخل والأسعار، ومع ذلك لا يكف مسؤولونا عن تكرار المصطلح الخشبي  “إيصال الدعم إلى مستحقيه”، واليوم نسألهم  هل بقي شيء من هذا الدعم ليصل إلى مستحقيه..؟!

على مدى سنوات الحرب والحصار، ثمة طبقة من اللصوص مسؤولة “عن توزيع المساعدات الإنسانية” تتاجر بها في الشارع على عينك يا حماية المستهلك، وتحافظ على بورصة أسعارها صعودا وهبوطاً بحسب أسعار الصرف، مع أن الأعمى يستطيع أن يقرأ عليها عبارة “غير مخصص للبيع”، والسؤال الموجه للمؤتمنين على الجمعيات والجهات المسؤولة عن التوزيع، هل تصل هذه المساعدات فعلياً إلى مستحقيها حتى نراها معروضة في السوق السوداء أم أن مستحقيها هاجروا إلى خارج البلد أم توفاهم الله…؟!

يعود آخر لقاء بيني وبين الفروج المحلي “الوطني”، إلى نحو عامين، وأفكر بالاحتفال بالذكرى السنوية لهذا اللقاء بالنظر للذكريات الجميلة التي جمعتنا، كما أفكر بالاحتفال بالذكرى السنوية للوقوف أمام بائع شاورما، وكل ما أخشاه أن اضطر وأمثالي للاحتفال بالذكرى السنوية لشراء كيلو بطاطا على أنغام صوت الصبوحة وهي تغني “ع البساطة البساطة ياعيني ع البساطة”….!