جديد 4E

حلولكم يا شباب تعني: لا شيء .. وخلّونا مرتاحين!

خاص -علي محمود جديد

لستُ أدري كيف تخيّلتُ، بأنّ السيد رئيس مجلس الوزراء، المهندس عماد خميس، وبعد اجتماعه مع مديري المؤسسات العامة الصناعية، يوم السبت الماضي، قال بينه وبين نفسه: ( تضربو إنتو وهالإجتماع ) لأنّ ما حصل، تليق به تلك العبارة، وذلك إزاء تلك التعقيدات الكبيرة، التي طرحها المديرون الصناعيون، أمامه.
فالاجتماع كان من أجل الاستماع إلى رؤية ( الشباب ) حول كيفية العمل والتعامل مع القطاع العام الصناعي، ولاسيما في المرحلة القادمة، مرحلة إعادة الإعمار، فطرح المديرون قضايا وحلولاً مُعقّدة، وكأنهم يقولون للسيد رئيس الحكومة: لا شيء لدينا .. ولا نريد أن نعمل، فدعونا مرتاحين بحالنا، وعلى ما نحن عليه..! حيث طرح المديرون الصناعيون، قضايا معقولة، ولكنهم طرحوا أيضاً قضايا غير معقولة، وليس الآن وقتها، والظروف لا تُسعف حتى بمجرّد التفكير بها حالياً، لاسيما وأن العديد منها يجري طرحه منذ عشرات السنين، وبلا فائدة!.
فقد رأى المديرون العامون للصناعات النسيجية، والهندسية، والغذائية، والكيميائية، والتبغ، والسكر، والاسمنت، وحلج وتسويق الاقطان، خلال ذلك الاجتماع ضرورة توقف المعامل المدمرة بفعل الإرهاب..! ولست أدري ما الحكمة من ذلك ؟!. هذه رؤية ضحلة مع الأسف، وهي عشوائية، وغير مسؤولة، فكلنا يعرف – مثلاً – أنّ شركة تاميكو للصناعات الدوائية، دُمّرت هي والعديد من مصانعها، فما المشكلة عند صاحب هذه الفكرة بأن تُبنى معاملها من جديد، وتعود لتعمل ..؟! كما اقترح المديرون، دمج بعض الشركات لتحقيق قيمة مضافة..! وفي الواقع هذا لا بأس به، ولكن قرارات الدمج تحتاج إلى دراسات مُعمّقة، قد لا يُسعفنا الوقت الآن للركون إليها، فنحن أمام تحدٍّ ونهوض، لعودة دورة الإنتاج.
الأنكى من ذلك أن المديرين الصناعيين طالبوا بتحويل عدد من الشركات الى قابضة..! وهذا في الحقيقة أمرٌ غريب، وقد سبق وأن سمعناه منذ سنوات عديدة، ولم يستقرّ الرأي حوله، وإعادة طرحه الآن في هذه الظروف العصيبة، وكأنه يعني محاولة للتملّص من المسؤولية، وقذف المشاكل إلى الأمام، فلم يستقر في الذهن حتى الآن معنى الشركات القابضة في عالم القطاع العام، ولا كيف ستعمل، وما الفرق بينها وبين المؤسسة التي تنبثق عنها عدة شركات..؟! .
كما طالبوا بإعادة هيكلة القطاع العام الصناعي..! وهذا يعني نسفه من أساسه إلى رأسه، ومن بابه إلى محرابه، ونحن في ظرف لا يحتمل مثل هذه الأمور الآن، كما أنه لا يحتمل طروحات أخرى، جرى الحديث عنها، حول دراسة الجدوى الاقتصادية للمؤسسات، وتغيير الشكل القانوني والصلاحيات المعطاة لها، وتحميلها المسؤولية في التعامل مع هذه الصلاحيات، وضرورة اجراء دراسات خمسية لتكون نقطة استراتيجية للرؤية التي يجب وضعها للقطاع الصناعي، وذلك من خلال توصيف الاشكاليات بشكل أرقام واحصائيات دقيقة.
يا شباب هذه أمور معقّدة، تحتاج إلى وقتٍ طويل، ونحن الآن نحتاج إلى استثمار الدقيقة، كي نعيد حركة الإنتاج. أما المطالبة بفتح وصيانة بعض خطوط الإنتاج، وإدخال صناعات جديدة تراعي احتياجات مرحلة اعادة الاعمار، ودعم التصدير، والاستمرار بإنجاز بعض المشروعات القائمة، فهذه مطالبات هامة، وهذا وقتها، وكذلك بالنسبة للتأكيد على ضرورة وضع آليات تسويق جديدة، ومعالجة واقع نقل المنتجات، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وزيادة الطاقات الإنتاجية، والتركيز على المنتج المحلي، وتسويقه، وترشيد الاستيراد، وتشجيع الصناعات الغذائية، وخلق بيئة تنافسية للمنتجات الزراعية، من خلال التركيز على الجودة التي تحقق ميزة نسبية للمنتج المحلي، والتوسع بصناعة الأسمدة، فهذه هي المطالب التي يُعوّل عليها في مثل هذه الظروف، كم نرجو أن تتمسكوا بها الآن، ودعوا تلك القضايا المعقدة، والتي تحتاج إلى الكثير من المال أيضاً، دعوها إلى أن نُلملم الجراح ونُقلع.