جديد 4E

الزراعات المنزلية نمط فعّال لاقتصادٍ زراعي يخفف الأعباء المعيشية ويملأ أوقات الفراغ ويُبهج النفس جمالاً

 

 من تجاربهم الشخصية: السير على التراب يفرغ الطاقة السلبية .. والنباتات رفيقتنا مع قهوة الصباح

 

السلطة الرابعة – حسين صقر :

ليس فقط بهدف تحسين الدخل، على خلفية الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، وإنما أيضاً بهدف توفير غذاء آمن خالِ من المواد الكيماوية الضارة، لذلك أسر كثيرة اتجهت في الآونة الأخيرة إلى الزراعة المنزلية، وقد تمت ملاحظة ذلك عن قرب وتم رصد بعض النماذج الزراعية الناجحة في المنازل في مختلف أنحاء ريف دمشق ومحافظة السويداء.

النبات يفرح ولا يتكلم

و يرى أبو نورس وهو مدرس أن التوفير ليس الميزة الأهم في الزراعة المنزلية، ولكن الفكرة الحقيقية هي استنبات البذور في بيئة نظيفة خالية من مياه الصرف والكيماويات والمبيدات، فضلاً عن الفائدة النفسية للزراعة، فالنبات هو الوحيد الذي يسمع و يبهج ولا يتكلم ويعشقه أهل الصمت وقليلو الكلام.

ويوضح بالإضافة لذلك يملأ المرء وقته بما يفيد، وذلك بعد أن يؤدي كافة الواجبات الملقاة على عاتقه، كما يشجع الآخرين على القيام بهذا العمل، لما له من فوائد على البيئة والصحة، موضحاً أنه يقوم بزراعة كافة أنواع الخضراوات على سطح وشرفة منزله.

ملء الوقت بما هو مفيد

وتقول السيدة أم عمرو الحاصلة على ليسانس في الإعلام، والتي تعتني بزراعة انواع مختلفة من الخضراوات كالبندورة والباذنجان والخيار والكوسا واليقطين: إن الزراعة لا تقتصر على المساحات الواسعة، بل يمكن ممارستها في حديقة المنزل ومهما كانت المساحة صغيرة يمكن استثمارها والاستفادة منها.

وأشارت أن مجرد السير على التراب وبين تلك النباتات يفرغ الطاقة السلبية عند الإنسان، ويصرف انتباهه واهتمامه إلى ما هو مفيد، بغض النظر عن الفائدة المادية التي تقضي من خلالها ربة المنزل حاجات الطبخ اليومية، فضلاً عن قيامها بتربية بعض الطيور لنفس الغاية، حيث تقدم لهم الطعام من بقايا تلك النباتات، موضحة أن تلك العمليات تكمل بعضها البعض، وقالت: وصل مثلاً وزن اليقطينة التي قمت بزراعتها إلى ٢٣ كغ وهو وزن قد لا يتحقق في مزارع الفلاحين النظامية.

وأشارت: بعض النسوة يقضين وقتهن بما هو غير مفيد، ويمضي الوقت مسرعاً على بعض القصص المكررة والتي لاتسمن ولا تغني من جوع، لهذا أفضل أن أملأ ذلك الوقت بما يعود بالفائدة على أسرتي.

رفيقتنا مع قهوة الصباح

من جهته يعد الطبيب أبو هشام واحداً من مئات الملايين في العالم والذين يمارسون الزراعة الحضرية أو المنزلية، ويشير أنه من زراعة الورود التي كان يتمتع بمنظرها أثناء تناول قهوة الصباح قبل الظهور إلى عيادته، استمد فكرة زراعة الخضراوات بأنواعها في أحواض مشابهة لأحواض الورد، وذلك نظراً لاتساع بلكونات منزله وملكيته لسطح واسع أيضاً، حيث خرج من تلك البلكونة إلى السطح وقام بزرعة الأحواض لتحقيق الفائدة وتناول خضرواته النظيفة.

الطبيب المذكور يتحدث بفخر واعتزاز وحب، ويقول لا تقتصر أعمال الزراعة على الفلاح، كما أنه لا مشكلة عند الطبيب او المعلم أو المحامي إذا مارس تلك الهواية خارج أوقات عمله.

تطوير متواضع

السيدة سماح علي الحاصلة على ليسانس في الاقتصاد تحدثت عن تجربتها مع الزراعة المنزلية وتقول: أحب زرع الورد منذ كنت في المدرسة الإعدادية، وكنت يومياً في المدرسة أدخر مصروفي لأشتري ورداً من المشتل الذي يقع على طريق المدرسة.

ونمت هذه الهواية إلى أن كبرت وتزوجت وأصبحت ربة منزل، وخاطبت نفسي بأن الورد يعطي الروائح الطيبة لكنه يحتل مساحة منزلي الصغير، وبدأت أفكر بزراعة الخضروات المنتجة، وبالفعل أنا حاليًا أزرع فراولة وكوسا وبندورة وفليفلة وخيار وغيرها، وأحقق الفائدة المرجوة منها.

وأوضحت صحيح لم أدرس الزراعة، ولكن مواقع وصفحات الإنترنت المتخصصة بهذا المجال مملوءة بالتعليمات والنصائح وأنا أستفيد منها بدل تقليب الصفحات التي لا فائدة منها سوى اللهو والتسلية والضارة.

اكتفيتُ ذاتياً وصاروا يقلدوني

ويقول سعيد الحاج حتى لو كان الإنتاج ضعيفاً في البداية لأنه لم يكن لدي الخبرة في هذا المجال، لكن مرة تلو الأخرى أصبحت لدي تجربة بالإضافة لسؤال أصحاب الكار، حتى بدأت أدخل تطويرات عدة على مزرعتي المنزلية، و يشير كنت أزرع في أحواض رمل كبيرة، و الآن أجرب الزراعة المائية، في الخس وكانت النتائج رائعة والطعم لذيذ سكر والكل أجمع أن طعمه مختلف عن الخس الذى نشتريه، بالإضافة لزراعة البطاطا في الأكياس والتي دفعت بعض الأصدقاء لتقليدي بعد أن رأوا الصور على حالات الواتس.

وأضاف صرت أحقق الاكتفاء الذاتي من زراعتي المنزلية تلك. وقال: هذه الزراعة لا تتطلب الكثير من المجهود بل القليل منه.

وأضاف توفر الزراعة المنزلية نسبة من الأكسجين، وتعطي لمسة جمالية على أسطح المنازل حيث يمكن تحويل سطح المنزل إلى حديقة مثمرة بأنواع كثيرة من المزروعات ويمكنها أيضاً تخفيف أثر أشعة الشمس التي تسقط على أسطح المنازل ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأدوار السفلية، كما تعلمنا الاعتماد على النفس وأساسيات الزراعة وحب النبات الأخضر .

تعليمات مهمة

وفي هذا السياق أوضح المهندس الزراعي عماد الحموي توجد أسس عدة لنجاح الزراعة المنزلية، أهمها تحديد نوع النباتات التي يرغب الشخص بزراعتها، ومعرفة طريقة زراعتها إن كانت بذرة أو شتلة.

كما أن تكون الأنواع المراد زراعتها مناسبة للموسم الزراعي، واختيار أنواع من النباتات يمكن حصادها بأوقات مختلفة، بحيث يمكن حصاد المحاصيل في مختلف أوقات العام صيفاً وشتاء، عوضاً عن حصادها في وقت واحد، إضافة إلى معرفة ما يناسب النباتات من تربة رملية أو طينية أو أنواع مختلفة من البيئات.

خطوات الزراعة المنزلية

واشار الحموي: هناك بعض الخطوات اللازمة للحصول على نباتات حديقة منزلية بمختلف الأنواع، أهمها أن يتعرض المكان الذي ستتم زراعته لأشعة الشمس على الأقل لنحو 6 ساعات يومياً، وألا تقل سماكة التراب عن 15 سم، ونوه يجب اختيار أنواع الخضروات، التي تزرع في المساحات الصغيرة مثل الخيار والبندورة والجزر والفاصولياء والكوسا، واختيار الأعشاب والورقيات مثل الخس والبقدونس والسبانخ، كما أنه من الضروري وضع مسافة بين المزروعات لتتمكن من النمو بشكل جيد، وبخاصة للخضروات، حيث يمكن تقسيم الحديقة أو السطح إلى مربعات وزراعة نوع في كل مربع، موضحاً أن 20 _25 متراً في باحة المنزل، تكفي لزراعة العديد من أصناف الخضار، شرط أن تتوفر تربة صالحة لزراعة الخضروات، كما يمكن زراعة بعض الخضروات في الشرفة، من خلال سطل بلاستيكي أو أي إناء مناسب موجود في المنزل، من هذه الخضار السبانخ والفلفل والثوم والفجل والنعنع، ويجب أن يكون مكان الزرع مشمساً، لأن هذه الخضار صيفية وتحتاج لكمية كبيرة من أشعة الشمس لكي تنمو وتنضج.

وشرح الحموي بالنسبة لسقاية النباتات، أن المعيار الأساسي في معرفة كمية الماء، التي تحتاجها النبتة هو الجو، فإذا كان الجو حاراً تحتاج للسقاية باستمرار، لتحافظ على فترة رطوبة أطول، أما إذا كان الجو عكس ذلك فلا تحتاج لنفس الكمية.

واشار المهندس الزراعي أن بعض الخضروات تحتاج إلى وقت طويل لتنضج، فبعضها يحتاج إلى شهرين أو أقل ليثمر، وينتج كما في حال البندورة، والخيار، والخس والبقدونس والنعنع، وخصوصاً إذا ما توفرت التربية الجيّدة والسماد (سماد حيواني).

وأشار: لحسن الحظ أن الكثير من الخضروات يمكن إعادة زراعة بذورها، وبالتالي تكون التكلفة قليلة، أو يمكن الاعتماد على بذور، وشتلات يتم شراؤها من الصيدليات الزراعية أو المشاتل، مع سؤال أصحابها عن كيفية زراعتها، والأوقات المناسبة للزراعة.

فمثلاً بالنسبة للخيار، يتم إحضار البذور ووضعها في وعاء تراب بلاستيكي صغير وسقايتها، ثم توضع في مكان مظلم نوعاً ما لعدّة أيام حتى تظهر النبتة، ويتم نقلها إلى الأرض التي سيتم زراعتها فيها أو الحوض الكبير، وتنتج في غضون شهر أو أكثر بقليل، وكذلك الأمر بالنسبة للكوسا والباذنجان، أما البندورة فتحتاج إلى جو دافئ خال من الصقيع والحرارة المرتفعة، ويمكن شراء شتلات البندورة الجاهزة من المشاتل الزراعية في المنطقة ، أو استخلاصها من الثمار، وتوضع في وعاء لا يقل التراب فيه عن 17 سم للشتلة الواحدة، مع مراعاة وجود فتحات لصرف المياه أسفل الوعاء تجنباً للإصابة بتعفن الجذور.

اما الفائدة المرجوة من الزراعة المنزلية فهي تأمين بعض الخضار بالشكل الطازج وبتكلفة بسيطة نوعاً ما وبشكل سريع دون اللجوء أو الذهاب الى المحلات التجارية لشرائها بتكلفة عالية والأهم من كل ذلك هو تناول الخضار مباشرة بعد قطافها والتي تكون الفائدة منها في أقصى درجات الفائدة الغذائية وأيضاً الثقة في تناول الخضار من عدم استخدام المواد الكيميائية بشكل مفرط، لذا أن الزراعة المنزلية تعود بالفائدة الاقتصادية والغذائية لصاحب المشروع.