جديد 4E

نابليون بونابرت .. هو من أطلق مصطلح (غرفة التجارة) التي صارت اليوم شريكة في صنع القرار وبمثابة حكومة ظل للقطاع الخاص

غُـــــــرف التــّــــــجــارة

كتب الدكتور عامر خربوطلي :

عندما سأل (نابليون بونابرت) عن تجمع شاهده في أحد القاعات العامة والأصوات ترتفع وتنخفض والحوار يشتد ويخفو والأفكار تتعالى ما بين مؤيد ومعارض فقالو له أنهم أصحاب أعمال وتجار مجتمعين لمناقشة مواضيع تهم مهنتهم ومصالحهم في مواجهة قرارات حكومية عندها أطلق عليها نابليون كلمة (غرفة التجارة) ومن هنا انبثقت هذه المؤسسة التي تم وضع قوانين لها وأصبحت كلمة غرفة (Chambre ) باللغة الفرنسية كلمة عالمية في جميع المؤسسات التي تمثل أصحاب الأعمال التجارية واعتمدت باللغة الإنكليزية ( chamber ) بدلا ًمن كلمة  Room.  وانطلقت هذه المؤسسات وأصبحت من مؤسسات النفع العام التي تهدف لرعاية المصالح التجارية والدفاع عنها وتقوية روابطها ومرجعهم الأهم  وهي من أهم واجبات الغرف ومسؤولياتها.

هذه كانت بداية هذا التنظيم الذي أخذ عبارة (الغرفة) وتطورت الفكرة لاحقاً من خلال نشاطات وخدمات تقليدية وأخرى إبداعية وثالثة مجتمعية، انها تمثل لوبي ضغط لتعديل القوانين والقرارات التجارية باتجاه خدمة المصالح التجارية والعمل الحر وتسخير الإمكانيات لتعزيز التبادل التجاري وتنشيط التصدير وخلق المناخ الأمثل للعمل الاقتصادي.

 

وانتبهت الحكومات لأهمية هذه المؤسسات الأهلية فمنحتها بقوة القانون أحقية تمثيل المجتمع التجاري وتقديم أكبر قدر من الخدمات بل ومنحتها في بعض الدول مسؤوليات التدريب المهني والاشراف على الملحقيات التجارية في الخارج والتصديق على شهادات المنشأ للبضائع المصدرة .

واليوم لم تعد الغرف مؤسسات ضغط على الحكومات فقط  بل أصبحت شريكة في صنع القرار وبمثابة حكومة ظل للقطاع الخاص  تراقب الأسواق وتمنع الممارسات الاحتكارية وتتيح حرية المبادرة الفردية وتشجيعها وتشرف على وضع العرف التجاري بل امتد نشاطها في أغلب دول العالم سواء الغرف ذات القانون العام او الخاص ليشمل المسؤولية الاجتماعية وخدمات دعم رواد الأعمال والتدريب والاشراف على الأسواق المالية وتنظيم نشاطات النقل والشحن وتطبيق مصطلحات التجارة الدولية (الانكوتيرمز) بالإضافة لخدمات مراقبة الصادرات وتطبيق المواصفات و إقامة المؤتمرات والمعارض والندوات وورشات العمل والقائمة تطول حتى أنها في بعض دول العالم المتقدم تشرف بصورة كاملة على اصدار التراخيص والسجلات التجارية وشهادات ممارسة المهن.

غرفة تجارة دمشق

اجتماع التجار بدأ بغرفة وأصبح الآن كيانات ضخمة تشرف على عمل الجمعيات والاتحادات التجارية والاقتصادية والاستثمارية وتنقل وجهة نظرها بقوة واحترافية ومصداقية للجهات الحكومية التي تلهث وراء تطبيق نصائح ومقترحات هذه الغرف لأن في ذلك نقل حي ومباشر وشفاف لواقع الأسواق التي عادة ما تسعى الحكومات لتكون اسواقاً ناجحة ومتطورة وفاعلة ونشطة.

نجاح الأفراد في أعمالهم يعني نجاح الاقتصاد برمته وانتعاش المشاريع يعني زيادة في الناتج المحلي وزيادة في الاستهلاك وتحسن في مستويات المعيشة وخلق التوازنات التي تبحث عنها الحكومات.

مبنى مؤسسة مياه عين الفيجة

 

غرف التجارة في سورية قديمة وعريقة وكانت فاعلة على مدى تأسيسها وساهمت في أغلب القرارات الاقتصادية الهامة وساعدت في المبادرات الاجتماعية التي تعود بالنفع العام وما أدل على ذلك إلا مشروع جر مياه الشرب لمدينة دمشق أوائل عشرينات القرن الماضي من قبل غرفة تجارة دمشق وأمانة العاصمة.

واليوم قد يكون لفاعلية الغرف وحيويتها ودورها الاقتصادي كمستشار للحكومة أهمية عظمى لدى الحكومة ووجود ممثلين فاعلين لها في جميع اللجان الحكومية من أهم وأخطر الأدوار التي يجب أن تلعبها الغرف في وقت تخرج سورية من أزمة قاسية مرّت بها وتحتاج لجهود جميع أبنائها وتجارها الذين بنوا أهم نهضة صناعية وتجارية بعد الاستقلال وهم قادرون على إعادة لعب هذا الدور من جديد في مرحلة التعافي والانتعاش الاقتصادي وهم يمتلكون بكل تأكيد إرادة التغيير الإيجابي، وهم يمتلكون بكل تأكيد نهضة اقتصادية جديدة.

 

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (141)

دمشق في 20/10/2021.