جديد 4E

إلا السياسة..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

رغم إعجابي باليابان وتطورها ونهضتها العلمية وتفوقها في الكثير من المجالات ولا سيما “الأخلاقية” إلا أن علاقتي بها شبه مقطوعة ولا يوجد بيني وبين إمبراطورها وحكومتها أي تواصل لا خاص ولا عام منذ أن تعطلت مسجلة الكاسيت ” التوشيبا” التي اشتراها المرحوم والدي في السبعينات، وقد حاولت وصل العلاقة المقطوعة في أواخر التسعينات عندما التقيت بفتاتين يابانيتين “مساكا وتاناكا”  في حي البرامكة وهما تائهتان تبحثان عن “سوق الحميدية”، فتبرعت بإنكليزيتي “المكسرة” للعمل معهما كدليل سياحي لربع ساعة أوصلتهما خلالها إلى أول الحميدية، فتحدثت الفتاتان في الطريق عن هوندا وسوزوكي وسوني وتويوتا ويامها وساكورا ، وتكفلت أنا بشرح نهضتنا العلمية في مجال صناعة العلكة ومساحيق الغسيل والمحارم الورقية.

قبل أيام التقيت بأحد الأصدقاء وهو يجر كلباً ناصع البياض، فتعجبت من المشهد إذ لم يسبق لي أن سمعت أن لصديقي أي علاقة بالكلاب – أنتم أكبر قدر – فلما رأى تعجبي سارع لتوضيح الموقف قائلا:

–  لا تتعجب يا صديقي ليس لي علاقة بيوكي إنما أقوم بتسليته فقط نيابة عن ابنتي المسافرة..!

–  يوكي… ولكن من يوكي..؟!

فهز الكلب أذنيه الصغيرتين ونظر إلي مادّاً لسانه وكأنه يقول أنا..!

فعدت مجدداً للسؤال:

–  وماذا تعني كلمة يوكي..؟!

–  باليابانية تعني بياض الثلج..!

–  هل هو زائر من اليابان..؟!

–  يقولون أنه ينحدر من سلالة يابانية وهو مقيم معنا في البيت منذ أن كان صغيراً..

وبينما راح الصديق يشرح لي عن وفاء يوكي وذكائه ونظافته وعشرته الطيبة …..سألته بخبث:

–  كيف نختبر ذكاءه؟!

فقال: سله ما تريد شرط عدم التدخل بالسياسة لأنه يكرهها..؟!

فسألته: ما رأيك بالأوضاع المعيشية في بلدنا؟!

فاغرورقت عيناه بالدموع  وبح صوت نباحه وارتمى بحضن صديقي الذي ربّت على ظهره..مواسياً..!

فسألته مجدداً: طيب ما رأيك بسياسة الدعم وتصريحات المسؤولين حول وصوله إلى مستحقيه؟!

ففتح يوكي فمه وراح يقهقه حتى كاد ينقلب على قفاه كما لو أنني حكيت له طرفة حمصية ..!

فعدت إلى سؤاله مجدداً: هل يمكن وضع حد للفساد وجشع التجار ورفع الحصار  من قبل الدول المعادية..؟!

فنبح يوكي مزمجرا وهجم باتجاهي يريد عضي في وجهي فدفعه الصديق بعيدا عني، فقلت: ما باله يهاجمني .. ولماذا أصبح عدوانيا إلى هذه الدرجة ؟!

فقال الصديق: ألم نتفق أن لا تحدثه بالسياسة..؟!