جديد 4E

التدخّل الإيجابي بالكتشب

علي محمود جديد:

لا ندري ما الذي تفعله السورية للتجارة بتلك المليارات الباهظة التي تحولها لها الحكومة بين كل وقتٍ وآخر ..؟! ولا ندري أيضاً لماذا تقوم الحكومة أصلاً بذلك التحويل بعد أن أثبتت هذه السورية للتجارة أنها ( ليست للسيف ولا للضيف ولا لغدرات الزمان ) بكل ما تدعيه من تدخّل إيجابي وما شابه ..؟!

فالوقائع أثبتت أن مزاعم التدخل الإيجابي ليست أكثر من فقاعات لا أساس لها من الصحة، وهي فاشلة بامتياز ولم تستطع – السورية للتجارة – أن تترجم هذا المنحى على أرض الواقع إطلاقاً بأي سلعة من السلع الهامة التي يتخذها الناس ويعتبرونها سلعاً أساسية، إلا عندما تُعطى امتيازاً احتكارياً مثل حالة بيع السكر والأرز على البطاقة، ولا فضل لها في ذلك لأن هذا الامتياز لو أعطي للتجار لاستطاعوا أن ينظموا عملية البيع أفضل منها بمرات مضاعفة.

كلنا يفهم أن التدخل الإيجابي يعني توفير سلع معينة وأساسية بأقل سعر مما هي عليه في السوق، بل وكسر الأسعار ببراعة تجارية معينة لاسيما وأن السورية للتجارة تمتلك الكثير من صالات التبريد التي تُمكّنها من تخزين الكثير من المواد وتقوم بطرحها في السوق عند الحاجة إليها، فمن ضروب التدخل الإيجابي أيضاً أن تكون السورية للتجارة حريصة على عدم فقدان أي مادة، من خلال سياستها التجارية التي من المفترض أن تكون بارعة، وهي ليست كذلك.

السورية للتجارة حتى وإن كانت تبيع بعض المواد بأقل سعر مما هي عليه في السوق، فإننا نسجل لها بالبنط العريض بأنها لم تكن قادرة على إحداث أي تأثير مباشر على السوق بأي مادة من المواد، أي أنها لم تستطع أن تُعاند التجار وتُلزمهم بقوتها الاقتصادية أن يتجهوا نحو تخفيض أسعارهم، بل على العكس يتصرفون وكأنها غير موجودة، حيث يمضون في رفع الأسعار، والأنكى من ذلك أنها ليست فقط لا تؤثر بهم بل تتبعهم بعد فترة وترفع من أسعارها هي أيضاً ولكن أقل منهم لتُصدق نفسها أن أسعارها ما تزال أقل من السوق.

البطاطا اليوم تتراوح في السوق بين 2500 إلى 3000 ليرة للكيلو غرام الواحد، ما الذي فعلته السورية للتجارة إزاء ذلك ..؟ لا شيء، مع أنه كان من المفترض أن تكون قد خزّنت في براداتها كميات كافية من هذه المادة لتطرحها في هذه الأيام – قبل نضوج العروة الخريفية – بأسعار متهاودة تُلزم من خلالها التجار والأسواق لأن تحترم نفسها وتخفض الأسعار، وإلاّ فإن البديل موجود، ولكن لا بديل .. فكان من الطبيعي أن تصل أسعار البطاطا إلى ما وصلت إليه.

والأمر لا يتعلق بالبطاطا وحدها طبعاً، فكذلك بالنسبة للحوم الحمراء والبيضاء من فراريج وأسماك، وكذلك الألبان والأجبان والبيض والزيوت والسمون، والرز والسكر والحبوب، فتلك هي المواد الأساسية التي كان على السورية للتجارة أن تُعدّ من أجلها الخطط المُحكمة التي تمتلك من خلالها خيوط التحكّم في السوق فعلاً، ولكنها – مع الأسف .. وعلى الرغم من المليارات – لا تمتلك شيئاً من هذه الخطط على ما يبدو، ونراها تترك الأمور على عواهنها، فأزمات أسعار وتوفر هذه المواد الأساسية مستمرة، في حين نجد أن رفوف صالات ومراكز السورية للتجارة متخمة بالكتشب وأصناف الكونسروة والفطر والمخللات والملح والخل وماء الورد والزهر وأصناف البسكويت وعبوات البن والشاي والزهورات وعلب السردين، وما إلى ذلك من المواد التي لا تُقدّم ولا تؤخر ولا تؤثر على حياة المستهلكين.

أعيدوا النظر ببعضكم وبأساليب عملكم الفاشلة، فإما أن تكونوا قادرين على التدخل الإيجابي فعلاً .. أو كفّوا عن هذه التسمية المزعومة على الأقل التي لا تمنحنا إلا قسطاً من الغيظ وجرعة استفزاز.