جديد 4E

قرية صغيرة.. ولكنها مرعبة..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

في زحمة أحداث الأسبوع المنصرم استوقفني حدثان أحدهما عالمي هزّ الكرة الأرضية وشغل أكثر من ملياري مستخدم لتطبيقات الفيسبوك حول العالم، وحدث آخر هز الحارة التي أسكن فيها وأحزن المئات من أهلها وساكنيها، وقد وجدت بينهما علاقة ما بحكم تحول العالم إلى قرية صغيرة بفضل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها معظم سكان  الأرض، ففي بلادنا التي أوجعتها الحرب وتركت عليها آثار قد لا تمحى خلال عقود من الزمن، من الصعب أن تجد شريحة ما بما في ذلك أطفال الروضة إلا وتستخدم الجوالات الحديثة وتطبيقاتها وتتأثر بكل ما تنشره مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي سلباً أو إيجاباً، وطبعاً التأثيرات الايجابية لا تكاد تذكر مقارنة بنظيراتها السلبية.

ومن هذه النقطة بالتحديد سأدخل إلى الحدثين، لأن الرابط بينهما كبير وخطير في آن واحد، ومن الضروري قرع جرس الإنذار نتيجة ما يلحقه النت بمستقبل أجيال عريضة تستخدمه وتتأثر بالمحتوى السلبي الذي ينشره عمداً، الحدث الأول هو تعطل الفيسبوك وتطبيقاته حول العالم يوم الاثنين الماضي حوالي ست ساعات، وذلك بعد شهادة قدمتها الموظفة السابقة في شركة فيسبوك فرانسيس هوغان تقول فيها إن إدارة الفيسبوك تتعمد نشر محتويات خطيرة على صفحاتها تشجع على العنف والكراهية لدى المراهقين والأطفال، والجميع يشاركني الرأي بأن العطل الذي جرى في (فيسبوك وواتساب وانستغرام) كان متعمدا نتيجة العاصفة الهوجاء التي أثارتها هوغان، وذلك لإخفاء أو التستر على بعض البيانات والحقائق المرتبطة بالحدث، وهو الأمر الذي استدعى استجوابا عاجلاً في الكونغرس الأميركي مع الموظفة المذكورة للوقوف على الحقائق والبيانات التي تمتلكها واهتماماً بالغاً قد يكون له ما بعده.

الحدث الثاني كان مقتل طفل في حارتي لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره أثناء لعبه ببندقية كلاشينكوف موجودة في مضافة عمه، وهي حادثة من جملة حوادث هزّت الرأي العام في بلدنا في الأشهر الماضية، وأشرت إلى تنامي ظاهرة العنف المرفوضة واستخدام السلاح بأنواعه (قنابل مسدسات بنادق) في مشاجرات وخلافات شخصية، ومن وجهة نظري الخاصة ترتبط هذه الحادثة وغيرها من الحوادث بتداعيات الحرب وتأثيراتها السلبية على المجتمع، فوجود السلاح بشكل غير منضبط لدى الكثير من الأسر والعائلات والأشخاص هو محرض للأطفال والبالغين لتجريب كل ما يشاهدونه عبر وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي المتاحة للجميع من محتويات خطيرة “مقاطع وأفلام عنف”، وحسب هوغان فإن تطبيقات الفيسبوك تنشر محتويات تشجع على الكراهية والعنف وهو ما أدى إلى حوادث خطيرة هزت المجتمع الأميركي نتيجة التساهل بحمل السلاح وبيعه بمنتهى الحرية في المتاجر والأسواق.

ولعل الجميع يتذكر أن العديد من حوادث انتحار أطفال ومراهقين في السنوات الماضية كانت تحاكي ما ينشر على الانترنت من ألعاب وتطبيقات خطرة ، أي أن القضية ذات بعدين لا ينفصلان عن بعضهما، فوجود السلاح غير المنضبط وتوفر مواقع الانترنت التي تبث ما تشاء من محتويات غير مراقبة بين أيدي الأطفال كل ذلك يؤدي إلى حوادث مؤسفة ومحزنة، وهذا ما يتطلب إطلاق حملة منظمة لضبط ومراقبة استخدام الانترنت وتوعية الأهالي لمخاطر التساهل بوجود الأجهزة الخلوية الذكية بين أيديهم، وحملة أخرى موازية لجمع السلاح المنفلت وغير المنضبط من أيدي بعض الأفراد والأشخاص ممن يستخدمونه أو يحملونه خارج الوظيفة الأساسية التي وجد من أجلها أي محاربة الإرهاب والدفاع عن الوطن والمجتمع.

وبالمناسبة، لا أجد أي مبرر على الإطلاق لحمل السلاح في الأماكن العامة كالأفران وصالات السورية للتجارة ووسائل النقل العامة ومحطات الوقود وغيرها، لأن بعض من يحملونه يتعدون على القانون والنظام والسلم الاجتماعي نتيجة ذلك..؟!