جديد 4E

وفد وزاري في دمشق بعد طول غياب ..

 

كتب المحرر السياسي

الحدث المتمثل بزيارة الوفد الوزاري اللبناني الرسمي إلى سورية، بعد انقطاع على هذا المستوى منذ أكثر من عقد، لا يمكن اختصاره بأزمة الكهرباء أو بالإشارة التي منحتها السفيرة الأميركية بلسان إدارتها حول خيار استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية، فالأمران، أي تفاقم أزمة الوقود والكهرباء في لبنان والإشارة الأميركية، اعتراف بحقيقة حاول فريق لبناني وإقليمي ودولي إنكارها وبذل جهوداً ووقتاً للالتفاف عليها، وهي حقيقة التداخل والتشابك بين البلدين، بحيث يشكل أحدهما قدر الآخر بالنسبة للذين لا يريدون أن يشكل خياراً، فعندما نتحدث عن العنوان الأبرز لأزمة المحروقات بصفتها ثمرة من ثمرات تفاقم أزمة الكهرباء، سنكتشف أن ما تتيحه العلاقة بين البلدين من خيارات يملك الكثير من الأجوبة المشتركة لولا التدخلات والموانع التي يزرعها الأجنبي، ممثلاً بالأميركي وحلفائه، فخط النفط العراقي إلى لبنان وحده يمثل حلاً جذرياً لتغطية حاجات لبنانية وسورية وعراقية، يعطله الأميركي عمداً، واستجرار الكهرباء عبر الأردن والغاز عبر مصر ليس إلا مثالاً بسيطاً عن الممكن عبر التعاون اللبناني- السوري، فلدى سورية معامل كهرباء قادرة على إنتاج حاجات سورية ولبنان، إذا توافر لها الوقود اللازم، بتعاون الدولتين، والقضية التي يكثر اللبنانيون الحديث عنها كمركز تأثير جوهري في مفاقمة أزمتهم الاقتصادية، لكنهم لا يفعلون لحلها إلا القليل، والقليل جداً، هي قضية النزوح السوري التي لا يمكن التفكير بأيّ حلّ لها خارج التعاون بين البلدين، ومجال الدواء والغذاء وقد تحوّل كل منهما إلى مصدر أزمة كبرى في لبنان، تقوم الدولة السورية رغم محدودية مواردها بإدارة حلول أتاحت لها توفيرهما بأسعار معقولة لمواطنيها، وتحقيق اكتفاء ذاتي تطال عائداته المناطق التي لا تخضع لسيطرة الدولة، بالإضافة للمناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية وترعاها.

فتح كوة في جدار الأزمات اللبنانية لم يكن ممكناً خارجياً وداخلياً إلا من بوابة العلاقة اللبنانية- السورية، وهو لم يحدث إلا عندما بلغ الجميع الجدار المسدود، ما يعني وبمعزل عن التفاصيل اللبنانية الحكومية، والحدود التي سيتاح عبرها تنمية هذه العلاقات، أنّ مساراً قد بدأ، وأن بيد اللبنانيين أن يقوموا بتطويره بحسن النوايا، لأنهم لن يلاقوا في سورية إلا مثلها، وخير شاهد ما لمسه اللبنانيون يوم استغاثوا بسورية في ذروة أزمة وباء كورونا، مع انقطاع الأوكسجين، وكيف لبت سورية الاستغاثة بلا أثمان سياسية يتوهّم الكثيرون، من الذين يبررون حصار دول عربية وغربية المفروض على لبنان بذريعة خصومة هذه الدول مع طرف لبناني، أن سورية ستفعل المثل مع لبنان لأن بعض اللبنانيين يسيء إليها صبحاً ومساءً ويتوقع منها بالتالي عندما يطلب لبنان معونتها أن تعاقب اللبنانيين، وتضع الشروط التعجيزية، وهؤلاء معذورون لأنهم ينقلون نموذج معاملة من يعتبرونهم حلفاء وأصدقاء وينظرون لموقف سورية من خلاله، ومعذورون لأنهم لا يعرفون أن سورية تنظر للعلاقات بين البلدين والشعبين بصفتها تعبيراً عن مصير واحد لا يمكن فصله، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وأمنياً، ولذلك فليس في سورية من يقبل التفكير بانهيار لبنان وبيد سورية أن تفعل شيئاً لمنع هذا الانهيار، بعكس الذين يقودون التهريب إلى سورية لمراكمة الأرباح الخيالية على حساب أموال اللبنانيين، ولتخريب الاقتصاد السوري واستنزاف الدولارات من السوق السورية ويرمون بمساوئهم على سورية ويحملونها مسؤولية هذا الخراب المشترك.

مثال التهريب والمهربين والاحتكار والمحتكرين كان أمس محور جذب انتباه اللبنانيين، مع قيام حزب القوات اللبنانية بتنظيم حملة استنفار للدفاع عن محروقات الصقر، التي كشف فرع المعلومات في مخازنها في زحلة تخزين ملايين ليترات البنزين والمازوت، وقامت قوة من الفرع بتطويق المخازن أمس لسحب الكميات المخزنة، فيما قامت قيامة القوات لتوفير الحماية لصقر واتهام فرع المعلومات بالاستهداف السياسي والطائفي.

 

( صحيفة البناء اللبنانية  – صباح السبت 4 آب / أغسطس 2021م )