جديد 4E

الدواجن فيلم سوري طويل .. وهذه استراتيجية لتنمية وتطوير القطاع من مشاهده بتوقيع خبير .. لمن يريد السماع والعمل

 

 

دجاجاتنا تحتفل فرحاً

علي محمود جديد:

بالفعل قطاع الدواجن في سورية فيلم سوري طويل، لم تنتهِ مشاهده بعد، ولا نعرف ما هي نهايته إلى الآن على الرغم من أن الكثير من الدلائل باتت تشير إلى نهاية مأساوية ناجمة عن عدم جدية المعنيين في إيجاد حل حقيقي وفعّال لما يحيط بهذا القطاع من مخاطر، أو أنهم لا يعرفون أكثر من ذلك، وتنقصهم الخبرات والمبادرات الناجعة.

فمنذ سنوات والاجتماعات الحكومية والقطاعية تتوالى لإيجاد الحلول، ويتناقشون ويتداولون الأفكار ويضعون أمامهم حزماً من السيناريوهات غير أنهم إلى الآن لم يستطيعوا أن يختاروا سوى الأسوأ، فنحن كمستهلكين لا ندري أبعاد قراراتهم سواء بدعم الأعلاف، أم بدعم الصيصان بعشر ليرات .. فمرة قالوا سندعم كل صوص بكذا وكذا ..

خرجيّة 10 ليرات

أم بدعم الدجاجات مثلما قررت مؤخراً مؤسسة الأعلاف بتخصيص كيلو غرام واحد من الذرة لكل دجاجة في الشهرين، ومثل هذا القرار قد يبدو مضحكاً لنا نحن معشر المستهلكين إلاّ أنه قد يكون ناجعاً له أبعاده المؤثرة على الوضع المتردي لهذا القطاع، أو قد يكون سلبياً.. فنحن لا ندري، ونحن أيضاً لا يهمنا بالنهاية أي قرارٍ أو إجراء، ما يهمنا هو النتيجة التي نلمسها على الأرض من خلال ارتفاع أسعار الفروج أو انخفاضه، وطبعاً نحن نتطلع دائماً إلى انخفاض الأسعار ونحلم بذلك، فالفراريج كانت من الوجبات الغذائية الأساسية لعموم الناس، غير أن الأسعار المرتفعة دفعت بهذه الفراريج للطيران خارج السلة الغذائية للأغلبية.

في هذه الأيام – وعلى الرغم من حظوة كل دجاجة لكيلو ذرة كل شهرين – فإن أسعار الفروج ارتفعت بشكلٍ كبير، وهذا يعني بمفهومنا كمستهلكين هو أن هذا القرار خاطئ ولا معنى له، مثله مثل دعم الصيصان ودعم الأعلاف الحاصل سابقاً، فكلها قرارات فاشلة بنظرنا تبعاً للنتيجة التي ما تزال تحرمنا من هذه الوجبة الغذائية الأساسية.

والآن .. ماذا نفعل ..؟! ليتنا نقف في مكاننا ونراوح .. إننا في تراجع مستمر .. الأسعار ترتفع .. والحرمان يتّسع .. فماذا بالفعل نفعل ..؟!

والمشكلة الكبرى هي أننا لا نعرف شيئاً عن الحلول الممكنة، فالشيء الذي يُذهلنا فعلاً هو أننا على الرغم من حرماننا من هذه الوجبة الغذائية الغنية – سواء كان من البيض أم من أبيض اللحم، بسبب ارتفاع الأسعار – فإن المربين يصرخون أيضاً بأن أحوالهم متردية، وتجار الأعلاف يصرخون من جهتهم أيضاً بأن هذه هي الأسعار العالمية، وأصحاب محال البيض والفروج والبائعين بهذا المجال يتأفّفون بسبب التراجع الكبير في الطلب، فما العمل ..؟ كل الحلقات الإنتاجية والتجارية والاستهلاكية مأزومة، والجهات المعنية يبدو أنها تتفرّج على ما يحصل، وتكتفي ببدعة هذه ( الإعاشة ) لكل دجاجة، أو بدعم كل صوص بعشر ليرات ( هكذا حُدّد سابقاً وكأنها خرجية ) ومختلف القرارات الأخرى التي أفضت بالنهاية إلى تحقيق ارتفاعات متوالية للأسعار، أي – بمنظورنا – إلى الفشل تلو الآخر.

بث مباشر لاحتفال الدجاجات بنصف كيلو ذرة في الشهر

ثمة فوضى وعشوائية في القرارات وبالتالي نتائج مخيبة تحيط بهذا القطاع، ولن يعرف ما هو السبيل للوصول إلى الطريق السليم إلاّ من كان بها خبيرا.

المهندس الزراعي ( عبد الرحمن قرنفلة ) والمتخصص بالإنتاج الحيواني له باع طويل في القدرة على إيجاد الحلول الأسلم لمثل هذه المسائل، ولا أقول هذا من فراغ فقد خبرته منذ عقود عبر متابعات ميدانية لمشاريع ومبادرات وتجارب كان يقوم بها واستطاع من خلالها مضاعفة مخرجات الإنتاج الحيواني في نطاق التجربة وبشكل مدهش، وها هو اليوم يتحدث عن استراتيجية يمكن من خلالها إنقاذ قطاع الدواجن، وبالتالي إنقاذنا نحن المستهلكين .. فهل هذا يهمكم ..؟ بالله يمكن لا يهمكم ولاسيما أن كل دجاجة تعيش الآن فرحتها بنصف كيلو ذرة في الشهر ..!

تفضلوا ..

 

أشد المربين  فقراً هم الأقل تقدما من الناحية التكنولوجية

 

  • المهندس عبد الرحمن قرنفلة – خاص موقع السلطة الرابعة:

إن المنعطف الأساسي في رسم استراتيجية قطاع الدواجن  يجب أن تنبع من مصلحة العاملين فيه ، كل العاملين في القطاعين العام والخاص  ، سعياً لخدمتهم .

والقطاع الخاص يستطيع أن يأخذ على عاتقه أكثر المسؤوليات تعقيداً ، شريطة أن يكون طريقه ممهداً خالٍ من العراقيل وأن يكافأ مكافأة عادلة على مجهوداته . فإذا لم تحيك الحكومة قراراتها وقوانينها مستندة إلى مصلحة كل شرائح المربين بالتساوي ، بمن فيهم المتوقفة مداجنهم قسرياً عن العمل  ، فأنه من الصعب أن يتحقق التطور ، وبإمكان الحكومة قبل وضع استراتيجيتها تنفيذ استبيانات ميدانية تحدد معاناة اكبر شريحة ممكنة من المربين ، لتحديد اهدافها ومسارات الاستراتيجية المطلوبة ، وليس عبر ممثليهم الذين يحضرون الاجتماعات الحكومية  لأن من يصل الى تلك الاجتماعات هم من  المربين أصحاب الحيازات الكبيرة وتجار القطاع ، وهؤلاء ليسوا مثقلين بأعباء وهموم المربين اصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون 95 % من اجمالي المربين ، حيث انه من الثابت ان اصحاب الطاقات الانتاجية الصغيرة هم  المربين الاكثر تعرضا  للمعاناة  كونهم الاضعف من حيث الامكانات المادية  .

 

لقد فهمت الدول المتطورة هذا المبدأ منذ زمن طويل . فلجؤوا إلى دعم مزارعيهم بكل فئاتهم وبدؤوا بالمزارعين اصحاب الحيازات الصغيرة ، لإبقائهم عاملين بحماس  ودون هموم ومتاعب ، لتأمين غايات وحاجات أوطانهم من الأمن الغذائي ، والإبداع وتحسين الإنتاجية وسلامة الغذاء  ، وتخفيف الكلفة وحماية البيئية . ففي بعض الدول  هنالك ” قانون الزراعة ” الذي يعاد النظر به مرة  كل خمس سنوات من أجل التأكد من المعاملة العادلة والدخل الملائم لهؤلاء المزارعين ، بينما هم يسعون للوصول إلى الأهداف المرسومة . وفي دول ثانية ، هنالك ما يسمى ” بالسياسة الزراعية العامة ” ، التي أنشئت منذ أربعين عاماً و التي تعاد صياغتها وزيادة المبالغ المخصصة لها من حين إلى آخر إلى أن فاقت الخمسين مليار يورو سنوياً .

الاهداف الاستهلاكية من منتجات الدجاج :

إن بناء الاستراتيجية يستند الى :

  1. الاهداف الاستهلاكية المحلية .
  2. تحقيق فوائض تصديرية توفر قطع اجنبي يساهم بتغطية احتياجات القطاع منه .

حاجة القطر من منتجات الدجاج :

وفقا لتقدير منظمة الصحة العالمية للاحتياجات الاساسية للفرد من المنتجات الحيوانية  فإن احتياج المواطن يبلغ / 150 / بيضة سنويا وحوالي /  32 / كغ من اللحوم المختلفة منها 9 كغ من لحوم الدجاج ، وحيث ان البلاد تعاني حاليا من نقص في انتاج اللحوم الحمراء ولحوم الاسماك ،يصبح من المنطق ان تتم مضاعفة احتياج الفرد من لحوم الدواجن بحيث تبلغ حصة المواطن منها 18 كغ بدلاً من 9 كغ

الاحتياج السنوي من المنتجات الحيوانية للفرد الواحد حسب توصيات

منظمة الصحة العالمية

المادة الغذائية الاحتياج السنوي ( كغ/ فرد/ سنة )
لحوم حمراء ( ابقار واغنام ) 17
لحوم دواجن 9
لحوم اسماك 6
بيض ( متوسط وزن البيضة 60 غ) 9.3 ( تكافئ 150 بيضة )
منتجات البان (حليب ومشتقاته-جبنة –قشطة) 120

1 – حاجة القطر من بيض  المائدة   :

استناداً الى عدد سكان القطر / حوالي 24 مليون مواطن / وفق بيانات المكتب المركزي للاحصاء . فإن حاجة الاستهلاك المحلي تبلغ 3.6 مليار بيضة مائدة وإنتاج هذا العدد يحتاج 16.3 مليون دجاجة بياضة من القطعان التجارية . وإنتاج هذا العدد من الدجاج التجاري البياض يحتاج الى تربية 350 ألف دجاجة انثى من قطعان الامات.

2 – حاجة القطر من لحم الفروج :

اما بالنسبة للحوم الفروج  فإن الاحتياج يستلزم انتاج /ذبائح جاهزة / حوالي 431 الف طن وتحقيق هذا الانتاج يتطلب تربية 452.6 مليون فروج ، وتوفير هذا العدد يستوجب تأمين 565.7 مليون بيضة تفريخ  وتكون الحاجة من امات الدجاج اللاحم 7.07 مليون أم انثى وهذا العدد يحتاج تأمينه الى 202 الف جدة دجاج بياض .

3 – حاجة القطر من اعلاف الدجاج :

اما حول حاجة البلاد من اعلاف الدجاج فان حاجة القطعان اللازمة لإنتاج حاجة القطر من لحم الفروج تبلغ حوالي /2.224/ مليون طن . وحاجة قطعان البياض بمختلف فئاتها تبلغ / 1.076 / مليون طن .أي ان الاحتياج الكامل لقطعان الدجاج تبلغ /3.3 / مليون طن علف .

4 – حاجة التصدير :

ومن جانب اخر يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار اهمية اخذ حجم صادرات القطاع  ، نظرا لأن القطاع امامه فرص تصديرية وفي حال التوجه الى تصدير 25% من حجم الاستهلاك المحلي / وهي نسبة حجم صادرات القطر من اجمالي انتاج القطر من البيض عام 2009 /  فذلك يقتضي زيادة كافة الارقام المشار اليها اعلاه بنسبة 40-50 % على الاقل لتلبية الاهداف التصديرية .

 

جوهر استراتيجية القطاع ينبع من صعوباته :

من الثابت محليا وعالميا أن أشد المربين  فقرا هم الأقل تقدما من الناحية التكنولوجية ، وقطاع الدواجن السوري يعتبر متخلفا من الناحية التكنولوجية بنسبة 85 % ، حيث تعتبر التربية التقليدية ( الارضية ) والحظائر المفتوحة التي تغيب عنها ابسط مبادئ الامن الحيوي هي السائدة ، كما ان الابنية التي تؤوي الدجاج في معظمها متهالكة وليست مصممة فنياً لهذا الغرض فضلاً عن ذلك هناك عوز فني عريض ونقص المعلومات الفنية بين صفوف المربين ، وغياب الدور العملي والفعلي للفنيين الزراعيين من مهندسين وأطباء بيطريين ، هذا من جانب .

ومن جانب اخر تعتبر تكاليف الاعلاف وتوفرها باستمرار بمواصفات فنية قياسية قدر الامكان المحور الاساس وعامل التمكين الاول لتنمية وتطوير القطاع وقدرات العاملين فيه ، كما أن غياب معلومات السوق وفوضى الانتاج وعدم وجود جهة تضبط ايقاع تشغيل المداجن تقود الى اضطرابات عميقة تنعكس على كافة حلقات الانتاج بالقطاع / جدات- امات – مفاقس- قطعان تجارية – العاملون بالسلاسل التسويقية لمنتجات الدواجن / . فضلاً عن المعاناة المستمرة للمربين من حيث تأمين مستلزمات الانتاج وفي مقدمتها مازوت التدفئة وتشغيل المداجن الحديثة وكذلك تأمين المياه الصالحة للشرب للمداجن في معظم الحالات .

 

عوامل دعم  الاستراتيجية :

وحول اهم المحاور التي تتطلبها استراتيجية تنمية وتطوير القطاع نؤكد  إن خفض تكاليف انتاج منتجات الدواجن بنسبة 70% يمكن تحقيقها من خلال :

  • خفض تكاليف انتاج لحم الدجاج بنسبة 30% عما هي عليه اليوم عبر :
  1. خفض معدّل نسبة النفوق بالقطعان المرباة على مدار السنة إلى ما يقـل عن 5 %
  2. تخفيض عامل تحويل العلف إلى ما دون 7
  3. تحسين إنتاجية امات دجاج التسمين إلى ما يزيد عن 135 صوص لكل أم بدأت بالإنتاج .

ويمكن تحقيق الجزء الاعظم من هذه البنود عبر تنفيذ سياسة صارمة للأمن الحيوي بالمداجن ، والتأكد من سلامة الخلطات العلفية المقدمة للدجاج ومدى تحقيقها للمتطلبات الفنية ، وكذلك الاشراف الفني الفعلي و المستمر على مزارع امات الفروج وعلى مفاقس تفريخ البيض المخصب وعلى مصانع الاعلاف ومصانع اكساب البذور الزيتية  .

  • أما تخفيض الـ 40 % المتبقية يعتمد على إمكانية إنـتاج او تأمين مواد علفية أقّــل سعـراً مـن   كلفة استيرادها الراهنة . وهذا الامر يستلزم من مراكز البحث العلمي والجامعات تركيز اهتمامها على خلق بدائل محلية عن الاعلاف المستوردة  مثل الذرة البيضاء الخالية من التنين  أو البحث عن بدائل ارخص يمكن تأمينها من السوق العالمية . وهو امر لن يُعجز مراكز البحث العلمي بالتأكيد .

التغير التكنولوجي اهم عامل منفرد في زيادة عرض منتجات الدواجن

من جانب اخر يجب التنويه  أنه من العوامل الاساسية الداعمة للإستراتيجية لا بد من  :

  • تعزيز البرامج الإرشادية لتشجيع المربين نحو مزيد من التحول السريع باتجاه تبني تكنولوجيا حديثة في الإنتاج ،إذ يعتبر التغير التكنولوجي اهم عامل منفرد في زيادة عرض منتجات الدواجن زهيدة الثمن ، ويشير التغير التكنولوجي الى التطورات والابتكارات في جميع جوانب الإنتاج بدأ من التربية والتعليف والإيواء الى مكافحة الأمراض والتجهيز والنقل والتسويق .
  • تصميم برامج توليد فرص عمل اضافية من خلال تشجيع التوسع بأنشطة تصنيع منتجات الدجاج ولاسيما البيض  وإكسابها قيماً مضافة ، واعتماد مبدأ / تنمية الإنتاج الداجني كمقدمة للتصنيع / نظراً لأن أنشطة تصنيع منتجات الدجاج تمتاز بالربحية والثبات والتنافسية والديناميكية .
  • تشميل قطاع إنتاج منتجات الدجاج بمظلة دعم منتجات القطاع الزراعي
  • تشميل قطاع إنتاج منتجات الدجاج بمظلة دعم الصادرات التي تحظى بها منتجات زراعية ذات ثقل اقل في التأثير على الإقتصاد السوري .
  • تغيير دور الدولة في مجال التسعير ومنح عمليات التسعير المرونة الكافية بما يضمن تحقيق مصلحة كل من المنتج والمستهلك ، فدعم المنتج كفيل بتوفير دعم تلقائي للمستهلك .
  • تفعيل دور المؤسسة العامة للأعلاف في لعب دور ايجابي في توفير حاجة قطاع الدجاج من المواد العلفية وتشكيل احتياطي يكفي لمواجهة احتياج البلاد لثلاثة اشهر على الأقل
  • إن الحد من استهلاك الادوية البيطرية في تربية الدواجن سوف تساهم في خفض تكاليف الانتاج بنسبة معنوية . وتوفير كم كبير من القطع الاجنبي المستخدم في تأمين المواد الاولية للصناعات الدوائية البيطرية ، ولا بد من التشدد في منع استخدام الادوية والمستحضرات البيطرية إلا من قبل الفنيين البيطريين ، أو بإشرافهم المباشر لأن كثير من كوارث النفوق الواسع للطيور تحدث نتيجة الاستخدام العشوائي لتلك الادوية والمستحضرات البيطرية ولعله من المفيد الذكر أن كثير من الدول تمنع منعا نهائيا على المربين قيامهم بتقديم المستحضرات البيطرية للدواجن وتحصر هذا الاجراء بالأطباء والفنيين البيطريين وفق ضوابط تضمن تحقيق مصلحة المربي والطبيب البيطري .