جديد 4E

إبعاد الشبهة عن واشنطن

*احمد ضــوّا : 

فتح إعلان وكالة الاستخبارات الأميركية وفقاً لوكالة رويترز البريطانية بأن فيروس كورونا لم يتم تطويره كسلاح بيولوجي الباب واسعاً لطرح الكثير من التساؤلات عن مصداقية هذا الإعلان ومغزاه والأدلة المستند إليها في ضوء عدم وصول الجهات والمنظمات الصحية الدولية إلى الأدلة التي تحدد مكان انتشاره الأول وهل هو من صناعة المختبرات أم فيروس وبائي.

حاولت الولايات المتحدة تسييس تفشي وباء كورنا في العالم بدلاً من العمل الجماعي لتطويقه واتجهت أنظارها هذه المرة إلى الصين الذي ذاع صيت انتشار الفيروس من مدينتها ووهان ولم يكن اتهام إدارتي ترامب وبايدن للصين بالمسؤولية عن تفشي فيروس كورونا قائماً على معلومات حقيقية أو تقارير صحية حيادية وإنما اعتمد على تسييس القضية في إطار الصراع المتنامي بين البلدين والسعي إلى إلحاق الأضرار بسمعة الصين وريادتها العالمية.

التقرير الجديد لوكالة الاستخبارات الأميركية أكد أن السلطات الصينية لم يكن لديها علم بالفيروس قبل تفشيه في مدينة ووهان وهذا يسقط جميع التهم التي ساقتها الحكومة الأميركية ضد بكين بعد تفشي الفيروس وفي ذلك إشارة واضحة الى تسييس واشنطن قضية الوباء وبالتالي تحملها المسؤولية عن ضعف التعاون الدولي للحد من انتشاره.

إن التحليل المنطقي لإعلان الاستخبارات الأميركية ينتهي الى تفسيرين الأول عجز وفشل الأجهزة الأميركية في إيجاد أي أدلة تدعم اتهاماتها ضد الصين وبالتالي اعتمدت سياسة التراجع التدريجي عن ذلك تفادياً لردات الفعل الدولية والصينية على إشغالها للعالم طوال الفترة الماضية وتحويل إنظاره وجهوده عن التعاون في التصدي لهذا الوباء العالمي.

والتفسير الثاني إنهاء الحديث والبحث الدولي عن منشأ الفيروس واعتباره طبيعياً كي لا تتجه الأنظار الى المختبرات الأميركية المنتشرة في العالم والتي تعمل لتطوير أسلحة بيولوجية خارج الأراضي الأميركية.

كالعادة لم تقدم الاستخبارات الأميركية أي أدلة على تبنيها فكرة أن الفيروس طبيعي وليس من منشأ مختبرات وهذا الأمر يترك الباب مفتوحاً لطرح الكثير من التساؤلات عن الأهداف الأميركية ومحاولة واشنطن إنهاء الجدل في هذا الموضوع وتنحيته من التداول الإعلامي والصحي.

إن إشارة تقرير الاستخبارات الأميركية بشكل واضح الى عدم إمكانها تقديم تفسير نهائي ومحدد عن أصل الفيروس وربطها ذلك بتوفر معلومات جديدة تركت الباب مفتوحاً أيضا أمام مرحلة من التوظيف اللاحق لهذا الوباء في محاولة منها لقطع الطريق أمام أي جهة دولية أو صحية تشير بأصابع الاتهام للمختبرات الأميركية.

لقد انطلت سياسة واشنطن في تحميلها للصين مسؤولية تفشي الوباء بعد أشهر من انتشاره فقط من مبدأ إبعاد الاتهامات عنها واستطاعت بواسطة أذرعها الإعلامية والدعائية الى توجيه الأنظار الى الصين على الرغم من التقارير الكثيرة التي تحدثت عن سعي واشنطن لإنتاج سلاح بيولوجي جديد في مخابرها في جورجيا وأوكرانيا وبعض الدول الآسيوية المحيطة بإيران والصين وروسيا الاتحادية وكوريا الديمقراطية.

إن تركيز تقرير الاستخبارات الأميركية على تحويل الأنظار عن المنشأ البيولوجي للفيروس واعتباره طبيعياً دون إيراد المعلومات والأدلة العلمية الدامغة على ذلك لا يلزم أي دولة أو منظمة صحية بالتوقف عن تحديد أصل الفيروس تفادياً لمنع تكرار مثل هذه الأوبئة ولذلك تركت الاستخبارات الأميركية باب تصعيد هذا الصراع في لحظة بقضية توفر معلومات جديدة.

إن بث العديد من وسائل الإعلام الأميركية والدولية عن تحدث المسؤولين السياسيين في الولايات المتحدة عن احتمال انتشار أوبئة وفيروسات خطيرة والحديث عن وسائل مواجهتها والفرصة الاقتصادية التي توفرها للدول الغربية ليس مجرد تنبؤ أو كلام في الفراغ وهذا يتطلب من جميع دول العالم حسم مسألة نشأة الفيروس الذي تسبب الى اليوم بخسائر بشرية واقتصادية هائلة وعواقبه ستكون بعيدة المدى وخاصة على الدول الفقيرة والنامية وتبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في قفص الاتهام بالنظر الى تجاربهم السابقة وعدد المخابر البيولوجية التي يشغلونها في بلدانهم ودول أخرى.

 

صحيفة الثورة – زاوية ( معاً على الطريق ) بقلم : * معاون وزير الإعلام – 28 آب / أغسطس 2021م