جديد 4E

بين السخط والسعادة..!

 

عبد الحليم سعود:

أحيانا أشعر بأن الفريق الاقتصادي يتعمدني ببعض قراراته الذكية، ليحرمني من متع ولذائذ عشت طوال عمري وأنا أحلم بتجريبها، ففي القرار الذي أصدره وزير الاقتصاد مؤخراً بشأن منع استيراد بعض المواد والسلع شعرت بأنني مقصود  شخصيا، وأن هناك جهة ما تتعمد إفراغ مخزون الأمل لدي، فقد أثار سخطي كثيراً منع استيراد الكاجو واللوز والجوز  والزبيب وعدادات النقود، فمنذ بدأت عملي بمهنة المتاعب وأنا أحلم بتناول هذه المكسرات اللذيذة وأعد ثروتي من “الدولارات” التي وفرتها من راتبي وتعويضاتي الوظيفية، كما كنت أحلم بشراء اكسسوارات لهاتفي الآيفون الذي أنوي شراءه هذا الصيف، بالإضافة لمكبرات صوت أنوي استخدامها في حملتي الانتخابية للترشح لعضوية مؤتمر اتحاد الصحفيين القادم..!

صحيح بأنني لا أنوي شراء مكيفات هذا الصيف إذ لا مجال لاستخدامها أو تشغيلها، ولكن ما المانع من شراء جهاز العلاج الفيزيائي “للتدليك” لأنه لم يعد ينقصني في الحياة سوى التدليك وهذا الجهاز الضروري، لإراحة أعصابي وعضلاتي وجسدي بعد ساعات الوقوف اليومية على الفرن من أجل شراء ربطة الخبز اليتيمة المخصصة لعائلتي.. !

لن أتحدث عن بقية المتع التي حرمني منها القرار لأنها كثيرة وخصوصا السيارات الفخمة والغرانيت الفسيفساء وجبنة الشيدر إلخ ، ولكن لا أخفي سعادتي لمجرد الإبقاء على مشروع الطاقة البديلة واستيراد مكوناته من ألواح شمسية وبطاريات و”خلافو” لأنني كنت أنوي تركيبها في منزلي، غير أني اكتشفت بالصدفة أنه لا يوجد لدي أي مساحة لذلك “لا سطح ولا شرفة ولا سفرة درج” ولكن لا بأس فأنا سعيد من أجل جيراني وأقاربي الذين يملكون هذه المساحات، وقد أقوم باستدانة القليل من الطاقة من عند أحدهم فالجار للجار والأقربون أولى بالمعروف.. ونواسة مضواية أحسن من محطة حرارية معطلة..!

كما أني سعيد جدا بتنظيم جدول “مندلييف” السوري لتوزيع الخبز الذي شكّل خلاصة تفكير وعبقرية العقول الفذة في وزارة حماية المستهلك، ولا أخفي سعادتي من قرار محافظة دمشق بتأجير شوارعها (لجمعيات خيرية) من أجل جباية “500” ليرة عن كل ساعة وقوف للسيارات، وأتمنى عليها أن تؤجر الأرصفة والساحات لنفس الجهات من أجل الجباية من المواطنين الذي يسيرون فيها، ولا سيما أن قلب العاصمة يعج بالمتجولين، وسأكون أكثر سعادة إذا تم تأجير واستثمار الهواء فالكل يتنفس..!

وعلى سيرة المحافظة لا أخفيكم بأنني أشعر بسعادة بالغة نتيجة أعمال الصيانة (السريعة جدا) التي تقوم بها المحافظة على المتحلق الجنوبي والتي إذا بقيت مستمرة على هذه الوتيرة فقد يحتفل احفادنا بعون الله ذات يوم بتدشينها، رغم أن القصة لا تحتاج أكثر من استبدال  فواصل بلاستيكية تالفة بأخرى غير منتهية الصلاحية ..!

ولا أخفي غبطتي الكبيرة بعمليات استبدال الارصفة في العديد من الأحياء الراقية في مقابل ترقيع الشوارع المحفورة في حارات العشوائيات بقشور من الزفت..!

لا شك بأن أسباب الفرح والسعادة أكثر من أن تعد أو تحصى مع الحكومة الجديدة ، ولكن سأقتصد واتقشف بها خوفا على قلوبكم الضعيفة التي لا تتحمل  جرعات كبيرة من السعادة ..عين الحسود تبلى بالعمى .!