جديد 4E

ينام ورد الشام في كفي

عمار النعمة :

كانت حروفه تتناثر في صفحات الأدب، امتازت نصوصه الشعرية بالإبداع والسلاسة، أحب الشعر منذ نعومة أظفاره، وقدم شعراً دخل قلوب الجميع صغاراً وكباراً بلا استثناء … هو صاحب نظرة ثاقبة ترجم رؤيته للواقع في كتاباته ليدرك القارئ أن ما خلف أشعاره هو حكايات وتعابير ومعان وأهداف.

إنه الشاعر سليمان العيسى الذي نحتفل في ذكرى رحيله هذه الأيام، أحد المبدعين السوريين الذين أبصروا النور في لواء إسكندرون السليب عام 1921 لتنطلق بعد ذلك مسيرته الحافلة بالإبداع والنضال الوطني ضد الاحتلال وبناء الإنسان والأجيال.

كانت الكتابة بالنسبة له بمثابة الغذاء الذي يجعل منه رجلاً حياً قادراً على الاستمرارية والعطاء، هو صاحب فكر وهمة وعزيمة، عندما كتب عن شهداء حرب تشرين التحريرية قائلاً: (عند الشهيد تلاقى الله والبشر) حينها كان يدرك معنى البطولة والتضحية في سبيل عزة الوطن وكرامته … ولهذا كنّا ومازلنا نذكر أشعاره في كل زمان ومكان .

أكثر من سبعين كتاباً تأليفاً وتعريباً ما بين الشعر والقصة والمسرح أبدع العيسى في مسيرة حياته، فهو الشاهد على تأسيس البعث، والمساهم في تأسيس اتحاد الكتاب العرب، رؤياه إلى القادم كانت مختلفة، فكان التوجه إلى أدب الأطفال، وقد حرص أن تتوافر في شعره الصورة الشعرية الجميلة والمفردات العذبة والأفكار الهادفة النبيلة السامية، فكان قريباً بحق من كل طفل ومن كل منزل سوري… فمن منّا لا يتذكر: ماما ماما يا أنغاما، أو عمي منصور نجار..الخ .

سليمان العيسى جبل من جبال وطني، شاعر استثنائي بأدبه وشعره وأخلاقه وإنسانيته فمن عرفه عن قرب يدرك تماماً ما نخطه هنا .

في ذكرى الرحيل تعجز الكلمات عن التعبير عن رجل أبدع وأعطى وأغنى برسالته الأدبية والتربوية والنضالية العالم العربي بأكمله … هو الذي أحب الشام فأحبته، كان مخلصاً لها فحضنته كوردة ما يزال عبقها يفوح في سماء الوطن .. كيف لا وهو الذي قال ذات يوم : ينام ورد الشام في كفي.. وتورق الرجولة والرجال .

 

 صحيفة الثورة – زاوية ( رؤية ) 10 آب / أغسطس 2021 م