جديد 4E

كآبة المناسبات والأعياد

 

ابتسام هيفا :

شعور غريب ينتابني كلما اقترب موعد الأعياد.. شعور بالحزن والكآبة على أيام مضت قبل بدء الحرب.. كيف كنا.. وكيف اصبحنا..؟  فالأعياد التي كانت مصدر بهجة .. أصبحت اليوم تشكل قلقاً حقيقياً بالنسبة لنا .

 

جاء العيد في هذا الشهر حاملا معه مواجهات مضنية بين الأسر وغلاء الأسعار في محلات بيع الألبسة والأحذية والحلويات أمام تردي القدرة الشرائية للمواطنين ما يخلق متاعب كبيرة للعائلات السورية في ضبط الميزانية وعدم القدرة على تأمين المستلزمات الضرورية.

وسط هذه الضغوطات المالية الخانقة تقول السيدة نوال مهنا.. مع قدوم العيد في الربع الأخير من شهر تموز  خيمت علينا حالة من التوتر والاكتئاب لعدم قدرتنا على تأمين متطلبات اولادنا.. فالمعاش لا يستوعب تأمين حاجاتنا  وسط جنون الأسعار الذي يستنزف ما في الجيوب .

وتضيف السيدة منال عجيب .. قبل الحرب كانوا أولادنا في مرحلة الطفولة وكنا نقضي أيام العيد بالسفر والذهاب إلى المطاعم ومدن الملاهي ، اليوم أصبحوا في المرحلة الجامعية وتغيرت الأحوال والمرتب لم يعد يكفي لمصاريف الجامعة وتغير  أسلوب حياتنا ما جعلنا نشعر  بالكآبة لهذا التغيير وتمنياتنا أن يأتي العيد ويذهب بسرعة.

ويقول السيد عامر عيسى : لاتزال الأسواق الشعبية تشكل ملاذا لنا أي العائلات المحدودة الدخل وبغض النظر عن نوعية الملابس والسلع المختلفة التي يتم عرضها على مستوى تلك الأسواق يبقى رخص الأثمان الهدف المنشود لنا  ..

ويضيف السيد شادي محمد لا فرق بين العيد وايامنا العادية بالنسبة للمشتريات.. فأنا وافراد اسرتي ملازمين المنزل طيلة ايام عطلة العيد.. لان عاداتنا تغيرت بسبب الضائقة المالية بالنسبة لنا كموظفين مقارنة مع غلاء الاسعار.. وتقول زوجته السيدة سحر علي.. كنا في الاعياد نتبادل الزيارات مع الأهل والأصدقاء ومعنا الهدايا مثل علب الحلويات والشوكولا.. اليوم نجد أنفسنا غير قادرين على القيام بواجبنا تجاه عائلتنا ومقصرين بحق أهالينا ما يجعلنا نقضي اجازة العيد في بيوتنا.

وفي صورة أخرى نرى المحلات والشوارع الراقية المكتظة بالناس من غير فئة الموظفين الذين ينهالون على شراء أرقى الملابس الباهظة الثمن .. وأفخر أنواع الحلويات .. ويرتادون المطاعم والمنتجعات .. هذا التفاوت الحاصل في المجتمع السوري جعل الكثيرين يشعرون بما يسمى كآبة المناسبات .

وللوقوف على هذه الظاهرة يوضح الاختصاصي النفسي والاجتماعي ماهر شبانه قائلا :

ذلك الفرح المباح للجميع لن يصمد كثيراً أمام الأشخاص الذين يتمتعون بحساسية فائقة تجاه الأشياء والناس والمناسبات الحرجة بالنسبة لهم، وهنا تبدأ إفرازات الكآبة..

لطالما أحب الإنسان حالات الفرح الفردية أكثر من حبه لحالات الفرح المشاع لما لها من بصمة خاصة تعنيه جيداً ولهذا يجد نفسه مضطراً للمجاملة في حالات الفرح الرسمية بوصفه بنظره(فرح قسري) يدوس على مشاكله وأوجاعه وحتى خصوصيته ويرهق حياته الروتينية.

ومع تكراره خلال السنين وتكرار وجعه لمواجهة هذا الفرح المفتعل يتشكل لديه رابط نفسي سلبي حول أي مناسبة قادمة هذا الرابط الذي يبدأ بالتوتر كلما اقتربت مناسبة جديدة يتراكم  ليصبح حالة قلق حقيقية لا تنتهي إلا بزوال هذا الرابط ومروره ومن هنا تتكدس حالات الحزن غير المعروفة لتصبح كآبة.

تلك الكآبة التي تجعل الشخص وحيداً بين جمهور من الضجيج، وحزيناً بين محيطه الممتلئ بالناس، وربما يقول في نفسه لا تناسبني الاحتفالات والمجاملات بينما أعيش الحزن والتوتر.

ويضيف شبانة : سمعتها من كثيرين ولازلت اسمعها قبل أو أثناء أو حتى بعد هذه المناسبات وتجد أعراضها كالخمول ونقص الطاقة والمبالغة في حالات الحزن والإحساس المفرط بالوحدة بالإضافة إلى الإحساس المفاجئ بالكآبة دون سبب حقيقي.

لنعش اللحظات بكل أبعادها من حزن أو فرح ونراقبها بكل حكمة لنتعرف على مكامنها ونستفيد منها في المستقبل.. وعلينا ألا نكون ابناء الماضي أكثر مما نكون ابناء المستقبل ونتعامل مع الفرح العام على انه فرصة جيدة غير متوقعة للسعادة علينا اغتنامها مع الأصدقاء في هذه الحالة فيتشكل رابط ايجابي للفرح العام

وفي النهاية أقول.. اصنع نفسك وحياتك وكأنها رواية تعيش كل فصولها من اجل خاتمة رائعة.