عبد الحليم سعود *
لا نبالغ أو نهوّل بحق ميليشيا قسد المدعومة من الاحتلال الأميركي إذا قلنا إنها الوجه الآخر لتنظيم داعش الإرهابي، رغم ادعائها محاربته في فترة صعوده، فالانتهاكات التي تقوم بها الميليشيا المأجورة بحق أهلنا في الجزيرة السورية لا تقل قبحاً عن الانتهاكات التي دأب عليها التنظيم في أوج نشاطه، وحصوله على الدعم الأميركي والغربي لتمزيق سورية.
فعمليات الاغتيال والاختطاف والقمع والاستيلاء على الأملاك العامة ونهب الثروات السورية، وتجنيد الشباب بالإكراه في صفوف الميليشيا الانفصالية كلها انتهاكات مقززة أقدم عليها التنظيم، غير أن قسد تفوقت عليه في عمالتها للأميركيين وسعيها المحموم لفصل واقتطاع جزء غالٍ من سورية تحت ما يسمى (الإدارة الذاتية).
ورغم أن الميليشيا المأجورة حظيت بأكثر من فرصة ذهبية للحوار مع الدولة السورية كي تكون جزءاً من النسيج الوطني السوري وجزءاً من الحل السياسي، إلا إنها اختارت أن تكون أداة رخيصة بيد الاحتلال الأميركي وخنجراً مسموماً في خاصرة الوطن، مقدمة للنظام التركي الإرهابي كل الذرائع التي يبحث عنها كي يتدخل في الشأن السوري ويمد نفوذه سعياً وراء تحقيق أحلامه العثمانية المريضة وبذريعة أمنه القومي المزعوم.
مشكلة المأجورين والعملاء وأزمتهم الحقيقية – كما هو حال قسد اليوم – أنها لا تستفيد من دروس الماضي ولا تستخلص عِبر الحاضر ولا تستقرئ المستقبل، فالاحتلال الأميركي – وهذه ليست مجرد أمنيات ورغبات – سيرحل عن هذه المنطقة عاجلاً أم آجلاً، مكرهاً أم باختياره، وذلك في السياق الطبيعي لانعدام شرعيته وفشله في تحقيق أجنداته، وعجزه عن تحمل تبعات مقاومة شعبية لن تتأخر، وعندها سيجد العملاء أنفسهم أمام ثلاثة أعداء لم يتركوا معهم للصلح موضعاً، أبناء الجزيرة السورية الذين ذاقوا الأمرّين على أيديهم (حيث الغضب والاحتقان الشعبي في ذروته)، والجيش العربي السوري المتأهب والمصمم على تحرير كل شبر محتل من أرض الوطن، وقطع دابر المتلاعبين بوحدة وسيادة واستقلال سورية، والنظام التركي الناقم الذي
ينتظر أي فرصة للانقضاض عليهم.. فهل يدرك عملاء قسد ما ينتظرهم في قادم الأيام..؟!
صحيفة الثورة – زاوية ( البقعة الساخنة ) بقلم : *رئيس دائرة الدراسات السياسية 26 / 7 / 2021 م