جديد 4E

لا تستبقوا خطاب القسم بالخطابات…!

 

يونس خلف :

تتجه الأنظار إلى خطاب القسم غداً السبت، ومنذ يوم الاستحقاق الرئاسي وما قبله أيضاً عندما طرح السيد الرئيس بشار الأسد شعار حملته الانتخابية (الأمل بالعمل) أسئلة كثيرة تدور في ذهن كل سوري في مقدمتها ماذا ينتظرنا؟ وهل ستتغير الأحوال أم ستبقى كما اعتدنا عليها؟

لا نستبق الأمور ولا يعرف أحد ماذا سيقول السيد الرئيس، لكن في الوقت نفسه أصبح المواطن السوري يعرف مسبقاً أن أي خطاب للسيد الرئيس يكون متعدد الأبعاد وغني بالأفكار ويتسم بالصراحة والشفافية ويسمي الأشياء بمسمياتها ويعلن المواقف بوضوح ويسلط الضوء على الصعوبات ويضع التصورات العامة للتغلب عليها. لكن المشكلة تبدأ بعد الخطاب وهذه هي معاناتنا ونقطة ضعفنا نحن الذين نستمع للخطاب ونقرأه على بعضنا ليمضي الوقت بالشرح والتحليل لبرامج عمل لا تحتاج لخطابات جديدة من المعنيين بالتنفيذ وإنما إلى العمل.

المشكلة الأولى التي تواجهنا بعد كل خطاب أن يتسابق اصحاب الشأن بالتنفيذ والعمل إلى مجرد التأكيد بأن هذا الخطاب سيكون من أولويات عملنا ويضعون برامج زمنية لاجتماعات وجولات لشرح الخطاب وتحليله بالتفصيل وليقولوا سنعمل على استخلاص التوجيهات التي تضمنها في مختلف المجالات التي تطرق إليها وترجمتها إلى خطط عملية للتنفيذ، لكن يمضي الزمن ولا نجد من يقدم ما نفذه وما لم ينفذه.

سيقولون بعد الاستماع لخطاب القسم مباشرة انهم سيعملون على تحويل الخطاب إلى خطط عملية وتنفيذها أحسن تنفيذ. لكن سرعان ما ينشغلون بغير ما يقولون، والامثلة التي تدلل على ذلك كثيرة.

نأخذ مثالاً من خطاب القسم الأول للسيد الرئيس عام 2000  والذي وضع أسس استراتيجية عامة للتطوير كانت البلاد أحوج ما تكون إليها في ذلك الحين وأصبح شعار التطوير والتحديث على كل لسان ولاسيما ألسنة المسؤولين إلا أن وقائع العمل لم تترجم الأقوال إلى أفعال، لا بل أكثر من ذلك بعض الذين كانوا يشرحون ويحللون الخطاب ويعقدون الاجتماعات وبحت حناجرهم من الشرح هم الذين يمارسون الفساد و عامل إعاقة في برنامج التطوير والتحديث.

من هنا تبدو أهمية النظر إلى شعار الأمل بالعمل على قاعدة تحمل المسؤوليات من قبل الجميع، وليس كما يفهم البعض بأن الأمل والرهان ومصدر القوة وكل ما يريد ويشتهي المواطن سيأتي من الرئيس وحده.

إن النظر إلى هذا الشعار بمنظار الاتكالية وعدم تحمل المسؤولية والنأي بالنفس عن العمل لن يحقق الأهداف الكبيرة المأمولة من شعار الأمل بالعمل ولذلك علينا أن نتأمل قبل كل شيء نتائج عدم تحمل المسؤولية وهي كثيرة جداً ولها خطورة كبيرة على المجتمع لأنها تؤدي إلى الفساد وإلى نسف شعار الاعتماد على الذات و إلى التواكل على الآخرين وينتج عن ذلك تراجع كبير في الأداء يتسبب في سوء الاحوال بكل مجالاتها الإنتاجية والخدمية والاجتماعية. بينما عندما يتحمل الجميع مسؤولياتهم ويعرف كل فرد ما عليه من حقوق وواجبات تكون المسؤولية هي رجع الصدى لوعي المواطن والمسؤول وحرصهما على تطوير واقع الحال.

أما ان ننشغل جميعاً بالخطابات والاجتماعات ونبتعد عن العمل فمن الطبيعي أن يكون ما نقوم به بلا أهداف ولا مسؤولية، ولذلك من الآن يجب ان نفكر بالتغلب على الصعوبات والسلبيات التي ستعيق ترجمة الخطاب إلى واقع عملي، ولاسيما أن تلك السلبيات أصبحت في بعض المفاصل واضحة ومزمنة وعندما نتجاوزها يكون الأمل بالعمل الحقيقي هو الذي ينتظره الجميع.

 

( فينكس ) 16 / 7 / 2021 م