جديد 4E

ثقافة سياحية..!

 

 عبد الحليم سعود :

ليس بالضرورة أن تقوم برحلة فضائية كي تفهم في أمور الفضاء فثمة الكثير من الكتب والبرامج التي تقدم لك معلومات غنية عنها، وليس بالضرورة أن تكون “مواطناً” كي تتعرف على ثقافة المواطنة، بل يكفيك أن تتعرف عليها في النصوص والدساتير، في المقابل لست مضطرا لقراءة رواية “الجحيم” لدان براون أو هنري باربوس كي تتعرف عليه، فقد تتاح لك الفرصة أن تعيشه شخصياً وعملياً هذا الصيف..!

وبما أننا جئنا على سيرة الجحيم عفواً “الصيف” وهناك من يتحدث عن السياحة ويقوم بتدشين منتجعات سياحية باهظة مخصصة لعلية القوم، فليس بالضرورة أن تقوم بهذا النشاط الاعتيادي الترفيهي  لتتعرف عليه، يكفيك أن تثقف نفسك قليلاً بأمور السياحة حتى تشبع فضولك في هذا الموضوع..!

لذلك اسمحوا لي أن أثقف نفسي وأثقفكم  قليلاً بأمور السياحة و”ذنبكم على جنبكم”..!

تُعرَّف السياحة “لُغةً” بأنّها الضرب في الأرض؛ أي الانتقال والمشي من موقع إلى آخر، سواء في دولة معينة أو إقليم مُحدّد أو حول العالم؛ من أجل الوصول إلى حاجات معينة، وبعيدة عن مكان السكن الدائم أو بيئة الأعمال أو الحروب.

أمّا اصطلاحا فقد عرَّفت منظمة السياحة العالميّة السياح بأنّهم جميع الأشخاص الذين يوجدون في مكانٍ ما لمُدّةِ 24 ساعة؛ بهدف الحصول على وسائل الترفيه التي تشمل الإجازات والرياضة والاستجمام، وثمة من يُعرَّف السياحة بأنّها كافة النشاطات أو التصرفات التي يُطبقها الأشخاص أثناء ذهابهم لرحلات خارج منازلهم ومجتمعهم، ولأي هدف معين إلّا الرحلات الخاصة بالذهاب اليومي إلى العمل.

ثمة تعريف شعبي خاص بالسياحة يحفظه ويطبقه سكان العشوائيات في بلدنا، حيث يعتبرون السياحة رحلة قصيرة بالهونداية او الطريزينة إلى أطراف المدن، يصطحبون خلالها عدة التبولة والأركيلة وفي أحيان نادرة عدة المشاوي والألعاب، ثم يفترشون الأرصفة أو المساحات الخضراء المتوفرة والحدائق “إن توفرت” ثم يتركون أولادهم يلعبون حولهم  إلى ساعة متأخرة من الليل.

أما الرسميون أو المعنيون بالسياحة في بلدنا فلهم وجهة نظر أكثر “تطوراً” إذ يعتبرون أن أهم شرط للسياحة هو وجود المرافق الخدمية “منتجعات وفنادق وشاليهات وشقق سياحية” إضافة إلى المناطق والبرامج السياحية، لكنهم يتناسون عمداً المواصلات أي قطاع النقل والحالة الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار الذي يحول دون قيام أغلبية السكان بأي نشاط سياحي سوى زيارة صالات السورية للتجارة من أجل المقنن والأفران للحصول على الخبز ومستودعات الغاز ومحطات الوقود، وهي وجهة نظر تؤكد أن السياحة مخصصة فقط للأثرياء وتجار الأزمات والحرب.

سألت صديق خبير بالسياحة ويعيش في منطقة سياحية عفوا “ساحلية” عن شروط السياحة المتوفرة حالياً بهدف القيام برحلة إلى هناك فقال: كهرباء 6 ساعات قطع مقابل ساعة وصل، مياه 15 يوم قطع مقابل نصف ساعة وصل، غابات محترقة، مواصلات رديئة، طرق محفرة، كازيات مزدحمة، بنزين باهظ الثمن، وأوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة تقرأها على الوجوه، فقلت: بماذا تنصحني؟

قال: بما أن السياحة أنواع منها الديني والرياضي والثقافي والتاريخي والعلاجي والترفيهي، وهناك سياحة يقال لها سياحة المؤتمرات، وبما أنك لست مؤهلاً لأي نوع منها، فإنني أنصحك بسياحة “على قد بساطك مد رجليك”..!

فقلت: وما هي هذه السياحة وما شروطها..!

فقال: لها شرط واحد وهو أن تبقى في المنزل..!