جديد 4E

عودوا .. انتهت الزيارة

 

 

السوريون همُ البوصلة.. فلمَ نضيّع الطريق؟!

 

السلطة الرابعة – وصال عبد الواحد :

أتخيّل في بعض الأحيان أنني مواطنة غريبة، في بلدٍ يسود فيه قانون واحد فقط وهو “كل مين إيدو إلو” الجميع يعمل، الجميع يتعلّم، الجميع على مسافة واحدة من العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.. محض نظرية جمالية تحكم المزاج والذهن والبال!

أتخيّل لو كنت تلك المواطنة!! وفي إحدى هذه اللحظات شاهدت في التلفاز ما يحصل في العالم، الانطباع الأول الذي سيحصل: أنني سأضحك قليلاً قبل أن أعاود الاستماع.

من أجل ماذا يموت هؤلاء؟! من أجل ماذا تشردّوا؟! لماذا كلّ هذا الفقر؟! لمَ كل هذه الحروب؟! ولمَ نحن شعوب العالم الثالث معنيون دائماً بدفع تلك الضرائب السياسية والاقتصادية والنفسية الباهظة الثمن في وطنٍ أصبحت سموم الحزن والإحباط تجري في عروقه؟!

جميعنا أصبح يعيش اليوم في ظلّ الإمكانيات والموارد المتاحة، ولكن ليس كما يريد أو يحلم على الأقل، فكيف لنا أن نؤمن بأهمية وجودنا كمحرّكٍ ودافعٍ أساسيٍ للحياة والأمل، كيف لنا أن نثق بغدٍ أفضل في ظلّ وعودٍ كثيرة، سرعان ما تتلاشى ويغيب صدى صوتها إلا مما تتركه من أثرٍ قد يبقى عالقاً في أذهاننا جرّاء نكتة سوداء يتداولها الناس فيما بينهم للتخفيف من مشاعر الإحباط والخيبة وعدم الرضا.  وعودٌ لا تنعكس علينا إلا بنتائج حيادية أو سلبية، وتزيد معها من وطأة خوفنا ومعاناتنا فتحمّلنا جميعاً ما لا طاقة لنا به على التأقلم معه للاستمرار والعيش في ظلّ هذه الأوضاع الصعبة!!

وعودٌ بتحسين أجورٍ زهيدة تكاد لا تكفي اليوم لتأمين الاحتياجات الأساسية، وهذا بشهادة من أحد المسؤولين حيث يرى بأنّ جميع الموظفين اليوم وخاصّة ممن يعملون في القطاع العام، قد أصبحوا في صفوف المتطوعين! وعودٌ لتحسين الواقع المعيشي والخدمي والاقتصادي والتجاري الصناعي والزراعي، ووعودٌ أخرى لمحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين!! كلّها وعودٌ لطيفة تنقلنا إلى عالم الخيال الذي نجد فيه مساحات واسعة لنرسم أحلامنا الصغيرة وطموحاتنا المستقبلية، ولكننا سرعان ما نصحو على صوت الواقع منادياً “انتهت مدّة الزيارة- الرجاء من الجميع العودة إلى أماكنهم”.

 

ما هو الذنب الذي اقترفناه لنحصل مقابله على كلّ تلك النتائج؟؟ ما الذي يمنع أن يكون شعارنا الوحيد هو الحبّ والعمل؟؟ تخيّلوا لو تعمّمت هذه الفكرة على هذه الكرة الأرضية، وتحديداً على هذه البقعة الجغرافية التي نحبّها دائماً سورية، هل تخيلتم كم سنكون رائعين؟ انظروا إلى قلوبكم… انظروا إلى أين وصلنا؟

وجعنا هو سورية! أما آن الأوان لك يا حبيبتي أن تكفكفي جراح؟! تعبنا، سئمنا، أحبطنا من كل شيء! ألم نكتفِ من إحصاء أعداد المهدّدين يومياً بنقص أمنهم الغذائي، ألم تشبع عيوننا من متابعة الأخبار الكاذبة، من كثرة المحاولات (العربية والغربية) لإيجاد الحلول للخروج من الأزمة!! إلى متى كل هذا، إلى متى؟؟

ربما الكثيرون لا يعلمون، ومن يعلم حقّاً فإنه سيتهرب من الإجابة الحقيقية. أرجوكم دعونا نتوقّف عن الاستفاضة في خلق مثاليتنا وتصوير أنفسنا على أننا ملائكة بجوانح مقصوصة وهذا يكفي لأن نكون ضحية، ولتحاولوا أن تطلقوا العنان لقلوبكم ونيّاتكم وأعمالكم الحقيقية والصادقة من أجل البدء بمرحلة جديدة كان شعارها الأمل.. الأمل والعمل من أجل السوريين أولاً، فهم البوصلة الوحيدة والآمنة للسير نحو طريق النجاة والبناء.