جديد 4E

حرب المياه

 

يونس خلف

صحيح ان جريمة قطع المياه عن الحسكة من قبل النظام التركي ومرتزقته تهدد المدينة وسكانها بكارثة حقيقية ، لكن الصحيح أيضاً إن نظام أردوغان يواجه مأزق المرتبك ويكتوي بالنار التي أشعلها خارج حدوده ولابدّ أن يرتد لهيبها داخل الحدود التركية بعد أن تبنى حلم العودة إلى العثمانية الغابرة وراح يؤسس من الناحية الجيوسياسة لتركيا باعتبارها (قوة في الوسط) تتلاعب بالعلاقات مع الغرب وبعد أن أصبح واضحاً أن هذا المشروع الذي حلم به أو توهمه ولد ميتاً وأعلن موته على صفحة الحقائق التي يكتبها الجيش العربي السوري بانتصاراته والشعب السوري بصموده . وبالتالي ليس بمقدور أردوغان أن يغير موازين القوى سواء في منطقة الجزيرة أو أي مكان على الأرض السورية التي يطهرها الجيش العربي السوري يوماً بعد يوم من الإرهابيين المرتزقة الذين دفعهم أردوغان عبر الحدود ومولهم بالمال والسلاح ولن يستطيع أن يوقف مسلسل الهزائم الساحقة للإرهابيين الذين اعتمد عليهم طويلاً لفرض مشروعه العثماني الجديد على المنطقة وبات ذلك مستحيلاً بعد أن أدرك العالم كلّه أن إسقاط الدولة السورية صار من الأحلام والأوهام لكلّ من كان يتوهم ذلك . يضاف الى ذلك أن الجيش العربي السوري الذي طهر الأراضي السورية التي دنسها المرتزقة يستطيع أن يهزم مرتزقة النظام التركي ويرغمه أن يسير على أطراف أصابعه في كلّ خياراته المتعلقة بالحرب على سورية وأكثر من ذلك كبح تهوره لعل وعسى يستيقظ من أحلامه.

من هنا لا يمكن الحديث عن المأساة التي يعيشها أكثر من مليون مواطن في الحسكة بمعزل عن مأزق أردوغان ، لأن الحديث عن أي مشكلة أو أزمة ينطلق من نقطتين أساسيتين : الأولى سبب المشكلة والثانية الهدف منها وقد بات معروفاً أن سبب أزمة المياه هو الاحتلال التركي وسيطرة قوات هذا الاحتلال على محطة علوك التي هي المصدر الوحيد لضخ المياه الى مدينة الحسكة ، وبالتالي النظام التركي ورأس هذا النظام أردوغان هو صانع كلّ الأزمات ، فهو الذي فتح بلاده أمام الإرهابيين ليمارسوا القتل والإرهاب في سورية منذ بداية الحرب العدوانية عليها ، وهو الذي يمارس دوره كمجرم حرب ، وهو الذي لطالما قام بتزوير الحقائق واتهام الآخرين بالجرائم التي يرتكبها هو ومرتزقته بحق الشعب السوري ، وأردوغان هو الذي يتحمل مسؤولية تهجير السوريين من أراضيهم ومزارعهم وبيوتهم من خلال ارتكابه الجرائم عبر الارهابيين والمرتزقة.

أما الهدف من قطع المياه فهو الضغط على سكان المدينة والتهديد بتهجيرهم أو استسلامهم وصولاً إلى إخضاعهم للتقسيم وتغيير الهوية واستهداف ثقافة وانتماء ووطنية أهل الحسكة التي لطالما يضرب بها المثل بأنها نقطة قوة كبيرة في النسيج الوطني المتماسك . لكن الحسكة مستمرة بالصمود ومواجهة اكثر من الجوع والعطش واهل الحسكة يدركون تماماً لماذا يستهدفهم أصحاب الرؤوس المتحجرة ، وماهي الأبعاد الحقيقية لقطع المياه ولذلك يواصلون تحديهم لهذا الاستهداف وصولاً إلى فشله وتكسير هذه الرؤوس المتحجرة بالإرادة القوية.

 

صحيفة الثورة – زاوية ( الكنز ) 5 / 7 / 2021 م