جديد 4E

من فضائح أبو غريب إلى فظائع غوانتانامو.. التاريخ الأسود لمهندس الحرب على العراق دونالد رامسفيلد

 

الغارديان : لن يُذكر لرامسفيلد فقط القرارات السيئة التي اتخذها كوزير دفاع، ولكن أيضاً جهوده للتستر المخزي على الحقائق التي لا تتماشى مع الواقع

 

السلطة الرابعة – متابعات :

أُعلنَ في الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء 30 يونيو/حزيران 2021، وفاة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق والأكثر إثارة للجدل دونالد رامسفيلد، عن عمر ناهز 88 عاماً، حيث يعتبر رامسفيلد المهندسَ الرئيسي للحرب على العراق، وكذلك المسؤول الأول عن إغراق الجيش الأمريكي في مستنقع أفغانستان وارتكاب عديد من الفظائع والتجاوزات في كلا البلدين. فمن هو رامسفيلد رجل الحروب المتغطرس الذي طُرد من البيت الأبيض بسبب سجلّه الأسود؟

دونالد رامسفيلد.. وزير الدفاع الأمريكي الأكثر غطرسة

لعب رامسفيلد دوراً رئيسياً في غزو أفغانستان والعراق، وخلال الحرب في العراق، دافع بشكل كبير عن الاعتقاد بوجود مخزونات من أسلحة الدمار الشامل هناك رغم عدم توافر أدلة كافية. كما كانت فترة توليه وزارة الدفاع خلال حرب العراق محل جدل كبير، إذ دعم التعذيب خلال فضيحة إساءة معاملة المحتجزين في سجن أبوغريب.

ويصف تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية رحيل وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، بأنه سيظل مرتبطاً إلى الأبد بأكبر إخفاق عسكري في تاريخ الولايات المتحدة، وهو غزو العراق عام 2003، بحثاً عن أسلحة دمار شامل غير موجودة، إلى إغراق الولايات المتحدة في “مستنقع أفغانستان”، وكذلك الاستخدام الواسع النطاق للتعذيب، الذي ألحق الضرر بسمعة أمريكا منذ ذلك الحين.

وتقول الصحيفة إنه لن يُذكر لرامسفيلد فقط القرارات السيئة التي اتخذها كوزير دفاع، ولكن أيضاً جهوده للتستر المخزي على الحقائق التي لا تتماشى مع الواقع.

حيث أظهرت الوثائق بعد الغزو الأمريكي للعراق، أن رامسفيلد كان مدركاً تماماً للثغرات الهائلة في المعلومات الاستخباراتية حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، لكنه أصر على الاستمرار في تقديم المزاعم والفبركات للجمهور كما لو كانت حقائق مؤكدة.

وقلل رامسفيلد من أهمية المقاومة المتزايدة في العراق ضد الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين، رافضاً إعطاء ذلك أهمية، بعبارة غير مبالية عُرفت عنه: “تحدث الأشياء”، والتي ستظل تطارده بقية حياته.

ويذكر تقرير لمجلة فورين بوليسي أنه عندما طلب منه جيمس روش، قائد القوات الجوية الأمريكية آنذاك، إعادة النظر في دعمه لغزو العراق بخريف عام 2002، قائلاً له: “دونالد، أنت تدرك أن العراق يمكن أن يكون فيتنام أخرى؟!”، ردَّ عليه رامسفيلد بطرده من مكتبه وتعنيفه، بحسب روش.

وكان رامسفيلد “المتغطرس”، الذي كانت رغبته الرئيسية طرد شبح فيتنام إلى الأبد، واستعادة القوة والهيبة الأمريكية في العالم، غاضباً من الاقتراح ذاته. وقال رامسفيلد لروش قبل طرده: “بالطبع لن تكون فيتنام. سوف ندخل ونطيح بصدام ونخرج ببساطة، هكذا يتم الأمر”.

بين العراق وأفغانستان.. ثلاث سنوات ونصف من الكذب والتضليل

وساهم رامسفيلد طول فترته – ثلاث سنوات ونصف السنة – بإصرار منقطع النظير على عدم وجود تهديد خطير بالعراق، في الوقت الذي كان الجيش الأمريكي فيه يتجول في عربات “همفي” خفيفة الدروع بعد عام من الغزو.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2006، اتخذت صحيفة “أرمي تايمز” الأمريكية  خطوة غير عادية بالدعوة العلنية إلى استقالته. وجاء في مقال افتتاحي أن “رامسفيلد فقد مصداقيته مع القيادة النظامية والقوات والكونغرس والجمهور الأمريكي بشكل عام. لقد فشلت استراتيجيته، وقدرته على القيادة معرَّضة للخطر. وعلى الرغم من أن اللوم على إخفاقاتنا في العراق يقع على عاتق وزير الخارجية أيضاً، فإن القوات المسلحة هي التي تتحمل العبء الأكبر من الفشل”.

وتقول “الغارديان” إنه عندما عيَّن الرئيس جورج دبليو بوش، رامسفيلد وزيراً للدفاع في عام 2001، كان يُعتقد على نطاق واسع أنه وزميله المخضرم من إدارة جيرالد فورد، ديك تشيني، سيكون لهما “تأثير معتدل على رئيس قاسٍ وأيديولوجي”.

لكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، برز رامسفيلد وتشيني، مع نائب رامسفيلد، بول وولفويتز، على أنهم دعاة حرب متطرفون مدفوعون بالخوف من أسوأ السيناريوهات مع أساس معدوم في الواقع، لاسيما فكرة أن “صدام كان متحالفاً مع القاعدة، وأنه كان يمتلك أسلحة كيماوية وبيولوجية، وكان على وشك بناء رؤوس حربية نووية”.

بعد كل ذلك، أطلق رامسفيلد – المحبَط من فشل أجهزة المخابرات الأمريكية في التوصل إلى تقارير تؤكد معتقداته – آلية جمع معلومات استخباراتية موازية في البنتاغون تأثرت بشدة بالمعارضين العراقيين بقيادة أحمد الجلبي.

هؤلاء المنفيُّون أنفسهم ساعدوا أيضاً في إقناع رامسفيلد وولفويتز وتشيني بأن القوات الأمريكية سوف يتم الترحيب بها كمحررة بعد سقوط صدام، لـ”وضع حجر الأساس لتأسيس الديمقراطية العراقية”. وبالعودة إلى الوراء، كان رامسفيلد متفائلاً للغاية بشأن الصراع. في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، اعترف بأنه لا يعرف ما إذا كان الأمر سيستغرق خمسة أيام أو خمسة أسابيع أو خمسة أشهر، بينما أضاف: “بالتأكيد لن يستمر أكثر من ذلك”، لكن الحرب المدمرة استمرت سنوات طويلة.

الاحتجاز والتعذيب.. جرائم رامسفيلد من أبوغريب إلى غوانتانامو

خلال سنوات الحرب المزدوجة في العراق وأفغانستان، أدخل رامسفيلد إلى الولايات المتحدة ما يُعرف ببرنامج “أساليب الاستجواب المعزز” سيئ السمعة في التحقيق مع المعتقلين، والذي كان يشمل على نطاق واسع، التعذيب الجسدي والنفسي، بالثقة نفسها التي ادعى فيها وجود أسلحة دمار شامل لدى صدام.

ولم يُؤَكَد رسمياً عدد الذين ماتوا من جرّاء التعرّض لهذا الأسلوب من التعذيب، رغم أن هذا الرقم يُقدَّر بنحو 100 شخصٍ على الأقل. وكان حُراسٌ وسُجناءٌ سابقون في معتقل غوانتانامو قالوا إن الوفيات التي ادّعى الجيش الأمريكي أنها حالات انتحار آنذاك، هي في الواقع جرائم قتل تحت التعذيب. في حين لم تُوجه أي تُهم بالقتل إلى مرتكبي هذه الجرائم أو غيرها من جرائم القتل المرتبطة بالتعذيب التي وقعتْ في كُلٍّ مِن سجن أبوغريب وقاعدة باغرام في أفغانستان.

ولا يزال إرث رامسفيلد في خليج غوانتانامو يثقل كاهل حكومة الولايات المتحدة على مدى عقدين من الزمن، والذي جادل في ذلك الوقت بأنه سيكون “المكان الأقل سوءاً لاحتجاز الإرهابيين المشتبه بهم وأسرى ساحة المعركة” بعيداً عن نطاق الحماية القانونية الأمريكية. وسعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى إغلاق معسكر الاعتقال الذي أصبح مصدر إحراج لواشنطن وعقبة أمام تحقيق العدالة لضحايا 11 سبتمبر/أيلول.

التاريخ لن يرحم رامسفيلد

وفي مذكراته، قبل رامسفيلد على مضض، الاعتراف بأنه وقع في “بعض الأخطاء” حول مزاعم أسلحة الدمار الشامل العراقية، وقال إنه “متفاجئ ومضطرب” عندما علِم بقدر الحقائق التي ذهب إليها المحققون الأمريكيون. ووصف الانتهاكات في سجن أبوغريب التي حدثت في عهده ببغداد بأنها “أحلك ساعة في حياته المهنية بالبنتاغون”.

في النهاية، فشلت مساعي رامسفيلد لمطاردة بن لادن ومساعديه، وقاد الولايات المتحدة نحو عمق المستنقع الأفغاني وورَّطها بحرب مدمرة طويلة الأمد في العراق. وأخيراً، عندما بدأ عدم اهتمام رامسفيلد بأفغانستان والمقاومة العنيفة في العراق يكلفان المزيد والمزيد من الأرواح الأمريكية، طرده بوش في عام 2006.

بعد تقاعده، قدَّم رامسفيلد تجاوزاته وأخطاءه الكارثية التي ارتكبها على أنها “مواطن خلل تحدث” بدلاً من كونها نتائج حتمية لسياساته المتغطرسة. ويوم وفاته الأربعاء 30 يونيو/حزيران 2021، قالت عائلته في بيان النعي: “إن رامسفيلد كان رجلَ الدولة الأمريكية الذي سيذكر له التاريخ إنجازاته الاستثنائية على مدى ستة عقود من الخدمة العامة، وسيذكر له نزاهته طوال حياته التي وهبها للبلاد”.

لكن في الحقيقة، وبكل تأكيد، لن يكون التاريخ متسامحاً مع دونالد رامسفيلد كلما ذكر اسمه، وسيظل يُضرب به المثل في الفشل والخداع وتزييف الحقائق التي قادت لأسوأ الحروب وأكثرها سوداوية في التاريخ الحديث.

 

عربي بوست – خير الدين الجابري

 

========================

 

دونالد رامسفيلد

 

دونالد هنري رامسفيلد  (9 يوليو 1932 – 29 يونيو 2021)، المعروف أيضا باسم دون هو سياسي ورجل أعمال أمريكي متقاعد. شغل رامسفيلد منصب وزير الدفاع الثالث عشر في الفترة من 1975 إلى 1977 في عهد الرئيس جيرالد فورد، ثم أصبح وزير الدفاع الحادي والعشرين في الفترة من 2001 إلى 2006 في عهد الرئيس جورج دبليو بوش. وهو أصغر (وكذلك ثاني أكبر) من يتولى هذا المنصب. وبالإضافة إلى ذلك، كان رامسفيلد عضوا في مجلس النواب الأمريكي لثلاث سنوات عن ولاية إلينوي (1963 – 1969)، ومدير مكتب الفرص الاقتصادية (1969-1970)، ومستشار الرئيس (1969 – 1973)، والممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الناتو (1973 – 1974)، ورئيس موظفي البيت الأبيض (1974-1975).

ولد رامسفيلد في ولاية إلينوي، ودخل جامعة برينستون وتخرج منها في عام 1954، وحصل على شهادة في العلوم السياسية. خدم بعدها في البحرية لثلاث سنوات، وترشح لمجلس النواب عن مقاطعة الكونغرس الثالثة عشرة في ولاية إلينوي، وفاز في الانتخابات في عام 1962 وهو في سن الثلاثين. كان النائب رامسفيلد هو الراعي الرئيسي لقانون حرية المعلومات. وافق رامسفيلد على مضض على تعيينه من قبل الرئيس ريتشارد نيكسون لرئاسة مكتب الفرص الاقتصادية في عام 1969؛ وعينه نيكسون مستشارا له في مركز يوازي مستوى مجلس الوزراء، كما تولى رئاسة برنامج تثبيت الاستقرار الاقتصادي قبل تعيينه سفيرا لدى الناتو. عاد رامسفيلد إلى واشنطن في أغسطس 1974، وعينه الرئيس فورد رئيس موظفي البيت الأبيض. تم تعيين رامسفيلد بعدها وزير الدفاع في عام 1975، واختار موظفا شابا ليخلفه في منصبه القديم، وهو ديك تشيني.

خسر فورد انتخابات عام 1976، وعاد رامسفيلد إلى أعماله الخاصة، وتم تعيينه في منصب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة الأدوية جي دي سيرل وشركاه. وعين لاحقا في منصب الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إنسترومنتس من 1990 إلى 1993، ورئيس شركة غيلياد ساينسز من 1997 إلى 2001.

تم تعيين رامسفيلد وزيرا للدفاع للمرة الثانية في يناير 2001 من قبل الرئيس جورج دبليو بوش. كان يهدف خلال فترة ولايته إلى تحديث وإعادة هيكلة الجيش الأمريكي للقرن الحادي والعشرين. لعب رامسفيلد دورا محوريا في التخطيط لرد الولايات المتحدة على هجمات 11 سبتمبر في الحربين اللاحقتين في افغانستان والعراق. أثار رامسفيلد الكثير من الجدل لاستخدامه أساليب الاستجواب المعزز فضلا عن فضيحة التعذيب وسوء معاملة السجناء في سجن أبو غريب.  فقد رامسفيلد الدعم السياسي تدريجيا واستقال في أواخر عام 2006.

عرف رامسفيلد في الأوساط الإعلامية بصراحته. ونشر بعد تقاعده سيرة ذاتية بعنوان “المعروف وغير المعروف: مذكرات” وكذلك “قواعد رامسفيلد: دروس القيادة في الأعمال والسياسة والحرب والحياة”. وشارك في برنامج زمالة مؤسسة رامسفيلد، التي لديها مستشارون في عشرات الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتدعم عدة قضايا ذات صلة بالجيش.

نشأته

ولد في مدينة إيفانستون في ولاية إلينوي، وأصول جده الأكبر تعود إلى ألمانيا التي هاجر منها إلى أمريكا في القرن التاسع عشر.

سياسته

يعتبر رامسفيلد واحد من أهم الأعضاء في ما يسمى بالصقور أو المحافظون الجدد وهو من المؤمنين بالإمبراطورية الأمريكية وباستخدام القوة لتحقيق الغايات . وهو من أطلق على أوروبا لقب القارة العجوز. تتهمه جانيس كاربينسكي الضابط في سجن أبو غريب بأنها رأت بأمِ عينيها مذكرة موقعة من دونالد رامسفيلد حول استخدام وسائل الاستجواب القاسية ضد المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب، ومهمشة من قبلهِ والتأكيد على الألتزام بالتنفيذ، حيث أكدت الوثيقة على اجبار المعتقلين بالوقوف لوقت طويل، ومنعهم من النوم وعدم تقديم وجبات الطعام لهم بشكل منتظم، واسماعهم موسيقى بصوت صاخب جداً، لإشعارهم بالانزعاج وعدم الراحة.

كما أشتهر رامسفيلد بالتسبب في قتل آلاف البشر خلال حرب أفغانستان وحرب العراق كما أمر بوضع السجون السرية الأوربية والاعتقالات السرية، وتسبب باعتقال اعداد كبيرة من البشر واستخدام جميع اساليب التعذيب خلال الاستجواب ومن ناحية أخرى أسس أكبر معتقل بالعالم وهو معتقل خليج غوانتانامو الذي أمر باستخدام جميع أنواع أساليب التعذيب ومنها الاغتصاب وأستخدام الكلاب، والضرب، والصعق بالكهرباء، والقتل خلال استجواب المعتقلين داخل المعتقل، وحرمان جميع المعتقلين من محاكمة عادلة.

كما أشتهر رامسفلد بتأسيس سجن أبو غريب خلال غزو العراق، وأشتهر السجن باستخدام جميع أنواع أساليب التعذيب حتى يشمل التعذيب قتل المعتقلين العراقيين كما فضحت ذلك صحيفة نيويورك تايمز إذ قامت بتسريب عدد كبير من الصور داخل السجن واستخدام جميع أنواع التعذيب في حق المعتقلين و… لم يقدم رامسفيلد إلى المحكمة أو محاكمته على جرائمه.

وفاته

توفي يوم 29 يونيو 2021 عن عمر ناهز 88 عامًا.

 

( الموسوعة العالمية – ويكيبيديا )