جديد 4E

براعة الترويج

 

 علي محمود جديد

تهدر السورية للتجارة الكثير من جهودها ووقتها من أجل توزيع المقننات الغذائية من أرز وسكر، وأحياناً زيت، وببعض الأحيان شاي، ففي بعض فترات التوزيع نرى جماهير غفيرة تتجمع عند بوابات الصالات ومنافذ المراكز بانتظار دورهم للحصول على مخصصاتهم من تلك المواد المنخفضة السعر.

السورية للتجارة تُشكر على هذه الجهود طبعاً، ولكنّها في الواقع هي تتكبدها بلا فائدة وبلا طائل، إذ تزجّ بنفسها في هذه القضية وتركز الجهود حولها لتنسى بقية أعمالها التي من المفترض أن تكون قوية ومؤثرة في السوق.

احتكار السورية للتجارة لعمليات توزيع وبيع هذه المواد بهذه الطريقة لفت الانتباه كثيراً إلى هذه المؤسسة الضخمة، لا كمتدخّل قوي في السوق، وأحد أهم المقاصد للمستهلكين كي يبتاعوا مما عندها لأنه أفضل من السوق وأقلّ سعراً، وإنما كموزّع لهذه المواد، فأغلب الناس يقصدون تلك الصالات والمراكز، ليأخذوا مخصصاتهم وينصرفون، والمؤسسة بطواقمها تكون منشغلة أكثر من أي انشغال آخر بتنفيذ مهمة توزيع المقنن الغذائي، وهنا الخطأ الكبير الذي نعتقد بأنه ينعكس بشكلٍ سيئ على المؤسسة وأدائها، ويصادر باقي المهام الكبرى الأخرى التي باتت مهملة، والتي كان يمكن للسورية للتجارة أن تتقدّم في أدائها وتطور نفسها بنفسها من خلال تلك المهام المهملة، وصولاً إلى فرض وجودها كمتدخل أساسي وإيجابي في السوق فعلاً.

نعتقد أن السورية للتجارة لن تتمكن من الوصول إلى مثل هذه النتائج الإيجابية إلا إن تقيدت بمسألتين مهمتين:

الأولى:

إعادة النظر بتوزيع المقننات الغذائية بهذه الطريقة، وقيام السورية للتجارة بإعفاء نفسها من هذه المهمة المتعبة وغير المجدية، من خلال اكتفائها بلعب دور تاجر الجملة، أي توزيع المواد الغذائية المقننة على التجار في كل مكان لتقوم المحال التجارية هي بتوزيع تلك المواد على المستهلكين، طبعاً ضمن عملية ضبط تضمن وصول المواد لأصحابها وعدم قيام التجار بالمتاجرة بها، وهذا ممكن جداً بطبيعة الحال من خلال الميزات التي تفرضها البطاقة الذكية، إذ يمكنها أن تمنع أي تلاعب مهما كان صغيراً أم كبيراً.

الثانية:

على السورية للتجارة – كما نعتقد – أن تهتم أكثر بقضية جذب الزبائن إليها والإفصاح بشكل واضح وتفصيلي عما عندها من مواد وميزات تختلف عن السوق، وذلك عبر الإعداد لبرنامج تسويقي وترويجي مكثّف يُفصح عن هذه الأمور ويشكّل عند الناس معارف وقناعات تدفعهم بالنهاية للانجذاب أكثر نحو مجمعات وصالات ومراكز السورية للتجارة، وترك الأمور هكذا، لن يجدي، وستبقى تلك المراكز والصالات شبه منسية ومتروكة للصدف أكثر مما تكون من المقاصد التي يتوجه إليها المستهلكون عمداً ولأهداف محددة.

السورية للتجارة طاقة هائلة لا يزال الكثير منها كامناً يحتاج إلى براعة التحريض والترويج وحسن الأداء.

 

صحيفة الثورة – زاوية ( على الملأ ) 27 / 6 / 2021م