جديد 4E

الأشباه .. وما شابه

 

علي محمود جديد :

على من أتى ببدعة أشباه الألبان والأجبان – سواء كان فرداً أم فريقاً – أن يكون صابراً مهما بلغت المرارة في ذلك الصبر، وأن يتماسك نفسياً لعله ينتصر قدر الإمكان على ذلك الإحباط الناجم عن الفشل الشديد الذي طوّقه من كل حدبٍ وصوب.

ليست قليلة هي هذه الصدمة الناجمة عمّا خالهُ صاحب البدعة مبادرة رفيعة المستوى وتطرحُ حلاً معقولاً ومنشوداً بالوصول إلى إمكانية طرح مواد استهلاكية شديدة الطلب ومنخفضة السعر وقابلة للاستهلاك البشري عبر آلية رقابية ضامنة لسلامة الغذاء، وهذا كله في ظل هدير أمواج الغلاء الفاحش الذي يملأ الأسواق صراخاً من كل زواياها وصخباً من محالها وبسطاتها المتواضعة، وكان الأمل بإيقاف ذلك الهدير والصراخ، أو على الأقل بالتخفيف منهما وخفض عيارات الصوت العالية أمام بديل متاح يزيد من خيارات المستهلك بثقة وأمان .. إن رغب بذلك، وإن لم يرغب فلا داعي للصراخ أمام خياراته.

غير أن صاحب البدعة لم يتوقع أن تكون هذه المبادرة – الحسنة النيّة على الأرجح – هي الفخّ الرهيب وغير المحسوب الذي أوقع به في مستنقع ذلك الهدير نفسه، وبدلاً من خفض الصوت انفلتت عياراته من عقالها احتجاجاً على هذه الفعلة التي اعتبرها الكثيرون شنيعة وبغيضة تنضوي على الاستهانة بكرامة المستهلكين، وخفضاً لقيمتهم الإنسانية، وإلى ما هنالك من الاعتبارات الطويلة العريضة التي اشتعلت بها مواقع التواصل الاجتماعي ورأيناها وقرأنا الكثير منها جميعاً، حتى أن وزير التجارة الداخلية لم يسلم من الصراخ عليه عندما أصدر قراراً بإيقاف العمل بتلك الأشباه.

الآن وبعد أن هدأت الأمور نوعاً ما تجاه هذه القضية، عقب قرار الوزير بإيقافها، أخشى أن نندم نحن على ما فعلناه بأنفسنا، وأخشى بعد حين أن نستفيق لنكتشف أن الاعتراض لم يكن إلا على التسمية فقط، لأنها بالفعل تسمية غير موفقة أبداً ( أشباه ) هي مفردة بشعة واستفزازية فعلاً، ولكن من حيث المبدأ فلا جديد في الأمر أصلاً، هو تصنيف معين لسلعٍ محددة ومحدودة بمواصفات واضحة وبأسعار مختلفة ارتفاعاً وانخفاضاً، وأهم ما يمكن أن يدور حول هذا الموضوع هو الثقة بالصلاحية، وهذا ما كان علينا التركيز عليه والبحث به، فهناك الكثير من السلع في أسواقنا وأسواق غيرنا تكتسب درجات مختلفة في النوعية وفي السعر، وتشكّل خيارات عديدة مطروحة أمام المستهلكين، لا هي إلزامية ولن تكون بديلاً عما هو موجود، هي فقط تزيد من مروحة الاختيارات، ولعل أبرز مثال على ذلك في أسواقنا هو الخبز، الخبز العادي المدعوم، والسياحي، والتنور، والصاج، وخبز القمح الكامل، وخبز النخالة، وخبز الشعير، والصمون، وما إلى ذلك، كله اسمه خبز، ولكن لكل نوع مواصفة وسعر مختلف ومتباين، والذي بادر إلى اختراع هذه الأنواع من الخبز لم يُسمِّ أي نوع ( شبه خبز ) رغم أن خبز الشعير وخبز النخالة وحتى الصمون من أشباه الخبز، فبقيت المسألة في إطار القبول عند الناس، ولذلك نعتقد أن على متخذي القرارات أن يكونوا أكثر دقة وعناية حتى بتحديد الأسماء، واختيارها بطريقة ذكية وجذابة .. ( قال أشباه قال .. !! أصلاً بتستاهلوا هيك زفّة )