جديد 4E

أسواق… للفقراء!

 

كتب زياد غصن :

ما عجزت عنه وزارة التجارة الداخلية أنجزته وزارة الأوقاف… وبنجاح.

وأقصد هنا تجربة سوق رمضان الخيري، والتي تمكنت من خلالها وزارة الأوقاف بالتعاون مع الفعاليات الاقتصادية الخاصة من جمع عشرات الشركات المحلية المعروفة، وتقديم تشكيلة سلعية بأسعار تقل عن نظيرتها في السوق المحلية بنسب متفاوتة.

البعض قد يقول: وما علاقة وزارة الأوقاف بهذا الأمر؟

هي فعلاً ليس لها علاقة بملف التجارة الداخلية، لكن لا يمكن إنكار ايجابية تلك المبادرة، التي يفترض تقييمها بمسؤولية وموضوعية، بغية البناء على نتائجها في تأسيس مشروعات ومبادرات مشابهة تنتشر جغرافياً، وعلى مدار العام.

منذ سنوات ما قبل الحرب، ونحن نطالب بتنظيم فعاليات تسوق موجهة لذوي الدخل المحدود، كما هو الحال في بعض الدول العربية. ومع أن هذه الفعاليات أصبحت أكثر أهمية منذ العام 2015 نتيجة ظروف الحرب، إلا أن الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية بها لم تعرها أي أهمية، باستثناء فعالية “صنع في سورية” التي تنظمها غرفة صناعة دمشق.

في تجربة سوق رمضان الخيري ما يستحق التوقف…

أولاً وعلى عكس ما يشاع ويعمم، فإن هناك جزءاً لا بأس به من القطاع الخاص لديه قابلية التجاوب مع المبادرات والخطوات الصادقة والداعمة لذوي الدخل المحدود. ولا يعنيني هنا إن كان تجاوبه مع وزارة الأوقاف تم لأسباب دينية أو اجتماعية، فالمهم برأيي أن هناك أسراً كثيرة استفادت في نهاية المطاف من هذا التجاوب، وهي بلا مبالغة بالآلاف.

وهذا يعني أنه على الوزارات والمؤسسات الحكومية أن تعرف كيف تحفز القطاع الخاص على التجاوب معها في أي مشروع وطني، هدفه دعم الشرائح الفقيرة وذات الدخل المحدود ومساعدتها.

ثانياً إن ضمان حدوث تفاعل شعبي ايجابي مع المشروعات ذات البعد الاجتماعي لا يزال ممكناً، وهذا تؤيده مبيعات سوق رمضان الخيري بدمشق، التي وإن كانت لا تزال قيمتها غير معروفة، إلا أنها كانت واضحة في حركتها اليومية.

ثالثاً وهو أيضاً استنتاج هام، ويتعلق بجدوى الاستثمار للعقارات والأملاك الحكومية، فالنجاح في هذا الملف لا يأتي دوماً من إجمالي قيمة العقود التي توقع مع مستثمرين محليين وأجانب فقط، وإنما من انعكاس ذلك الاستثمار على حياة الناس وأسرهم. وتجربة استثمار أرض مدينة المعارض القديمة في العاصمة لإقامة فعالية تسويقية تخدم ذوي الدخل المحدود خير مثال على ذلك.

باختصار…

إن تجربة سوق رمضان الخيري، وقبلها فعالية “صنع في سورية”، أثبتت أنها أكثر فعالية وجدوى من صالات ومجمعات المؤسسة السورية للتجارة، التي ينفق عليها بالمليارات من دون أن يلمس المواطن ذلك الفارق الذي ينتظره!

لذلك فإن المقترح لتحقيق تدخل ايجابي حقيقي في السوق المحلية هو الاتجاه لإقامة أسواق تسوق جديدة، تقوم فكرتها على تقديم الحكومة الأرض والخدمات مجاناً مقابل بيع الشركات منتجاتها بأسعار التكلفة، وهو مبدأ يتقاطع كثيراً مع فكرة المناطق الصناعية،… أو تشجيع إقامة مولات تجارية مخصصة لذوي الدخل المحدود.

هناك أفكار كثيرة لكسر ظاهرة تحكم الأسواق التجارية التقليدية بالأسعار، ورفضها التجاوب مع المبادرات الكثيرة التي أطلقت منذ أشهر… إلا أن ذلك يعتمد على المساحة التي تشغلها مصالح الطبقات الفقيرة وذات الدخل المحدود في الأولويات الاستثمارية للحكومة.

 

موقع فينكس